الاتفاق السعودي الايراني  . . التفائل الحذر
ادهم ابراهيم

أعلنت السعودية وايران أستئناف العلاقات الدبلوماسية بينهما في غضون شهرين ، بعد محادثات سرية جرت في الصين .
وكانت الدولتان المتنافستان في الشرق الأوسط قد قطعتا علاقاتهما  عام 2016  .

في الأشهر الأخيرة ، استأنفت الإمارات العربية المتحدة والكويت العلاقات الدبلوماسية مع إيران .

تدعم طهران والرياض الأطراف المتنازعة في العديد من دول المنطقة ، لا سيما في سوريا واليمن . كما ان لإيران نفوذ مهيمن في كل من العراق ولبنان .

من جانبه اشاد العراق بالاتفاق معتبراً ذلك بداية لـ”صفحة جديدة” من العلاقات بين البلدين .

ووصف حزب الله الاتفاق ب “تطور جيد”. واعلن السيد حسن نصر الله في كلمة له أن استئناف هذه العلاقات يمكن أن يساعد في حل الأزمات في لبنان وسوريا واليمن والمنطقة.

وعلق الناطق باسم الحوثيين السيد محمد عبدالسلام بالقول إن “المنطقة بحاجة إلى عودة العلاقات الطبيعية بين دولها”.

يمثل الاتفاق انعطافة مهمة للنظام الايراني ، لوضع حد للضغوطات التي يواجهها نتيجة العقوبات المفروضة عليه من الولايات المتحدة والتي ادت الى تراجع خطير للاقتصاد الإيراني ، اضافة الى الوضع الداخلي الحرج بعد الحركة الشعبية التي اندلعت في ايلول/ سبتمبر الماضي .

وللسعودية مصالح مهمة ايضا من هذا الاتفاق حيث يساهم في اطفاء الحروب المشتعلة في المنطقة والتي استنزفت ميزانيتها وسمعتها الاقليمية والدولية ، وخصوصا في حرب اليمن . اضافة الى اهمية تنويع علاقاتها الدولية وعدم اقتصارها على الولايات المتحدة التي ساءت كثيرا .

إن انهاء سوء التفاهم وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين طهران والرياض سيؤدي بالتأكيد إلى تحسين الاستقرار والأمن في جميع أنحاء الشرق الأوسط .
حيث نص الاتفاق على الالتزام بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الإقليمية ، مما سيفوت الفرصة على القوى الأجنبية التي استغلت نزاعهم في بسط نفوذها السياسي والعسكري والاقتصادي في المنطقة .

هذا الإعلان المفاجئ من بكين  يوضح الدور المتنامي للصين في منطقة الشرق الاوسط، مما يثير استياء الولايات المتحدة وإسرائيل حيث سيؤدي الى تقليص النفوذ الامريكي ، كما يدل على فشل سياستهما في المنطقة والرغبة في توسيع التطبيع مع اسرائيل .

بالتأكيد سينعكس هذا الصلح إيجاباً على الكثير من الملفات الإقليمية الساخنة ، وسيساهم في تهدئة الأوضاع والوصول إلى تسويات سلمية تضمن مصالح الطرفين .

وبالرغم من الارتياح العام في المنطقة والعالم ، الا ان هناك تساؤلات كثيرة حول بنوده الخافية والعراقيل التي ستواجهه مستقبلا .
فهل سيكتب لهذا الاتفاق الديمومة والنجاح ؟
فالمعروف عن ايران انها براغماتية تبحث عن مصالحها ، وربما كان هذا الاتفاق تكتيكا لفك عزلتها ومأزقها السياسي في الداخل والخارج .
والسعودية الحليف الاستراتيجي لامريكا هل تستطيع بسهولة الفكاك منها ، حيث هناك مصالح مشتركة بينهما لايمكن التخلي عنها .

خلال فترة الشهرين المحددة لاعادة العلاقات بين الطرفين ستتضح الصورة في مدى صمود هذا الاتفاق امام الازمات الشائكة في المنطقة .

وان ثبت واستمر فسيحدث تغييرا جيوسياسيا” مهما”  ليس في منطقتنا حسب بل في العالم اجمع .

وعلى العموم فان اسرائيل هي الخاسر الاكبر من هذا التفاق .
اما بالنسبة للصين فهي فرصة لتكون لاعبا” اساسيا في المنطقة سياسيا واقتصاديا على حساب التواجد الامريكي الغربي الذي كان حكرا عليهما .
ادهم ابراهيم