مقولة الارهاب لا دين له
من د. رعد مقبل العبيدي
تحية طيبة.. .
ان الارهاب لا دين له و لا يفرق بين الاسود و الابيض… …الخ، مقولة جرى تداولها و اشاعتها عمدا كي لا يتم الانتباه على اسباب الارهاب الحقيقية و من اوجده فعلا ،
و من يقرأ الجريدة الفرنسية:
(LE MONDE DIPLOMATIQUE )
و يطلع على ما صرح به في لقاء للجريدة منذ سنوات المدعو برجينسكي مستشار الامن القومي زمن الرئيس ريغان لعرف حقيقة الارهاب من وجهة نظر من أسسه فعلا و هو برجينسكي نفسه ، فقد اعترف انه بعد هزيمة امريكا في فيتنام سنة 1973 م، اقترح د. هنري كيسنجر ان تقوم امريكا بالرد على الاتحاد السوفياتي باعتباره المساعد الاول للفيتناميين و المسبب لخسائر فادحة للجيش الامريكي وهزيمة امريكا في النهاية و اضطرارها للانسحاب من فيتنام ، و اقتراح د.كيسنجر ان يكون الرد هو الحرب الاهلية في لبنان، لضرب المقاومة الفلسطينية و القوى الوطنية اللبنانية المساندة لها، باعتبارهم من مؤيدي الاتحاد السوفياتي ، و هكذا طلب د.هنري كيسنجر من عملاء الاحزاب غير المسلمة التعرض للفلسطينيين ، و انطلقت شرارة الحرب الاهلية في لبنان بأن اوقفت مليشيات معينة في بيروت سيارة باص لفلسطينيين و قامت بذبحهم جميعا ، و كان من المتوقع ان يكون هناك رد فلسطيني متسرع حتما ، و هذا ما حدث فعلا ، و اندلعت الحرب ، التي في لقاءات مسجلة بالصوت و الصورة في قناة الجزيرة اعترف فيها كريم بقرادوني رئيس حزب الكتائب وقتها ، ان السفير الامريكي في لبنان جاءه الى جونية القريبة جدا من مركز بيروت و طلب منه الذهاب سوية في زورق الى عرض البحر ، و في المياه الدولية التقى أرئيل شارون، و بعد عدة لقاءات و مناقشات تسلم منه الخطط و الاموال و الاسلحة ، و بدأ التنفيذ للحرب الاهلية ، إلاّ أن النتائج لم تكن كما توقع د.هنري كيسنجر، فقد تمكن الفلسطينيون و الوطنيون اللبنانيون من الحاق هزيمة بقوات الكتائب و من معها، و كانوا على وشك هزيمتها نهائيا ، و عندها تدخل حافظ أسد و بالتنسيق مع أرئيل شارون كما جاء في مذكراته، و قامت القوات الصهيونية بغزو لبنان و تمكنت من القوى الوطنية ، وأجبرت المقاومة الفلسطينية على الخروج من لبنان،
و في هذا الوقت قرر برجينسكي استغلال التدخل الروسي في افغانستان و اقترح ما اسماه ( المستنقع الأفغاني لاغراق الروس) ، باعتبار ان ما حصل في لبنان لم يؤثر و لم يضر بالاتحاد السوفياتي مباشرة كما حصل للامريكان في فيتنام ، و هكذا بدأ تجنيد ما اطلق عليهم ( المجاهدون المسلمون)، و جرى تجميعهم من دول عربية و اسلامية و قامت المخابرات الامريكية و الموساد الصهيوني بتدريبهم و تجهيزهم بالسلاح، و تكفلت السعودية بالتمويل و شاركت باكستان و الاردن في العمل الاستخباري و توفير الاماكن الامنة لهؤلاء المقاتلين ضد الروس في افغانستان، و يعترف برجينسكي صراحة ان ضباطا من المخابرات الامريكية و الموساد يعرفون العربية ألبسوهم ملابس افغانية هم الذين دربوا من سموهم بالمجاهدين على طرفي البحر الاحمر ، و قسموا على وحدات في الجانب الافريقي و وحدات في الجانب السعودي ، و من الاساليب التي دربوهم عليها و التعليمات التي اصدروها لهم للقيام بها ضد القوات الروسية في افغانستان :
أولا : استخدام الدعارة،
ثانيا : استخدام الشذوذ الجنسي،
ثالثا : استخدام المخدرات،
رابعا : استخدام الرشوة،
خامسا : استخدام التعذيب بطرق بربرية لم تعرف من قبل ،
و ذلك لاحداث الصدمة في نفوس القوات الروسية و احداث التحلل الاخلاقي فيها،
و يقول برجينسكي : ان الرئيس ريغان ضحك بشدة و علق بالقول: الحرب بالدعارة هذه حلوة !
و في مقال للصحفي محمد حسنين هيكل يؤكد نقلا عن مدير المخابرات السعودية : انه بعد انتهاء تدريبات الوحدات الاولى للمجاهدين، نقلوا الى مكة و قامت قوات الأمن السعودية بافراغ الحرم المكي من المصلين ، و ادخل هؤلاء المجاهدون بقيادة ضباط المخابرات الامريكية و ضباط الموساد و طافوا في الكعبة و هم يهتفون الله اكبر …لا اله إلا الله محمد رسول الله،… الى الجهاد في أفغانستان ، و هكذا كانت بداية حرب المجاهدين ضد الروس في افغانستان.
و بعد انتهاء الحرب ، و انسحاب القوات الروسية ، قررت امريكا بناء على مقترحات المفكرين الصهاينة و بالتنسيق مع الكيان الصهيوني دفع المجاهدين الى القيام باعمال خطف و قتل و تفجيرات في اكثر من دولة في العالم ، بحجة إقامة دولة الخلافة الإسلامية، و اطلقوا على هذه الاعمال الاجرامية بدعة :
( الارهاب الاسلامي و التطرف) !
و ذلك لاشاعة ما يسمى الخوف من الاسلام ( اسلام فوبيا)، لتهيئة الجو المناسب لتنفيذ مقترحات ما كتبه مفكرو الغرب من الصهاينة و على رأسهم د.برنارد لويس، و د.صاموئيل هنتنجتون و غيرهما عندما قالوا بصريح العبارة و بالنص :
( لابد ان تتصدى الحضارة الغربية للحضارة العربية الإسلامية و تسقط الإسلام كما أسقطت الشيوعية ! و إلاّ فإن العرب و المسلمين سوف يعودون و يكتسحون الحضارة الغربية، فلا تأخذكم لا رحمة و لا شفقة بالعرب و المسلمين، لأنهم قوم فاسدون و مفسدون، و د.برنارد لويس و هو مستشار الرئيس الامريكي و أستاذ جامعي، و بحجة اقامة الديموقراطية يطلب من الرئيس الامريكي اعادة استعمار الوطن العربي ، لأن امريكا هي الدولة الأقوى في الغرب و هي قادرة على تحقيق ذلك، )، و قوله هذا موثق بالصوت و الصورة في وسائل الاعلام ، و منشور كتابةً في الانترنيت .
و هكذا بدأت خطة إسقاط المسلمين بأيدي المسلمين و أموال العرب الخليجيين، بعد انتشار مثل السرطان لخطر الجماعات الإسلامية القادمة من افغانستان ، و التي قتلت من العرب و المسلمين اضعاف ما قتلت من الامريكان أو الاوروبيين ، ونهبت الاموال ، و اغتصبت النساء و ذبحت الاطفال، و الحقت الدمار بالمدن و حطمت الآثار، و شردت ملايين العرب و المسلمين .
وخير شاهد على ذلك ما حصل في الوطن العربي ، و في المقدمة منه العراق ، و سورية و ليبيا و اليمن، و ساهمت ايران بزيادة اشعال النار ، بعد ان سمح لها في المشاركة بهذه الفاجعة، فأعانت الصهاينة و الأمريكان بإشاعة الطائفية و العنصرية و تمزيق المجتمع العربي ببدعة المذهبية و مظلومية الاقليات و المكونات .
و السؤال الذي يطرح نفسه ،
هل الاستعانة بغير المسلمين على قتل المسلمين جائز في الشريعة الإسلامية؟
و هل استخدام الدعارة و الشذوذ الجنسي، و المخدرات، و التعذيب كانت من اساليب الرسول الكريم لنشر الدعوة الإسلامية؟
فأي بعث هذا لدولة الخلافة كما يزعمون ؟؟
و على وفق ما تقدم فإن مقولة:
(ان الارهاب لا دين له و لا يفرق بين الاسود و الابيض… …الخ، )
انما هي مقولة جرى تداولها و اشاعتها عمدا ، كي لا يتم الانتباه على اسباب الارهاب الحقيقية و من اوجده فعلا ، و ما الاهداف المقصود تحقيقها ، و اخفاء الجرائم البشعة للقيادة الامريكية السياسية و العسكرية و المخابراتية ، و التي تتم بالتنسيق مع مجرمي الحركة الصهيونية ، و أكتفي بهذا مع شكري و تقديري للجميع.
د.رعد مقبل العبيدي