من اين جاء اسم بغداد؟  وماذا يعني؟ تلكم اسئلة خطرت وتخطر في بال الكثيرين من الباحثين والمؤرخين، ولابد من البحث عن جواب شاف عنها، وسنستعرض فيما ياتي  بعض او الاراء في التسمية واصلها ومغزاها. يقول الباحثان العراقيان المعاصران الاستاذان : د. مصطفى جواد، و د. احمد سوسة في بحثهما المشترك “تخطيط بغداد في مختلف عصورها” في كتاب “بغداد” وفي فقرة اولى تحمل عنوان “بغداد في ادوارها الاولى”. اختلف المؤرخون قديماً وحديثا في بيان اسم بغداد وتعيين معناه فمنهم من قال ان اصله “بعل جاد” باللغة البابلية ومعناه “معسكر بعل” ومنهم من قبال انه “بعل داد” اي الاله الشمس ومنهم من قال انه كلداني، وان اصله “بلداد” و (بل) اسم الاله الكلداني و “داد” كلمة آرامية معناها “الفتك” ويذهب هؤلاء الى انه حدثت على عهد “بختنصر 604-562 ق.م” ملحمة عظيمة ظفر فيها باعدائه، فأنشأ هذه القرية تخليدا لظفره وسميت باسم الضم “بل” ومنهم من يقول بان الاسم بابلي من عهد حمورابي في القرن الثامن عشر ق.م، وان اصله “بيت كدادا” اي بيت الغنم، ويرى بعض الباحثين ان كلمة بغداد آرية الاصل، وان الكيشيين استعملوها اول مرة في مستهل الالف الثاني ق.م ومعناها “عطية الاله”. والفرس يفسرونها على عاداتهم ويرجعونها الى اصل فارسي هو (باغ داد) اي بستان (ذا دويه) او “بغ دادي” اي بستان (ذادويه) او “بغ دادي” اي الضم (بغ) اعطاني او باغ اي داد وهو اسم بستان، انشأه كسرى انو شروان (532-579ق.ل في هذه البقعة فسميت القرية بإسمه وقيل: كان اسم ملك الصين “بغ” فكان تجار الصين اذا انصرفوا الى بلادهم بارباحهم الوافرة من سوق بغداد، قالوا “بغ داد” اي هذا الربح من عطية الملك وهو اضعف الاقوال وابعدها عن الاحتمال، وقد ورد اسم بغداد في اخبار الدولة الاموية، وقد ذكر المؤرخون عدة اسباب حملت ابا جعفر المنصور على تأسيس مدينته المعروفة بمدينة السلام والذي يهمنا في هذا العرض الموجز هو انه عزم عزما اكيدا على انشاء مدينة حصينة بين عدة قرى مسكونة مزدهرة وهي بغداد العتيقة البابلية وسونايا الارامية، التي من بقاياها الاسلامية اليوم مسجد المنطقة بين بغداد والكاظمية، والخطابية، وشرفانية، وبناورا، وورناه، وبراثا وقطفتا (التي هي اليوم “محلة المشاهدة/ الجانب الغربي من بغداد والوردنية، وقد اختير لموضع المدينة مزرعة تعرف (بالمباركة)، تيمنا باسمها على عادة العرب في التفاؤل بالاسماء وكانت المزرعة ملكا لستين شخصا من أهل بغداد فعوضهم المنصور عنها بالنقد، وكانت هذه المزرعة في موضع البساتين المنسوبة في ايامنا الى المرحوم عبدالحسين الجلبي بين المنطقة والكاظمية في الجانب الغربي من بغداد. وهكذا يتبين مما كتبه باحثا بغداد المعاصران: جواد وسوسة ان اسم (بغداد) لا زالت تحوطه الشكوك اصله وانحداره، وان كانا يكادان يقطعان بان الاسم غير عربي، ويمكن ملاحظة هذا من ذكر الباحثين لبغداد العتيقة البابلية، وورود اسم بغداد في اخبار فتوحات العرب للعراق مما يعني ان التسمية  موجودة، او شبيهة بها او قريب منها موجود، قبل تأسيس مدينة المنصور المدورة باسم بغداد، الذي اشتهر في التاريخ والعلم والثقافة، على مدى الازمان، ومختلف العصور والانظمة الاجتماعية الاقتصادية السياسية. ان ما ما يهمنا هو ان بغداد في التاريخ والسياسة والعلم والثقافة والتقدم الحضاري، اقترنت بالعرب، وبمؤسسها ابي جعفر المنصور، وبالحضارة العربية، الاسلامية في عصرها الذهبي وعصورها الاخرى.

أياد جاعد

اعتمد مُعدّ الموضوع على المصدرالاتي :

مجلة المورد: المجلد الثامن، العدد الرابع