لايشك أحد أطلاقا بقدرة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز على تهيئة عوامل نجاح شقيقه الملك الحالي سلمان الذي أراد له أن يخلفه دون منغصات، فكان أن إقترح تنصيب ولي لولي العهد ليكون الحكم مستقرا خاصة وإن المملكة تواجه مخاطر عدة سياسية وإقتصادية وتهديدات أمنية تعدت فكر القاعدة الى قرار بإعلان الخلافة من تنظيم لم يكن في الحسبان ظهوره في هذه المرحلة بسبب التهاون بإعتبار إن عوامل صعود الفكر الديني المتشدد الذي يخشى مراقبون أن لايتمكن الملك الجديد من مداراته وتخفيف مايترتب عليه يتأكد يوما بعد يوم. هذا التيار يضم مجموعات شبابية منفعلة متدينة تنهج طريقا مختلفا، وهي لاتعادي كثيرا فعل القاعدة ونهجها. الأدهى أن هولاء منهم دعاة شبان يتبنى بعضهم فكر تنظيم داعش الذي يسعى للإطاحة بنظام الأسرة السعودية في المملكة ليقيم بدلا عنه نظام الخلافة الذي عمل عليه في سوريا والعراق منذ نصف عام حيث ترسخ في الرقة نظام ديني متشدد ومرعب وقاس فرض الكثير من السلوكيات المشينة التي تسبب بتشويه صورة الإسلام، وعكست ذلك في هجوم مباشر على الغرب وأتباع الديانات الأخرى بإيحاء من هذا الفكر المتشدد.

الملك سلمان بن عبد العزيز يتوخى الحذر في خطواته، لكنه يبدو في حال من الوثوق، فالملك الراحل لم يكلفه عناء البحث عن ترتيبات مابعد رحيله، وجرى التوافق على تعيين ولي للعهد هو الأمير مقرن، بينما كلف وزير الداخلية القوي محمد بن نايف بن عبد العزيز بولاية ولاية العهد… تحت إسم (ولي ولي العهد) في خطوة لتأمين الإستقرار، وتجاوز للخلافات التي قد تنشب. الأسرة الحاكمة لم تعد مكونة من أسر صغيرة، وهناك آلاف الأمراء منها يتوزعون في أنحاء المملكة والعالم، ويحكمون المناطق والمحافظات المترامية في الشمال والغرب والشرق والجنوب.

يراقب الجميع مايجري من ترتيبات في البيت السعودي، بينما تتصاعد الأحداث في الجوار، ففي الشمال هناك تصعيد لفعل تنظيم الدولة، وفي الجنوب يتقدم الحوثيون بخطوات قوية، ويسيطرون على المناطق ومنها العاصمة صنعاء التي لم يكن من أحد أن يتوقع سقوطها السريع بيد المجموعات الحوثية القادمة من صعدة، وفوق ذلك لاتحتفظ الرياض بعلاقات جيدة مع بعض الخليجيين كالقطريين والعمانيين، وتتشابك مع الأتراك حول الملف المصري والسوري والعراقي والليبي، بينما تعاني كثيرا من قوة إيران المتنامية وتجاهل الأمريكيين لمخاوفها التي تجسدت بإتفاق غير مسبوق بين المجموعة الدولية وطهران حول ملفها النووي، وهو مايشكل الهاجس الأكثر رعبا في هذا السياق.

فهل ينجح الملك سلمان ليكون الخليفة القوي لملك رحل قويا؟