سرهات شكري باعدري :

 

يَحكىّ بأنه كان في بلاد الفارس القديمة تقليد وعرف في الزواج متعارف عليه في حقبة زمنية معينة وأجري العمل بهذا التقليد على المنوال التالي . حينما يبلغ الفتى أو تبلغ الفتات سن الزواج ويرغبون في ألآقتران يتم تسجيل أسماءهم لدى شيخ من شيوخ القرية مختص في هذه ألآمور ومن يطلب الزواج يقصد مجلس هذا الشيخ ويقال بأنه شاءت الصدفة في أحدى ألآيام بأنه ذهب شاب الى شيخ القرية بقصد الزواج وكانت لدى الشيخ أسماء ثلاثة من الفتيات من أهل القرية راغبات في الزواج .فأرسل الشيخ في طلبهن لحضورهن وابداء رأيهَن في هذا الشاب فحضرن الثلاثة وبدء الشيخ يسال الفتاة ألآولى عن ما تمتلكه ،فقالت ألآولى بأنه لديها فرس أي حصان أو جواد او خيل كما يطلق عليه ايضاً، وجاء دور الفتاة الثانية بالسؤال من قبل الشيخ فكانت ألاجابة بأنها تمتلك بقرتين ولما جاء دور الفتاة الثالثة تلخصت أجابتها الى الشيخ الجليل بأنها تمتلك بستان وهو عبارة عن مزرعة صغيرة وبعد انتهاء الشيخ من أجابتهن جاء دور الفتى بالسؤال وسأله الشيخ يا بني لقد سمعت الى أجابة الفتيات الثلاثة وألآن السؤال موجه اليك أي من الفتيات الثلاثة ترغب بأن تكون شريكة حياتك وزوجتك في باديء ألامر تأمل الشاب بعض الشيء وصفن برهة وسرعان ما أجاب على سؤال الشيخ . يا شيخي الجليل اليس بأستطاعتي أن أمتطي جوادي وأسرجه اي أركبه وأقودّ البقرتين من أمامي وأذهب الى مزرعتي وبستاني بمعنى ومرادف اخر بانه يرغب الزواج من الثلاثة صاحبة الفرس والبقرتين والبستان .

لو ترجمنا هذا المثل الى لغة الواقع اليوم وقارناه مع ما يجري في موازنة أقليم كردستان نجد تشابه الحالة في جشع المفسدين والتلاعب بمقدرات الشعب ودعونا نوضح لكم ألآمر .         يستحوذ ألآقليم على حصته من الموازنة البالغة 17% من الحكومة المركزية أضافة الى مبيعات النفط ومشتقاته من تحت العباية وبالآسود وعن طريق الحاويات (التنكرات ) التي تعمل ليلاً ونهاراً بين الاقليم وايران من جهة وتركيا وألآقليم من جهة اخرى ناهيك عن واردات المداخل والمخارج الكمركية في ابراهيم الخليل وحاج عمران . و لكن أن أوجه ألآختلاف بين الحالتين، ان الفتى أراد الزواج عن شرع الله لكن المسؤلين يختلسون خارج عن الشرع والانسانية ولا يشبعون مهما اختلسوا من أموال الفقراء والمساكين وهناك المئات مثل أشتي هورامي وزوجته جراخان انه ليس الوحيد في ساحة الاختلاس كما كشف عنه النقاب بألآمس لكي يغض النظر عن غيره من المختلسين للاموال وبيع صفقات النفط ، يقال بأنه في الستينات وإبانّ حركة التحرر القومي بزعامة ألآب الخالد ملا مصطفى البارزاني كثرت الشكوك حول احدى المسؤلين المالين المقربين منه حيث وصلت عنه الشكاوي الكثيرة الى الخالد مصطفى البارزاني فكانت اجابة الزعيم الخالد بأنه اخلتس ألاموال وقد شارف كيسه على حافة ألآمتلاء عسى ولعل بأنه يشبع ويقلع عن السرقةوألآختلاس وليس بأستطاعتي جلب مسؤل جديد يبديء من نقطة الصفر فمتى سوف يمتليء حقيبته و يصل كيسه الى مشارف ألآمتلاء وألآشباع فدعوه فهو أجدر من غيره لربما يشبع   . والغريب في الامر اليوم لا توجد اكياس بل أرصدة في البنوك التي لا تمتليء ولا تشارف على ألآمتلاء وألآشباع من قبل المسؤولين. لكي يرحلوا ويأتي غيرهم ان كان احسن حالاً أو أتعس منهم .

الحكومة في ألآقليم تدفع الرواتب منصفة للطبقات ألادنى والطبقات العليا تلعب بالاموال . شاع موخراً على شبكات التواصل الاجتماعي من باب السخرية والمزاح بعد جعل الرواتب منصفة بأن الموظف بدء يطلب من بائع محلات الاحذية بشراء فردة حذاء واحدة وحيمنا يسأله البائع لماذا فردة واحدة يقول الموظف لانه قبض نصف الراتب هذا الشهر أو كما يقول البعض بأنه سمعنا عن نصف كيلو طماطة ونصف كيلو بصل وخيار لكن لم نسمع عن نصف الراتب أنه عراق وكردستان المعجزات وكما يقال يا ما تحت السواهي دواهي .

قبل أيام أعلن عن البنك المركزي العراقي بانه تم منح مائة كيلو غرام من الذهب للآطلاء مرقد ضريح الامام علي (ع) ضمن المرحلة الاولى من ترميم العتبة المقدسة والشعب العراقي يمر في أتعسّ الضروف من جميع النواحي وعلى كافة ألآصعدة . السؤال المنطقي الذي يطرح نفسه على المليء والبعيد عن المزايدات الطائفية. من سمح للبنك المركزي لتبرع بهذه الكمية من الذهب ،المرجعية ، السلطة ، البرلمان ام اي جهة اخرى لها الصلاحية ام أن هذه ألاموال كانت خيرات وهبات وصدقات زوار العتبات المقدسة وليس لها علاقة بالمال العام والتي تعتبر ضمن موارد الوقف الشيعي   التي تجني من ريعّ أملاكها التي سجلت ضمن أملاك الوقف الصرفة. يقيناً لو أن الامام علي بن ابي طالب (ع) صاحب المقولة التأريخية ( لو كان الفقر رجلاً لقتلته ) حياً لما رضي بالذهب بل كان يهبه الى جياع وفقراء المخيمات والنازحين الذي يعانون اقسى الضروف من برد الشتاء القارس ورمض صيفه الذين يفترشون ألآرض ويلتحفون السماء .  

أو لربما يبدوا هذا المنعطف تكتيكاً و سيناريو جديد بأسم الدين للاختلاس بعد أن اكتشف سر العقود التجارية في استراد ألاسلحة وبناء مشاريع المدارس وتزويد النازحين بالثلج في الصيف والتي بلغت أموال طائلة والمغلوبين على أمرهم لم يشاهدوا ولو ربع قالب ثلج ليثلجوا من ضمئهم ماء الحاويات في المخيمات التي بلغت درجة الغليان في كثير من ألآحيان.

ما برح و نحن في صدد الكلام عن أموال الوقف والخيرات والزكاة والهبات لدور العبادة. دعونا ان نتعرج بعض الشيء الى خيرات لالش وزيارات الطاؤس في جولاتها بين المناطق الايزيدية وأيجار المزارات وبيع المناصب الدينية التي سوف نتطرق اليه في مواضيع لاحقة بشكل مفصل وجشع المتسلطين عليه من قبل جهات معينة وتحديداً من قبل سمو ألآمير منذوا ما يقارب اكثر من قرن التي تم تغير تسميتها ببدعة الصندوق مؤخراً والسؤال هنا ألآ يعتبر هذا ايضاَ ضمن سياق الفساد المالي والاداري الذي شاع مؤخراً في العراق. ألآ يحق للوقف ألايزيدي محاسبتهم على هذه ألآموال التي تعد من أموال الجياع ألآيزيدية لو فرضنا بأنه في اليوم الواحد لو أنفق على غرار ما يجري ضمن مشروع بترو دولار، دولاراً واحد يومياً من هذه الخيرات كم كان يبلغ واردات الوقف ألآيزيدي خلال مائة عام المنصرمة هل تعلمون بان معبد لالش اليوم يمر بشحة من الموارد المائية ومتوقف عنه تزويد وأسالة الماء من ألابار ألارتوازية التي حفرت في أملاك وأراضي القرى المجاورة من غير ألايزيديين مؤخراً ولذالك لعدم قيام العاملين من هذه القرى على ضخ المياه وتشغيل المولدات لانهم لا يتقاضون ألآجور ويشترطون بأضافتهم على ملاك دائرة الماء والمجاري والا لن يتم تشغيل مضخات الماء التي يعتمد عليه سقي بساتين الزيتون في معبد لالش في فصل الصيف . يقيناً لو كان شيخ العارفين (ع) شيخ عدي حياً لما طلب من مقتني أمواله وهباته بطلاء وكساء معبده وضريحه بالذهب والمرمر بل لتمنى بحفر بئر ارتوازي لتسقى منه بساتين الزيتون الذي يستخدم زيوتها في أيقاد القناديل والمشاعل ليبقى المعبد مضيئاً على الرغم من الظلمات التي مر بها مريدوه من جراء ألآبادات المتلاحقة .؟!!