انتشار المخدرات في العراق
ادهم ابراهيم
لاتقتصر اضرار المخدرات على الشخص المتعاطي لها فقط ، بل انها تؤدي الى انهيار المجتمع من خلال جرائم العنف من اغتصاب وسرقة، وقتل ، اضافة الى التفكك الاسري وإشاعة الخوف والشعور بانعدام الأمن بين أفراده . وبالتالي انهيار المنظومة الاقتصادية والثقافية للمجتمع كله .
وفي العراق وصل تعاطي المخدرات إلى مستويات قياسية ، وتحولت الى معضلة وصفها بعض الخبراء بأنها “أخطر من الارهاب”
وتنتشر المخدرات في المدن والمناطق الفقيرة التي تعاني من البطالة فبلغت نسبة تعاطيها بين الشباب الى اكثر من 50% على حد قول الناطق بلسان وزارة الداخلية العراقية .
وان عدد المدمنين في تزايد مستمر مما يعتبر من التهديدات الخطيرة التي تواجه المجتمع العراقي .
حيث يربط كثير من المراقبين والباحثين بين ارتفاع معدلات الجريمة والعنف الأسري مع انتشار تعاطي المخدرات .
كما ان العدد المتزايد من حالات الانتحار في السنوات الأخيرة مرتبط أيضًا بتعاطي المخدرات .
بدأت مشكلة المخدرات في العراق بعد الغزو الأمريكي عام 2003 ، حيث لم تشهد الأنظمة السابقة اي تعاطي للمخدرات ، وقد عمل المحتل على تسهيل ترويجها والاتجار بها كما هو ديدن كل محتل لإضعاف الشعوب ونهب مواردها .
وتسبب ضعف الدولة وتهاونها إلى انتشارها بهذه الصورة المخيفة .
وكانت ايران داعمة أساسية لهذه الآفة وتفاقمها ، لتسهيل السيطرة على مقدرات هذا البلد واستغلال ثرواته شأنها شأن كل محتل .
وقد فتحت حدودها مع العراق من دون رقيب ولاحسيب ، اضافة الى تسهيل الاتجار بالكبتاجون المصنع في سوريا من خلال الميليشيات التابعة لها في سوريا ولبنان والعراق .
وساعد الفساد المستشري في أجهزة الدولة على تمرير المخدرات والمؤثرات العقلية إلى معظم مدن العراق .
ومما يزيد الطين بلة انتشارها في اوساط المراهقين والطلبة في المدارس والمعاهد المختلفة . كما يتم ترويجها في المقاهي ومراكز التجميل والتدليك والأماكن المشبوهة .
ولا توجد إحصائيات رسمية منشورة للاعداد الفعلية لمتعاطي المخدرات في العراق .
وقد تسببت الميليشيات الحزبية المسيطرة على الحدود وخصوصا الشرقية المفتوحة مع إيران والغربية مع سوريا ، في تحول العراق تدريجيا من مستهلك إلى منطقة عبور للمخدرات في المنطقة .
وفي الاونة الاخيرة قامت السلطات الامنية بعمليات مداهمة واعتقال تجار ومروجي المخدرات في مختلف محافظات البلاد وصادرت كميات كبيرة منها ، كما شهدت مدن عديدة عمليات اشتباك مسلح مع المتاجرين بالمخدرات، سقط على أثرها ضباط من قوات الأمن الوطني ، وبرغم ذلك تعذرت السيطرة على هذه الافة واحتواءها لتدخل مافيات متنفذة في حماية تجار المخدرات الكبار .
ان تعطيل العقول وتغييب الوعي باي طريقة كانت هو ديدن الاحزاب الحاكمة من اجل بقائها في السلطة وفسادها تساندها قوى دولية واقليمية لضمان مصالحها في العراق .
ومن اسباب انتشار المخدرات وتفاقمها بهذا الشكل المخيف غياب الرغبة الجادة والحلول الناجعة لمحاربتها .
كما ان انتشار السلاح خارج سيطرة الدولة يعد من اكبر العقبات لمكافحة هذه الظاهرة الخطيرة التي اخلت بقيم المجتمع وعطلت قدرات الشباب .
كل ذلك في ظل تزايد العوامل الاقتصادية والاجتماعية المشجعة لتعاطيها مع سهولة الوصول إلى المخدرات والمؤثرات العقلية عبر المدارس والمقاهي ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة .
ولعل من اهم الوسائل الناجعة للحد من انتشار المخدرات ومكافحتها في العراق تكمن في :
1_ رسم استراتيجية وطنية لمكافحة المخدرات واقرار تشريعات عقابية رادعة ومحاكمات جادة للمتاجرين بها ومروجيها .
2_ إنشاء مراكز لعلاج الأشخاص المدمنين ، وتنظيم برامج علاجية سواء في المستشفيات أو في العيادات الخارجية وتقديم المشورة لهم ومساعدتهم للتغلب على آفة الإدمان .
3_ نشر الوعي وخصوصا في اوساط الشباب في الجامعات والمدارس للتوعية بآثارها النفسية والجسدية المدمرة ، واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والندوات ووسائل الاعلام المختلفة لشرح اضرارها .
4_ تنشيط القطاع الصناعي الخاص لتوفير فرص عمل للشباب وتحسين بيئة الاقتصاد للحد من الازمات والاسباب الدافعة لتعاطي المخدرات .
5_ ضبط الحدود لمنع تهريب المخدرات ، من خلال تطبيق التقنيات الحديثة من كاميرات ومعدات ليزرية وغيرها ، مع زيادة قوات حرس الحدود ودعمها بالأسلحة الحديثة وطائرات الدرون .
6_ حصر السلاح بيد الدولة ، والحد من عسكرة المجتمع ، وفوضى الشوارع من مسلحين يدعون انتماءهم لبعض الفصائل الحزبية، مع سيارات دون لوحات تسجيل . والتي اخلت بهيبة الدولة. وجعلت عصابات المخدرات والمهربين تصول وتجول دون خوف من رجال القانون .
7_ فرض رقابة مشددة على البنوك والتحويلات الخارجية للحد من غسيل اموال المخدرات والتعاون والتنسيق مع الجهات الدولية ذات العلاقة بتتبع الاموال .
واخيرا فان مكافحة آفة المخدرات المتعاظمة في العراق وفق اسلوب علمي مبرمج تحتاج الى ارادة حقيقية في فرض هيبة الدولة ، ووحدة اتخاذ القرار .
ادهم ابراهيم
.