يا محور المقاومة: في القلب غصة
علي الكاش
بقدر ما نفرح عندما تقوم ميليشيات الحشد الشعبي الولائي بقصف القواعد الامريكية وتكبدها خسائر في الممتلكات والأسلحة، بقدر ما في القلب غصة من ان هذه الميليشيات غير وطنية وتنفذ أوامر وتوجيهات الولي الفقيه في ايران. فهي تنفذ أجندة ليست وطنية خالصة وفي مصلحة العراق، بل تصب اعمالها في مصلحة ايران، وهذا ما جعل أعمالها مستهجنة من قبل العراقيين، يسعدنا ان تُضرب المصالح الامريكية في العراق على اعتبار ان كلابها الذين أتوا من ايران وأوربا كانوا موضع ثقتها وهي التي سلمتهم زمام الحكم في العراق، والا لكانوا متسولين على أبواب المخابرات الأجنبية لحد اليوم، هذه الميليشيات صنيعة ايران ومباركة الولايات المتحدة، وقد تمردت زعامات الميليشيات على أسيادها الامريكان، وأعلنت ولائها لولاية الفقيه، فضاعت تربية الولايات المتحدة لأولادها العاق، وصارت بين نارين، اما ان تتقبل أعمال الميليشيات على مضض وتخرس، لأنها هي من سلمتهم الحكم، او تقوم بعمليات عسكرية ضدهم، وهنا تدحض بياناتها بأنها جاءت لتحرير العراق من الدكتاتورية وتحقيق الديمقراطية، وكلاهما خيار مرٌ.
الأمر الآخر ان ضحايا الصواريخ والطائرات المسيرة التي يشنها الحشد لشعبي على القواعد الامريكية كان غالبية ضحاياها من العراقيين وليس الامريكان، فكل ما خسروه اثنين من المتقاعدين المدنيين، وعدد من الجنود المصابين بإصابات طفيفة، حتى ليخيل للمرء ان الحشد الشعبي يتقصد عدم تكبيد الامريكان خسائر في الجنود، اذعانا لتهديدات الرئيس بايدن وقبله ترامب اللذان توعدا الميليشيات بالرد الصاعق في حال تكبدهم خسائر في الأرواح.
الأمر الآخر هو ان قصف القواعد الامريكية ربما له مبرر على اعتبار القواعد تضم قوات احتلال، ولكن قصف البعثات الدبلوماسية لا يجوز وفق اتفاقية جنيف للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، حيث تقع مسؤولية حماية البعثات الدبلوماسية والقنصلية على عاتق الدولة التي تتواجد فيها البعثة الدبلوماسية الأجنبية. لذا فأن الهجومات من قبل الحشد الشعبي على البعثات الدبلوماسية والقنصلية يحرج الحكومة العراقية، ويظهر فشلها أمام المجتمع الدولي، البعثات الأجنبية تضم موظفين مدنيين، واحيانا ملحقين عسكرين، تنحصر مهامهم في التنسيق مع نظرائهم في الحكومة، ولا علاقة لهم بالأعمال الحربية.
الأمر الآخر ان القوات الأمريكية خرجت من اطار قوات محتلة بعد دعوة الحكومة العراقية لتلك القوات، وتوقيع اتفاقية الاطار الإستراتيجي، حيث حصلت تلم القوات على حصانة دبلوماسية لقواتها وفق الاتفاقية المذكورة.
الأمر الآخر يتمثل بأن العراق عبارة عن ساحة مفتوحة لجميع مخابرات العالم، ولا توجد للحكومة سيادة جوية، حيث تخضع الأجواء الى سيطرة الولايات المتحدة المطلقة، وتوجد على الأرض قوات أمريكية وايرانية وتركية، فلماذا لا تستهدف تلك القوات، ويقتصر الامر على القوات الامريكية؟
كشف طوفان القدس الخديعة بأن محور المقاومة يقاتل الامريكان والصهاينة، واحتفالاتهم بيوم القدس ابهرتنا، ولكن تبين انها استعراضات دعائية لا تقدم ولا تؤخر، لقد أصبحت فضيحتهم مدوية، ولا يمكن ان يصدق العراقيين والعرب مزاعمهم بتحرير القدس، تارة عبر كربلاء وأخرى عبر السيدة زينب وتارة عبر جنوب لبنان وتارة عبر صنعاء، وأخيرا عبر طريبيل (الحدود العراقية ـ الأردنية)، وهذا ما يقال عن بقية قوى المحور، مثل طهران ودمشق وجنوب لبنان وصنعاء، حبل الكذب قصير، لقد فضحتهم غزوة حماس، نأمل ان ينتهي المحور من دعاياته بتحرير القدس، ان مهمتهم لا تزيد عن قتل العراقيين، وسرقة ثروات البلد، والتجارة بالمخدرات.
الأمر الآخر ان لديكم يا محور المقاومة صواريخ متوسطة المدى يمكن قذفها من جنوب العراق ووسطه على القواعد الامريكية، لكن الملاحظ انكم تقذون العدو بالصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق ذات اغلبية سنية في الانبار وبغداد، وتستبعدون المناطق ذات الأغلبية الشيعية، ربما لغرض خبيث هو تعريض المناطق السنية الى هجوم من قبل القوات الامريكية على مناطق انطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة.
الأمر الأخير ان تحشدكم على الحدود العراقية الأردنية (مجمع طريبيل الحدودي) بحجة نصرة طوفان الأقصى، واعتصامكم في الخيم اثار الشكوك حول تصرفكم الذي اقل ما يوصف به هو الأهوج، فالأردن يرتبط بعلاقات رسمية مع إسرائيل، وهو لا يخضع لولاية الفقيه، ولو كان تجمعكم لنصرة حماس الم يكن الأجدر بكن الاعتصام في سوريا ولبنان؟ سيما ان لديكم ميليشيات في سوريا، والبلدان يخضعان لولاية الفقيه.
لا تفسير لتصرفكم سوى انكم اردتم اثارة حساسية الشعب الأردني الشقيق وخلق الفوضى في هذا البلد الآمن بتوجيه مباشر من الولي الفقيه. لا يمكن اقناع أي فرد بأن طريق تحرير القدس يمر عبر طريبيل، وربما هناك غرض اقتصادي وهو السيطرة على المنفذ الحدودي الوحيد الذي لا يخضع لميلشيات الحشد الشعبي، وهو منفذ تجاري مهم للعراق. فعيون الحشد الشعبي على واردات طريبيل الكبيرة.
الحقيقة الني كشفها طوفان الأقصى المبارك هي كشف الستار عن المتاجرين بالقضية الفلسطينية من نظام الملالي، وحزب الله اللبناني، وميليشيات الحوثي والحشد الشعبي في العراق وشبيحة الأسد الذين طالما صدعوا رؤوسنا بأنهم سيردوا على الكيان الصهيوني في الوقت المناسب والمكان المناسب، وقد توفر الزمان والمكان المناسبين فلا عذر للدجاجيل بعد الآن، ولا يجوز لأي منهم ان يدعي ان القضية الفلسطينية هي قضيتهم المركزية.
هذه برأينا اهم النتائج التي تمخض عنها طوفان الأقصى.. الرحمة لشهداء فلسطين المجاهدة، والشفاء العاجل للجرحى، والصبر القريب للسجناء الفلسطينيين في الأراضي المحتلة، وتحيا فلسطين حرة عربية على أقل تقدير في نظر الشعوب العربية، وليس الأنظمة الحاكمة، فلها الخزي والعار.
علي الكاش