اقتربنا من انتهى عقد من الزمان , على التجربة الحياة البرلمانية في العراق , واستعراض المحصلة النهائية من العمل البرلماني , كاحد السلطات الثلاث ( التنفيذية والتشريعية والقضائية ) التي تشرف على قيادة العراق ورعاية شؤونه ومصالحه وحياته اليومية , ثبت بالادلة والبراهين , بان هذه التجربة الوليدة , لم تصمد وتقف على قدميها بجدارة , امام التحديات التي واجهت العراق , ولم تكن بالمستوى المطلوب , في المهام والمسؤوليات , التي هي بذمتها , ولم تسعف هذه التجربة المسار الديموقراطي , في التعامل والسلوك , ولم تكن فعالة في المسرح السياسي , او في مواجهة المشاكل والازمات , والسعي المخلص لمعالجتها , او الاسهام في حلها , او في تخفيف من حدتها وسخونتها , او البحث عن طرق موضوعية , تؤدي الى الانفراج , ولم يكن البرلمان امينا ووفيا على الاعراف والتقاليد الديموقراطية , فقد فشل فشلا ذريعا حتى في تأمين الحد الادنى منها , داخل جلسات البرلمانية , ولم يكن عمله مثمرا وبناءا , في الاستقرار السياسي للوطن , فقد اخذته الغزوات الطائفية , والنزاعات الطائفية , والثقافة الطائفية , والصراع السياسي العنيف , بان ينحرف البرلمان كثيرا عن الهدف المرسوم له , بل صار جزء من الخلاف والتنافر والخناق , وابتعد بان يكون صمام الامان وحامي للوطن والشعب , واصبح بالضد من الاهداف المشروعة للشعب . بتحقيق الحرية والحياة الكريمة , والمساهمة الفعالة في تقديم الخدمات , من خلال القوانين والتشريعات والتوصيات , التي هي من صميم مشاكل الشعب , وكان دوره ضعيف او مفقود , ضمن الفوضى السياسية العارمة . في متابعة الدور الرقابي والاشرافي على عمل الوزارات ومؤسسات ومرافق الدولة , وحتى لجنة النزاهة البرلمانية , ضاعت وتاهت وغرقت , في بحر الفساد المالي والاداري , الهائج والمتلاطم , وتحول البرلمان الى وكالات تجارية وسمسرة , تحسب حساب الربح والخسارة . فقد انفصل بشكل تام , وقطع العلاقة والتواصل مع الشعب , فصار يعيش في واد والشعب في واد اخر , ليس له علاقة بالعراق واهل العراق , اية صلة اورابطة , لذلك تعمقت وتفاقمت المشاكل والازمات , ووصلت الى حد ان تعصف بالعراق , وتأخذه الى طريق مجهول , محفوف بالاخطار والالغام , ولكن اعضاء البرلمان من ناحية اخرى , اصبحوا يدافعون بشراسة وضراوة عن حقوقهم وامتيازاتهم الشخصية والذاتية , بالتعصب الاعمى الشديد . فكثرت طلباتهم المالية , حتى وصلت اقصى درجات اللامعقول والفنتازيا المجنونة , فتحولوا الى لصوص من الطراز الاول , وفي امتهان حرفة الاحتيال والابتزاز ببراعة ندرت وجودها في كل دول المعمورة , واصبحوا اصحاب اموال ضخمة وشركات ومقاولات , واسهم وعقارات وارصدة كبيرة في المصارف والبنوك الاجنبية , واضحوا عبيد الدينار والدولار , والسحت الحرام . لذا على الشعب الذي اختار هؤلاء ووضعهم في قبة البرلمان , ان ينزع الثقة عنهم , ويسحب البساط عنهم لمعاقبتهم , ويشطبهم من قاموسه , بعد ان شطبوه من قاموسهم وانكروه وتعالوا عليه , واستخفوا واستهتروا به , وذلك بانتخاب دماء ووجوه جديدة , بعد التحري والتمحص , والتدقيق في سجلهم السياسي والاخلاقي والاجتماعي , وان لا تنطلي عليه لعبة الانشقاق والانتقال والانضمام الى كتل سياسية اخرى , انها مناورة بالمكر والخداع السياسي , بالانتقال الوجوه القديمة من كتلة او قائمة اخرى , كأن العراق يعاني من الجدب والعقر , في تواجد الافياء والشرفاء والمخلصين لتربة هذا الوطن , ان هذه الحيل السياسية , بحجة الانفصال من قوائمهم وانتقال الى قوائم اخرى , من اجل استمرارهم في نعيم المال والامتيازات والنفوذ , ان حال العراق السياسي الحرج والعصيب , لايتحمل استمرار هذه الوجوه القديمة في المسرح السياسي , ينبغي رفد البرلمان القادم , بدماء جديدة من اجل العراق واهل العراق.