العمل التطوعي تعزيز للقيم الذاتية والاجتماعية
ادهم ابراهيم
الفساد السياسي والاداري آفة تهدد الدولة والمجتمع .
وغالبا مايجري الحديث عن الفساد كونه ظاهرة تقوض قدرة الدولة على البناء والازدهار وتعطل كل مفاصل الدولة والفعاليات الاجتماعية .
الفساد مرض اخلاقي معدي اصاب كثير من الناس حتى اصبحوا يتهالكون على جمع المال بغض النظر عن مصدره وباي وسيلة كانت .
وأمام هذه الظاهرة المرضية في المجتمع نرى اناسا” يعملون جاهدين لاعلاء القيم الاخلاقية والانسانية السامية من خلال حملات التطوع في النظافة والتشجير وبناء المدارس او تهيئة مستلزماتها او توزيع الاطعمة والملابس والادوية على العوائل المتعففة وكثير غيرها اضافة إلى التوعية الصحية والاجتماعية .
مما لاشك فيه ان العمل التطوعي نابع من الرحمة الانسانية ومتعة العطاء دون مقابل .
وهذا العمل يهدف إلى الحفاظ على حياة وكرامة الناس وانسنة المجتمع امام هذا الزخم من الانحراف والتلوث بالفساد .
المتطوع في العمل الانساني هو المواطن الملتزم بكامل حريته للقيام بعمل انساني بدون مقابل .
لذلك يعتبر التطوع هدية طوعية ومجانية تقدم للمجتمع وافراده .
ومثل هذا العمل لايلقى التقدير إلا عندما يكون موجهاً إلى عامة الناس ، ولأسباب إنسانية بحتة وليس للاقرباء والاصحاب .
وهو بذلك يمثل إيمان بعقيدة نابعة من القلب لتحقيق الذات من خلال تقديم خدمة مجتمعية تطوعية .
في العالم المتقدم يقع على عاتق الاسرة تعليم الاطفال على العمل التطوعي ، حيث يكون الابوين قدوة في الاعمال الانسانية وخدمة المجتمع . ثم تاتي المدرسة
لتستكمل المهمة وتعزز المفاهيم التطوعية من خلال اعمال بسيطة يكلف بها تلاميذ المدرسة الابتدائية مثل توزيع الهدايا على الفقراء في المناسبات والاعياد . وفي الثانويات هناك مناهج اسبوعية لجمع وتوزيع
الملابس المستعملة ، وجز الاعشاب وغرس الأشجار في الاماكن العامة ، او تقديم دروس خصوصية لزملائم في المدرسة ، وهناك قائمة مشاريع طويلة ، واحيانا يتوجب على التلاميذ التطوع لمدة لاتقل عن 25 ساعة كشرط للحصول على دبلوم المدرسة الثانوية .
وفي عموم المجتمع هناك جمعيات خيرية توجه الناس على المشاركة في الاعمال الخيرية، حيث يستمد المتطوعين الرضا من قدرتهم على المساهمة في توفير احتياجات الآخرين او اسعادهم . في المطابخ الشعبية وحدائق المسنين ، او جمع التبرعات لمساعدة المتضررين من الكوارث الطبيعية او الحروب او المشاركة في تنظيف الشوارع والسواحل من النفايات الورقية والبلاستيكية وغيرها .
وهكذا فان العمل التطوعي يعزز روح المبادرة والإبداع وينمي الشعور بالالتزام والمسؤولية والمشاركة الجماعية
وهو اندفاع ذاتي خالص يهتم بالآخرين والعالم في أقصى الحدود
وهو حب للانسانية وإيثار طبيعي بعيدا عن الانانية والفردية ، فهو التزام اجتماعي بقضية ما حتى يكون جزءًا من تغيير إيجابي يعزز الوحدة الوطنية في المجتمع . وبالنتيجة يؤدي الى تقوية التقدير الذاتي والشعور بالرضا والسمو الاخلاقي والنفسي ،
ويلبي حاجة الفرد إلى الانتماء من خلال مشاركته مع المجموعة لتنفيذ مشروع مشترك .
واضافة الى كل ذلك فان العمل التطوعي يساعد على تطوير مهارات وقدرات جديدة للمتطوع
ويضيف خبرات اكثر تعزز سيرته الذاتية .
ان الدافع الرئيس للعمل التطوعي يكمن في رغبة المواطنين في أن يكونوا نافعين للمجتمع ولخدمة الآخرين .
على الرغم من اننا نشاهد بين فترة واخرى مبادرات الشباب في بعض الاعمال التطوعية ، الا انها لاترقى الى المستوى المطلوب ، رغم حاجتنا لمثل هذه الاعمال التي تحقق انجازات للمواطنين ، وفي نفس الوقت تنمي شخصية الانسان ، وتعزز الروح الوطنية وتساهم في تقوية اواصر المجتمع .
وهناك حاجة فعلية الى زيادة الوعي والتثقيف باهمية الاعمال التطوعية وخدمة المجتمع . وسن التشريعات اللازمة لتنظيم الاعمال التطوعية والتشجيع عليها .
وكذلك القيام بحملات اعلامية حول اهمية العمل التطوعي للفرد والمجتمع . وغرس ثقافة التطوع من خلال التأكيد في المدارس المختلفة والجامعات على القيام بالاعمال التطوعية على وفق مناهج خاصة بذلك ، اسوة بالدول المتقدمة .
ان تقديم الخدمات للمواطنين لايقتصر على مؤسسات الدولة او البلديات فقط ، مما يتطلب حث المواطن المخلص لوطنه على ان يكون مثالا حسنا للأخرين في هذا العمل التطوعي .
وبهذا الصدد نقترح اقتران التوعية بالعمل التطوعي ببرامج عملية عن طريق القيام بحملات لتحسين ظروف الحي ، او تشجير الشوارع ، او مساعدة الفقراء والمحتاجين .
وعلى العموم فلكل مواطن توجهاته ورغباته في تقديم الاعمال التطوعية حسب امكانياته وجهده . . فالعمل التطوعي ركن اساسي في البناء الحضاري لاي مجتمع .
ادهم ابراهيم