مقامة: ثوار على خطى الشهداء

علي الكاش
المجاهد فارس فداء لا يكبو، وحسام فضل لا ينبو،، لا يشق له في الفداء غبار، في مضمار الأولياء ‏والاخيار. يتسع باب الجهاد، لهدم قلاع الفساد. المجاهدون شمس الكمال بين الأنام، فاق نورها ‏بدور التمام. تفجرت ينابيع الحكم والمواعظ على لسانهم، وفاضت عيون الحقائق بمحاسنهم، ‏وزادت في علو الهمم والعزم، ونفثت فيهم روح البطولة والحزم. عرفوا فضل الجهاد فتمسكوا ‏بأسبابه، وتعلقوا بعلو همة بأهدابه.‏

أيها المجاهد
الفرق بينك وبين اعدائك شاسع، نعم بأيدهم سلاح رادع، ولكن في رأسك فكر واسع، وسلاحك ‏علامة نصر بالأصابع. تنام بضمير مرتاح وناصع، وعدوك تؤرقه كوابيس المضاجع، صادق في ‏وعدك وموفِ بعهدك الرائع، عالماان عدوك ثعلب مخادع، تجاهد بالروح في سبيل شعبك، وعدوم ‏ينتهك حرمة الشرائع. لكن مهما طال الوقت فمصيرهم المواجع. عندما تتغير الأحوال، ستشيد ‏ببطولتك الأجيال. سيرتك احتوت مكارم الشمائل والأخلاق، واستوى قلبك على عرش البطولة ‏وفاق، لك عزة نفس تتجاوز الآفاق.‏

الى أمهات الشهدء
صبرا جميلا إلتمستن فيه الأجرا، فالله يعلم السريرة والجهرا، يثكل المرء ويستنزف العمرا، بفقدان ‏الأحبة واسكناهم القبرا، الأمر ليس بأيدينا بل قهرا، هو قضاء الله والقدرا، اسمحن لعيونكن ان ‏تفيض بالعبرا، واخزنن بقلبكن الجرح دهرا، واعلمن في الموت لا ينفع اللوم والزجرا، فأتقين الله ‏في زهراء شهيدة وعبير عبرا، وهل لمن يبكي شهيدة في الجنة عذرا؟ ليت خاتمتنا كخاتمتها يوم ‏الحشرا. نقابل الله بوجه أبيض حرا. يخجل من عطائكن ووصفكن الشعر، تذكرن ياشذى الورد ‏والعطر، تذكرن يا أمهات الأبرار لولا الظلام ما استمتعنا برؤية الأقمار. ابشرن سيداتي بقرب ‏فرج، ينهي حالة الهرج والمرج.‏

الى أب شهيد بطل
صرت كئيبا ملهوف القلب مفجعا، بعد أن رماك الدهر بقوسه فأوجعا، لكن القدر ماض ليس له ‏مرجعا، فعليك الصبر وما غيره تصنعا، ان حضر صوت الحق فاسمعا، ولا تعترض لأمر ليس ‏ينفعا. كن ثابت الخطى ولا تتزعزعا، مهما طال الزمان مع الشهيد ستجتمعا. دع يا متوجع اليأس ‏والندم والحرج، وأعلم ان الصبر مفتاح الفرج. ‏
لنترك الزمان يخطأ ويصيب، ان اصاب فخير قريب، وان اخطأ فأمر مريب، فالقريب ليس بعيدا، ‏والبعيد ليس بقريب، والشهيد البطل اللبيب هو الأقرب عند المولى الرقيب، يظهر البطل في الوقت ‏العصيب. يكيفيك فخرا انك أب لشهيد بطل، أنقى من الزلال وألذ من العسل، لا تسأل عن حسب ‏ونسب لا تسأل، دعها لغيرك، لمن خاب وفشل. قد أذنت شمس الشهيد بالزوال، وغربت بالروح ‏بطلوع مشرق الإقبال. ملكت القلوب بصبرك لأنك فاضل مفضال. لا مناص من ان الوسيلة الوحيدة ‏للخلاص، من اصحاب النفوذ والخواص، هو تنفيذ أقصى حدود القصاص، في العملاء وقوى ‏الظلام، فهؤلاء لا يفهموا سوى لغة الحسام.‏

الشهيد
لا تخشَ على العراق بعد اليوم ضياع، غدا تقوده الاسود وتفر الضباع، فنم مطمئنا شهدينا الشجاع، ‏للشهيد روح تراقبنا وأن زف الوداع.، قد ضمن الله لهم نصر اليراع، فدم الشهيد لا يعرف له ‏ضياع، لثأرهم عند المولى إستجابة وسماع. احمد الله علي أي حال، وان صعبت الأحوال. ‏
عندما تطول البلوى وتقرع بابك الشكوى، متوسلة الأمل بوجود حل، فقد تلاشى الصبر، وضاق بنا ‏الصدر، نمد يد الرجاء لله مبتهلا، ان تكون في رياض الجنة مخلدا. ايها الشهيد تبكيك المكارم ‏والمعالي، يامن سقيت وطنك بدمك الغالي، ان تاهت المكارم في طريقها يا اصيل، كنت لها مرشدا ‏ودليل. قد رسمت الطريق المستقيم، وطريق الحق خاتمته نعيم.‏
هبت عليك المكارم كلها فياهناك، مهنأة بفخر نلته وكفاك، قرة عيون أمك بشهادتك فأنت للثوار ‏ملاك، تجود بالنفس بترحاب وثغرك ضحاك، اي مجد نلته وما أبقيت لسواك؟ وصلت قمة المجد ‏بعلاك، يخشون الموت وتسخر من الهلاك، لله درك ما أنقاك!‏
سأقول عبارة واحدة ولا أزيد، قال المجد ما علاني أحد إلا شهيد، زدت تأريخنا حسنا وجمالا، ولك ‏في النفوس ذكر مستطابا. سيق الى دار الاخرة اغتيالا، وما دروا ستصنع له الأجيال تمثالا، فاتهم ‏ان الموت شامل، ومن مات شهيدا ليس كمن مات طبيعبا لا لا. أن تقاس التضحيات بما قدمه الشهيد ‏محالا. كيف اصفك يا أحد اخيار العباد، يا من سقيت بدمك شجرة حرية البلاد، كأن الأرض ‏بشهادتك توشحت السواد، وغيوم السماء تلبدت كأنها في حداد.‏

علي الكاش