بقلم د فالح الكيلاني:
( بثينة بنت المعتمد بن عباد ) هي بثينة بنت المعتمد على الله ابو القاسم محمد بن عباد بن احمد بن إسماعيل اللخمي حاكم ( إشبيلية ) و( قرطبة ) وما حولهما . الشاعر المعروف نشأت في بيئة ادبية فكانت شاعرة ظريفة فلا عجب إن أُشربت حُب الشـعر في نفسها منذ طفولتها . شاعرة درجت في بيئة تبرعمت في رحابها الكلمة المجنحة والحرف الرائع و النغم الجميل ، فكان ابوها شاعرا وامها شاعرة فهي شاعرة بنت ملك وشاعر مطبوع، وبنت شاعرة ظريفة، فلا محالة إذا أشرقت شمس الشعر في نفسها فاحبت الشعر مذ كانت برعما يتفتح للحياة، وغذى ملكتها الأدبية المحيط الشاعري الرغيد لذلك لذا اكتست شاعريتها و تعبيرها بالرقة والجودة، وتكونت في ثناياه عاطفة ندية. لبثت بثينة الشاعرة الرقيقة تعب من الحياة حلاوتها إلى أن دق ناقوس الخطر معلنا النهاية المحتومة إذ حلت بأبيها النكبة المعروفة بازالة ملكه ونفيه اسيرا الى المغرب وذلك سنة \484هجرية – 1091ميلادية . فأصبحت شاعرتنا من جملة العبيد والسبايا تباع في الأسواق، ورضخت لذلك ولم تعلن عن نفسها . واشتراها رجل من إشبيلية فوهبها لابنه، ولكنه لما أراد البناء بها امتنعت وأعلنت عن نفسها وقالت له: -لا يكون ذلك إلا بموافقة أبي وبعد هذا كتبت له أبياتا تحكي فيها قصتها في أسى: اسمع كلامي واستمع لمقالتي فهي السلوك بدت من الأجياد لا تنكروا أني سبيت وأنني بنت لملك من بني عباد ملك عظيم قد تولى عصره وكذا الزمان يؤول للإفساد لما أراد الله فرقة شملنا وأذاقنا طعم الأسى من زاد قام النفاق على أبي في ملكه فدنا الفراق ولم يكن بمراد فخرجت هاربة فحازني امرؤ لم يأت في إعجاله بسداد إذ باعني بيع العبيد فضمني من صانني إلا من الأنكاد وأرادني لنكاح نجل طاهر حسن الخلائق من بني الأنجاد ومضى إليك يسوم رأيك في الرضى ولأنت تنظر في طريق رشادي فعساك يا أبتي تعرفني به إن كان ممن يرتجى لوداد وعسى رميكية الملوك بفضلها تدعو لنا باليمن والإسعاد وعندما وصلت الأبيات إلى أبيها وهو في غياهب المنفى اذ نفاه يوسف بن تاشفين من الاندلس بعد الاستلاء على مملكته واغتصابها الى المغرب مقيما في مدينة (اغمات) حيث ثقلت عليه أحزانه ب(أغمات ) بعد ان فقدها في زحمة المنفى والتشريد فلما قرأ ابياتها سر هو وأمها سرورا كثيرا وفرحا فرحا عظيما غامرا إذ علما أن ابنتهما ما زالت على قيد الحياة فكتب إليها يبارك لها فيه زواجها: بنيتي كوني به برة فقد قضى الدهر بإسعافه عليك بأهل البيوتات.. فعاشت في كنف زوجها وماتت في اوائل القرن السادس الهجري