اثر التكنولوجيا على مصادر السلطة التقليدية
ادهم ابراهيم

للتطورات التكنولوجية الحديثة تأثير هائل على جميع جوانب حياتنا .
ولذلك فان العيش في القرن الحادي والعشرين يعني أننا بحاجة إلى أن نكون على تناغم مع هذا العالم المتغير باستمرار .

في الوضع الحالي ، لا يستطيع الآباء أو المعلمون في المدارس أن ينقلوا إلى الشباب جميع المعارف والمهارات والقيم التي يحتاجونها للاندماج بنجاح في المجتمع ، ولذلك فنحن بحاجة الى التكنولوجيا الحديثة لاحتواء الاطفال والشباب وإشباع حاجاتهم المعرفية والثقافية والتربويّة .

ان تقنيات المعلومات والاتصالات الجديدة ، وخاصة الإنترنت ، هي الآن جزء من الحياة اليومية (الاجتماعية والمدرسية والأسرية) لعالم اليوم .

ولم يعد لمؤسسات الضبط الاجتماعي مثل الاسرة والمدرسة والدين والدولة ذات التأثير على الاجيال الجديدة .

في دراسة أعدها معهد الدراسات التربوية بجامعة القاهرة، وجد أن تأثير الوالدين والأسرة في تربية الأبناء وتوجيه سلوكياتهم وتوجهاتهم الفكرية، تراجع من 70 بالمئة إلى أقل من 40 بالمئة نتيجة انتشار التقنيات الحديثة ، واصبحت هناك فجوة بين جيل الاباء المتمسك بالماضي والتقاليد المتوارثة والأبناء الذين اصبحوا أكثر استقلالية وثقافة وانفتاحا” على العالم .
وقد اخذ الشباب يتعاملون مع كم من المعلومات عبر الانترنت ، حتى اصبحوا يتمتعون بعقليات مستقلة ومنظمة واتخاذ قرارات بمعزل عن السلطة الابوية او المدرسة .

هناك من يعتقد ان التقنيات الحديثة قد سلبت السلطة من الاباء وتسببت في تراجع التماسك والتواصل العائلي وشجعت على الوحدانية والانعزال .

ومنهم من يرى ان التقنيات الحديثة احدثت تطورا” ملحوظا” في مجال التعليم والتعلّم ووسعت من نطاق العلاقات الانسانية . ففي الأمس كنا نتحدث مع الأحباء أو العائلة أو الأصدقاء المقربين من المنزل ، اما اليوم فيمكننا التواصل مع العالم بأسره في بضع ثوانٍ فقط ومن خارج المنزل . وبالتالي فإن ما تغير هو الوسيط  والأداة التي بفضلها توسعت دائرة الاتصال والتواصل بين البشر في مختلف البقاع ،
فاصبح من المستحيل العيش بدون الهواتف الذكية والشبكات الاجتماعية التي غيرت علاقاتنا بالحياة والاسرة والعمل .

أننا لا نستطيع حقًا تجاهل حقيقة أن التكنولوجيا لها تأثيرات سلبية على مجتمعاتنا ، ولكنها في المقابل ساهمت كثيرا في تحسين نوعية حياتنا وساعدتنا على أن نصبح أكثر كفاءة وانتاجية ، وجعلت الحياة اكثر سهولة .

أن التغيير الاجتماعي الذي نراه نتيجة تطور التقنيات الحديثة ليس شيئاً جديداً في حياة البشر . فعند اختراع الآلة مثلا” جاءت الثورة الصناعية وغيرت كثير من المفاهيم الاجتماعية والانسانية .

مثل أي تطور فان التقنيات الحديثة  لها مزايا وعيوب ، ومن الضروري ايجاد نوعا من التوازن لتجنب تأثيرها الضار على العلاقات العائلية
وبذلك يتوجب موائمة الوسائل التربوية والتعليمية القديمة مع التقنيات الحديثة في التربية والتعليم وتهذيب السلوك وصولا الى نهج تفاعلي كالذي طبق في اليابان وامريكا وكثير من الدول الاوروبية

من الواضح أن التكنولوجيا قد غيرت طرق عيشنا وعملنا وتفكيرنا
ولا ينبغي أن نكون محافظين كثيرا ونمنع التقدم ، ولكن لا ينبغي أن نكون تقدميين للغاية ونتخذ خيارات قد نندم عليها لاحقًا .

فالتكنولوجيا في حقيقة الامر وسيلة محايدة ، وان كيفية استخدامنا لها هو الذي  يجعلها مفيدة أو ضارة لذلك يجب تأطير التقدم التكنولوجي من خلال لوائح تحترم الأخلاق وحقوق الإنسان .

ادهم ابراهيم