الاسلام السياسي كيف بدأ والى اين المسار ؟
ادهم ابراهيم
بالنظر لاهمية المنطقة العربية من الناحية الاستراتيجية وللحفاظ على مصادر الطاقة الاحفورية وضمان امن اسرائيل . . ولادراك القوى الامبريالية بقيادة الولايات المتحدة بكون غالبية الانظمة العربية فاسدة ومتهرئة وآيلة للسقوط ، وخشية استبدالها بانظمة تقدمية ، عمل المخطط الامريكي على تنفيذ خطة استباقية باحلال الاسلام السياسي بشقيه السني “حركة الاخوان المسلمين والجماعات الراديكالية المنبثقة عنها ، والاخرى التي توصف بالمعتدلة” .
والشيعي “المتمثل بالفصائل التابعة لولي الفقيه في المنطقة” . مستغلة مشروع تصدير الثورة الاسلامية .
وهذا المخطط لم يأت من فراغ فقد
اهتمت مراكز الفكر وصناع القرار الامريكيين منذ سنوات عديدة بالاسلام السياسي على انه البديل المؤهل لاستلام الحكم في المنطقة العربية .
ففي كتابه ( لعبة الشيطان ) دور الولايات المتحدة في نشأت التطرف الاسلامي . عرض الكاتب والصحفي الفرنسي روبرت دريفوس كثير من الخفايا عن التحالفات السرية التي عقدتها امريكا في تشجيع الحركات الاسلامية المتطرفة ، وتأجيج الصراعات الطائفية في المنطقة العربية .
وكانت البداية في العراق، فاحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة عام 2003 لم يكن لضرب نظام الحكم فيه فقط ، بل لاعادة رسم خارطة الشرق الاوسط السياسية من جديد لضمان المصالح الامريكية والغربية .
فاقدمت الولايات المتحدة على نشر الفوضى بالعراق من خلال افتعال الصراع الطائفي ، الذي اعتبر الشرارة التي اشعلت المنطقة العربية كلها بعد ماوصف بالربيع العربي . وتعزز ذلك بوصول باراك اوباما الى البيت الابيض وزيارته لمصر وللازهر على وجه الخصوص .
وتم صعود الاخوان في مصر فاسقطهم الشعب فى 30 يونيو مما اغضب الادارة الامريكية لفشل مشروعهم في اعادة رسم الخارطة الجيوسياسية في المنطقة .
وفي تونس جرت محاولات عديدة لسيطرة حزب النهصة الإخواني دون جدوى والى يومنا الحاضر .
وجرت محاولات غير ناجحة لسيطرة الاسلام السياسي على انظمة الحكم في السعودية والبحرين والامارات والكويت .
ولكنها نجحت في نشر الفوضى في سوريا وليبيا واليمن لنفس الغرض .
وفي العراق انتشرت ميليشيات مؤيدة للولي الفقيه على مرأى ومسمع من القوات الامريكية المتواجدة في كثير من القواعد رغم ادعائها الانسحاب من العراق .
ومازالت الاحزاب الاسلامية الموالية لايران في العراق تمسك بزمام السلطة ، وهناك دولة عميقة تضمن بقاء الحكم بيديها بغض النظر عن نتائج الانتخابات .
ترجع علاقة الولايات المتحدة الامريكية القوية بالاسلام السياسي الى عام 1979 ، من خلال تشجيع الحركات الاسلامية في افغانستان بطريقة مباشرة او غير مباشرة في مواجهة الاتحاد السوفيتي آنذاك ، وتمويل الجهاديون في افغانستان في الثمانينيات .
ثم مساندتهم في التسعينيات في الجزائر والبوسنة ، والشيشان ومصر ، ومن ثم بعد احداث 11 ايلول/سبتمبر 2001 في العراق وسوريا ثم ليبيا واخيرا تونس .
المد الاسلامي السياسي بشقيه ، اتخذ الشكل الطائفي لتبرير الحروب الاهلية التي اندلعت بعد شيطنة الربيع العربي ، واحتواء ايران عن طريق تمكينها للتدخل في كثير من دول المنطقة ، خصوصًا بعد الاتفاق النووي الإيراني .
وانشاء حزب الله في لبنان عام 1982 الذي يمثل المشروع الثوري الإيراني ، في سياق الدولة اللبنانية التي كانت تحت حراب التدخل السوري .
وكان غرض الولايات المتحدة وحلفائها الغربيون من كل ذلك تنفيذ استراتيجية فرق تسد في المنطقة لعرقلة أي نهضة عربية باتجاه الديمقراطية الحقيقية والعدالة الاجتماعية.
كانت الطائفية السياسية فعالة في اغلب الدول العربية . مما سهلت تدخل اللاعبين الاقليميين فيها .
ان السماح لايران بالانتشار خارج حدودها ناتج أساسًا عن إعادة تشكيل ميزان القوى الإقليمي للحد من الفكر التقدمي العربي المناهض للامبريالية .
سمح الغربيون للاخوان المسلمين والحركات الجهادية الانتشار عبر الحدود السياسية لدول المنطقة ، مما سهل للقاعدة ثم تنظيم الدولة السيطرة على مساحات شاسعة من الاراضي العراقية والسورية .
المطامع الدولية هي السبب الرئيسي لكل هذه الفوضى .
والطائفية بعيدة كل البعد عن هذه الصراعات ، رغم انها تمظهرت بالمظهر الطائفي في العلن .
ان الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي قد فشل في تحقيق الاهداف المرسومة له ، اللهم الا بخراب الدول والمجتمعات .
والآن جاءت الحرب في اوكرانيا لتغير قواعد اللعبة ، وسينظر الى المنطقة العربية والشرق اوسطية من منظار مدى توفير الطاقة والاصطفافات مع او ضد روسيا .
وبوادر الاستقرار او تأزيم الاوضاع ستبدأ من ايران هذه المرة .
وما الاسلام السياسي بشقيه السني والشيعي الا ادوات بيد الولايات المتحدة والغرب لتنفيذ مخططاتهم في الهيمنة على العالم من خلال سيطرتهم على المنطقة العربية والشرق الاوسط .
وهناك بوادر لتغييرات سياسية كبيرة ، وخطط جديدة للسيطرة على المنطقة .
ادهم ابراهيم