مكافحة الشر بالقدوة بدلا من ..اللغوة !!

قال تعالى (( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ،إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا ))

احمد الحاج
وأنا أتابع عن كثب حجم الفردانية واللا إنسانية والأنانية التي تجتاح العالم عموما والعراق على وجه الخصوص ومن وحي الحراك الشعبي المتصاعد ضد الفساد ، المتزامن مع الركود النخبوي تولد لدي مفهوم للشدة في مواجهة منظومة التوحش والشر لا يطعن بمفهومها الأصيل المتعارف عليه في مواجهة أعداء الله والانسانية من جهة ، بقدر تأصيله لمفاهيم أشمل وأوسع لتلكم الشدة في المواجهة من جهة أخرى قلما تطرق أبواب العقول لا لقصور فيها ، حاشا وكلا وإنما على خلفية تنميط المفاهيم عندنا وتحجيمها كابرا عن كابر حتى باتت من المسلمات لدينا برغم قصورها المخيف وعدم إستيعابها للكليات فضلا عن الجزئيات وغياب ما يعرف بـ” الدعوة بالقدوة ” لتحل محلها” الدعوة بـ ..اللغوة ” واللغوة هنا أعني بها ثرثرة إمرء بكم هائل من النصائح والعظات من دون تطبيق أي منها على ارض الواقع حتى ليخيل اليك أن الموما اليه مجرد بوق ومبكر صوت يردد ما لقن سابقا مع إعفاء نفسه إختياريا من أعباء التطبيق العملي لما يلقنه للناس لا أكثر ، مثال على ذلك انه وقبل أيام مات الطباخ الهندي الشهير ” نارايانا ريدي” عن 73عاما وميزة هذا الرجل النحيف الذي يرتدي الخرق البالية أن متابعيه بالملايين في أرجاء المعمورة مع أنه يعيش في قرية هندية صغيرة لا أثر لها على الخارطة وسط الغابة ،وليس له ما يميزه عن بقية الخلق من نسب وحسب ، أو وسامة أو غنى أو جاه وسلطان البتة بإستثناء اجادته لفنون الطبخ التقليدية بالاستعانة بما تجود به الطبيعة من خيرات لأعداد وجباته الشهية تلك لإطعام ابناء قريته بنصفها والذهاب بالنصف الثاني في نهاية المطاف الى الفقراء والايتام والمشردين ليوزعها بينهم لايريد منهم جزاء ولا شكورا ، وبفعل هذا الصنيع الانساني فحسب تابعه الملايين وأعجبوا به ، وبتأثير هذه الفعل الاخلاقي بكاه العالم ساعة إعلان وفاته من أقصاه الى أقصاه ..أيها السادة إنه الاستعمار بالحب وإحتلال العالم وأسر قلوب الناس بالرحمة – المجاهدة – اذا جاز التعبير لا بالشدة – الطاردة – وكلما زاد أتباعك بالحب والرحمة التي تنثرها كالرياحين بينهم كلما إشتد ساعدك وقويت شوكتك وهابك أعداؤك ، وانوه الى ان الحب الممنهج والرحمة الموجهة ولا اقول المؤدلجة بإمكانها أن تكون بمثابة سلاح فتاك في وجه الاعداء ..فلو انك على سبيل المثال أطلقت العنان للقروض الحسنة لحين ميسرة من دون فوائد وجعلتها عرفا حسنا بين الناس يتسابقون اليه ويتنافسون عليه ، فإنك ستجلس البنوك الربوية – الماسونية – على الحديد فما بالكم اذا ما اضيفت لها أموال الزكاة والصدقات الثابتة والجارية والوقفيات على أن تكون بأيد أمينة ، فبقدر رحمتك بالفقراء والمعوزين فإنهم سيلتفون من حولك ويواجهون الشر طوعا وبشدة قل نظيرها فيما لو حاول – الربويون – وامثالهم ايقافك عند حدك ، بمعنى ان ” اشداء على الكفار ، رحماء بينهم ” هي معين المواجهة الذي لا ينضب على ان تبدأ بالرحمة في عمقك ، حاضنتك ، أهلك ، ناسك ، محيطك فتأسر قلوبهم ليتولى القلب المأخوذ بالحب بنفسه المواجهة بالنيابة عنك فيما بعد ضد كل من تسول له نفسه العبث بمنظومة الرحمة ومحاولة ذبحها على صخرة اطماعه الدنيوية الفانية ، اذ مالذي يجعل كل اتباع الديانات الاخرى يحبون شخصا على غير دينهم ،أشعث أغبر مدفوع عن الابواب لا يؤبه له لم يتفوه في جل فيديوهاته بكلمة وان فعل فبلغة غير مفهومة ولا مترجمة ولا مدبلجة ؟ الجواب لأنه رحيم بخلق الله من غير ثرثرة ولن تجد من يكره رحيما غير مثرثر على سطح الكرة الارضية قط ما خلا اعداء الرحمة والانسانية وهؤلاء هم المعنيون بشدة المواجهة ، ولعل ما يجري في ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد اليوم من حلاقة وطبخ وخبز ونقل مجاني بل وغسل وخياطة وكوي لملابس المتظاهرين كذلك خير مثال على هاتيك الرحمة الآسرة للقلوب التي أدهشت العالم بأسره ورفعت معنويات المطالبين بحقوقهم المشروعة وانتزاعها بالقوة والمطاولة مهما كانت التضحيات من منظومة الفساد السياسية – المخروعة – التي فقدت قدرتها على تزييف الحقائق ، تغطية السرقات ، فضلا عن ممارسة – القداسة – الوهمية والخداع !
ايها المصلحون من اروحلكم فدوة قبل ان نغفو نهائيا والغفوة غفوة ..المطلوب حاليا الدعوة بالقدوة لا باللغوة مع التحية !