ايهم اخطر واكثر دمارا زلزال الطبيعة ام زلزال السياسة او قضبان التيتانيوم
إذا كان لا يمكن منع الطبيعة من ارتكاب جرائمها فلنحاول على الأقل منع الزلازل التي يطلقها أبناء المنطقة على خرائط الآخرين أو على خرائطهم نفسها. رأى السياسي أن ليس من حق أهل المنطقة الاستمرار في تناول سموم مطابخ التاريخ في عالم يشهد ثورات تكنولوجية متلاحقة ويستعد لتسليم مستقبله للذكاء الصناعي. قال إن الخطوة الأولى تبدأ بأن تتخذ المجموعات العرقية والدينية والمذهبية قراراً قاطعاً بالتعايش والإقلاع عن أوهام فرض الزي الموحد واللون الغالب على خرائط الآخرين. التزام عدم انتهاك الحدود الدولية تحت أي ذريعة أو تسميات إنقاذية تخفي شهيات إمبراطورية كامنة تحت الركام. قرار صارم بالالتحاق بالعصر في التعليم والصحة ومكافحة الفقر وتوفير فرص العمل وتحسين حياة الناس ومكافحة الجفاف والتصحر والتدهور البيئي
كنا نتابع ارتكابات الزلزال عبرالاخبار . وكانت بورصة الموت تحلّق مجنونة. وعشرات آلاف العائلات تستدعي ما تبقى لديها من الدموع. ما أصعب أن يغدر البيت بأبنائه. ما أصعب أن يتحول قبراً بعدما كان ملاذاً. وما أصعب أن يصبح السقف عدواً بعدما كان حارساً. تناثرت البنايات. الشرفات لم تعد. والشبابيك كانت. تجمعت الأبنية كتلاً مذعورة مبعثرة الأحشاء وأطبقت على لحم من توهموا أنها تحمي.
كان حديث الزلزال مفتوحاً على مصراعيه مع السياسي العراقي. أعرب عن ثقته أن المشاهد ستهز ضمير العالم ولن يتأخر في مد يد المساعدة. الساعة ليست للتحفظات أو فتح الدفاتر. لا خيار أمام هول الكارثة غير أقصى درجات التضامن. وكان محقاً في تقديره إذ لم تتأخر دول قريبة وبعيدة في النهوض بمسؤولياتها الإنسانية.
ومن وقت إلى آخر ترتكب الطبيعة مثل هذه الجرائم المروعة. كأنَّ هذه المنطقة تحتاج إلى المزيد من المقابر والمزيد من اللاجئين! لاحظ أنَّ هذا الزلزال المتوحش يبقى أقل هولاً من الزلازل التي ضربت المنطقة بفعل سياسات زلزالية. ألا تعتقد أن عدد الضحايا ومهما ارتفع سيكون أقل من عدد ضحايا الزلزال الذي ضرب لبنان بدءاً من عام 1975؟ أنا لا أقلل من هول ما يحدث. لكن ألا تذكر الزلزال الذي شكلته الحرب العراقية – الإيرانية. دام ذلك الزلزال ثماني سنوات وأنجب نهراً من القتلى والمعوقين ولا نزال حتى اليوم نسدد تلك الفواتير.
راح السياسي العراقي يحصي الزلازل. هل غاب عن بالك أننا نقترب من الذكرى العشرين للغزو الأميركي للعراق؟ إنه زلزال لم تتوقف هزاته الارتدادية بعد، ليس على أرض العراق وحده بل أيضاً على أرض الخرائط التي تدفع ثمن الخلل الذي أحدثه الغزو في توازنات تاريخية في هذا الجزء من العالم. وبين الزلزالين، هناك زلزال الغزو العراقي للكويت والذي رسخ إقامة المنطقة على خط الانهيارات. لا يمكن نسيان الغزو الإسرائيلي لبيروت في 1982 ورؤية الجيش الإسرائيلي يحتل عاصمة عربية. وأعرب عن ألمه لأن العاصمة اللبنانية التي عاندت الآلة العسكرية الإسرائيلية قتلت لاحقاً على يد أبنائها أو بعضهم.
القرن الحالي كان غنياً بالزلازل. اقتلاع نظام صدام حسين تحوَّل زلزالاً. ومثله بعد أقل من عقد تحول اقتلاع نظام معمر القذافي زلزالاً عنيفاً لا تزال هزاته الارتدادية تتلاحق. اغتيال الرئيس علي عبد الله صالح رسَّخ إقامة اليمن على خط الزلازل. من حسن حظ مصر أنها نجحت في تفادي الزلزال الكبير الذي كان يهدد بإضاعة هويتها وإراقة دمها. المناطق الفلسطينية في الضفة وغزة تقيم وسط الدورات الدموية المتلاحقة وستبقى كذلك ما لم يسلم الرأي العام الإسرائيلي أن الزلزال لن يأتي من الدولة الفلسطينية بل من عدم قيامها. وهناك الصومال الذي ذهب في رحلة الزلازل ولم يعد بعد من رحلته. هل يمكن إجراء مقارنة بين ضحايا الزلزال التركي – السوري وضحايا الزلزال الأوكراني المفتوح على مصراعيه؟
قال السياسي إن منع الزلازل الطبيعية مستحيل لكن يمكن تخفيف أهوالها. الالتزام بشروط البناء وهو ما اعتمدته دول أخرى كاليابان. الالتفات إلى أهمية معالجة سريعة لمشكلة البلدات والمدن العشوائية والتي تشهد بعض أبنيتها تصدعات وانهيارات حتى من دون وقوع هزات. التصدي لوحش الفساد الذي يستغل الأموال المخصصة لقطاع البناء ويقامر بأرواح الناس من دون أن يخشى حساباً أو يرف له جفن لأن الفاسدين يتحولون في الغالب لاعبين مؤثرين في الانتخابات أو ما يشبهها..
لشدد على استحالة الذهاب إلى المستقبل في عربات الفساد والانتخابات المغشوشة بالعصبيات أو الدولارات أو على صهوة الميليشيات والعبوات والمسيرات. لا يمكن الذهاب إلى المستقبل إلا في قطار الدولة. حكومة تجمع النزاهة والكفاءة ومؤسسات تستحق التسمية.
بقاء الشرق الأوسط مصنعاً للزلازل عقابٌ شديد لأهله يضاف إلى ظلم الطبيعة. قسوة الأرض موسمية وقسوة مصنع الزلازل دائمة. لا بد من خلع ثقافة الظلام والثأر والانتصار والقهر ومحو الملامح واغتيال الحقوق والأدوار. لا بد من الاعتراف بالآخر وحقه في الاختلاف واختيار طريقه. وحدها قيم العدالة والتقدم والكرامة يمكن أن تساهم في إغلاق مصنع القنابل الذي أسسه تاريخ شائك في جغرافيا مفخخة وغادرة. ويبقى السؤال: من يفتح كل هذه النوافذ على شرق أوسط جديد؟ من يلملم كل هذه الدموع؟
بين مدينة إبسوم في مقاطعة صَري بجنوب شرقي إنجلترا، وبين قُرى ومدن جنوب تركيا، وشمال سوريا، تفصل آلاف الأميال. بيد أن ذلك البون الشاسع من مسافات الفصل الجغرافي، لن يلغي واقع أن البشر جميعاً، أياً كانت العقائد والثقافات التي ينتمون إليها، سوف تجمعهم دائماً حقيقة وُجدت منذ الأزل، وسوف تبقى ما بقي الزمن، خلاصة جوهرها هي أن الموت ليس من مَهرب منه، ولا مفر من مواجهته في وقت معلوم للخالق وحده، مجهول للخلق أجمعين.
أثمة ما يجمع مآسي الزلزال التركي – السوري صباح الاثنين قبل الماضي، مع مدينة إبسوم الإنجليزية؟
نعم، ولو بدا أن حجم المعاناة في الحالتين بعيد جداً عن نطاق أي مقارنات. لقد أقض مضاجع أهل الجنوب التركي والشمال السوري زلزال القدر الذي قد يضرب فجأة بأي مكان على سطح الأرض.
صباح اليوم ذاته، أفاق أهل تلك المدينة، على نبأ ذي وقع زلزال صاعق لهم أيضاً؛ مديرة «كلية إبسوم»، وزوجها، وطفلتهما، موتى في بيتهم الكائن بأرض الكلية ذاتها.
لماذا الغرابة في حادث الأسرة الإنجليزية، وما الذي يعطيها أدنى أهمية، قياساً بمآسي ما يزيد على خمسة وثلاثين ألف أسرة – مع ملاحظة أن العدد مرشح لأن يتضاعف – هم قتلى الزلزال التركي – السوري، ناهيك عن مئات آلاف المشردين في البلدين؟ أما أوجه الغرابة فهي كثيرة. وأما القياس في حجم المعاناة فغير وارد أساساً، لكنه موجود لمن يريد التأمل فيما تخبئ الأقدار من مجهول المصائر لكل البشر، بصرف النظر عن كل ما يفرق بينهم من اختلاف مستويات التقدم والتخلف، العلم والجهل، الغِنى والفقر، الرفاهية والبؤس، ثم قِس على ذلك ما يتبدى لك من أوجه القياس عند النظر في الفروق بين مجتمعات العالم.
حتى ليل الأحد – الاثنين من الأسبوع الماضي، بدا كل شيء طبيعياً لكل الذين أووا إلى فراشهم في الجنوب التركي والشمال السوري، يلتمسون قليلاً من الراحة بعد إرهاق يوم مضى، آملين بغد أفضل رزقاً، وأقل تعباً.
الحالة ذاتها يمكن أن تنطبق على أهل إبسوم، مع ملاحظة الفارق في الحالتين فيما يتعلق بمستوى الأمن والاستقرار. هنا يظهر أول أوجه الغرابة في مأساة السيدة إيمّا باتسون، وزوجها جورج، وطفلتهما لِتي. فقد بدت العائلة لأقاربها كافة، وكل أصدقائها، إضافة إلى المحيطين بها من المعارف والجيران، وزملاء وزميلات العمل، أسرة تنعم بوضع مثالي من كل النواحي. إيمّا ذات الخمسة وأربعين عاماً، تحلق بنجاح باهر في فضاء التعليم، وهي أول امرأة تحظى بموقع مديرة «كلية إبسوم»، الخاصة، التي تتمتع بمكانة لها «بريستيج» يميزها عن غيرها من مرافق التعليم الثانوي. أما الزوج الشاب جورج، فهو محاسب قانوني مرموق كذلك، وابنتهما لِتي، طفلة السبع سنوات، تبدو دائمة المرح والابتهاج بين أترابها من الأطفال. ما الذي حصل حتى يفيق أهل إبسوم صباح ذلك الاثنين على فاجعة أن ثلاثتهم جثث هامدة في بيتهم؟
للحصول على الجواب، كان يجب الانتظار، كما في الزلزال التركي – السوري، مع كل يوم يمر يزداد وقع الصدمة ألماً، وما إن مرت ثلاثة أيام حتى صدع الجواب في مأساة تلك الأسرة صادماً؛ مصادر الشرطة ترجح أن الزوج أطلق النار على الأم والطفلة ثم على نفسه.
إبسوم، لمن لا يعرف، مدينة زادت شهرتها عالمياً سباقاتُ الخيول العالمية التي تشهدها. بالمناسبة من أهم سباقات الخيول في بريطانيا السباق السنوي «أسكوت» المتسم بطابعه الملكي، والذي يقام في مقاطعة بيركشاير، ويحضر وقائعه (20 – 24 يونيو/ حزيران هذا العام) عدد من كبار شخصيات العالم. مدينة كهذه سوف تبدو، وفق مستويات المعيشة فيها، خارج احتمال أن تشهد إقدام زوج ناجح على قتل زوجته الناجحة أيضاً، وطفلتهما الجميلة، ثم نفسه. لكن، الأقدار، من جانبها، سوف تثبت دائماً أن الناس جميعاً معرضون لاحتمال أن تصاب نفوس البشر بهزات بين وقت وآخر. تلك هزات يمر بعضها مثل سحاب عابر، لكن بينها ما قد يتطور إلى زلازل تشتت عائلات بأكملها، وقد تدمر من أمان القلوب واطمئنان الأنفس، على نحو مماثل لدمار عالي البنيان وشاهق الأبراج.
حقاً، ما أقسى أن يصبح النيام، إذا أصبحوا، ذات صباح فإذا العالم قد انقلب رأساً على عقب. يحق هذا على عالم كلٍ منا الذاتي، وعلى عالمنا أجمعين.
وقد حدثت فى بغداد بعض الهزّات الأرضية، وقد أفاض في تسجيلها المؤرخون برغم أنهم لم يذكروا لها ضحايا، مما يدل على أنها هزّات محدودة الأثر.. فقد حدثت رجّة زلزال في رمضان سنة 186هـ بين المغرب والعشاء، وقد وصفها ابن الجوزى بأنها”رجفة شديدة”ولم يذكر لها ضحايا، ولم يذكر لها تأثير على البيوت والمساكن..
• وحدثت رجفة أخرى سنة 347هـ ولم تترك أثراً.
• أمّا في سنة 464هـ، فقد حدث في بغداد زلزال ارتجت له الأرض ست مرات، وكان ذلك ليلة الجمعة ـ 26من ربيع الآخر، وقت طلوع الشمس، ومع ذلك فلم تحدث خسائر بشرية أو مادية، 3 ــ ولخلو تلك الزلازل من خسائر بشرية، فقد اكتفى أهل بغداد باعتبارها فألاً سيئاً ونذيراً بموت أحد الكبار، ونفهم ذلك من قول ابن الجوزي عن زلزال محرم سنة 487هـ، أنه مات بعده الخليفة المقتدى.
• وكان زلزال يوم عرفة سنة 511هـ محسوساً، فقد كانت الحيطان والستائر تروح وتجيء، وأوقع الزلزال بعض البيوت والدكاكين، ولكن لم تقع خسائر في الأنفس، واكتفى ابن الجوزي بالربط بين ذلك الزلزال وبين موت السلطان محمد بن ملكشاه.
• ويقول المؤرخ أبو الفضل بن ناصر عن زلزال بغداد يوم 16 ربيع الأول سنة 524هـ، الذي حدث ليلة الجمعة”كنت في المسجد بين العشائين فماجت الأرض مراراً كثيرة من اليمين عن القبلة إلى الشمال فلو دامت لهلك الناس، ووقعت دور كثيرة ومساكن في الجانبين الشرقي والغربي، ثم حدث موت السلطان محمود وفتن وحروب”أي اعتبر الزلزال مؤذناً بالموت والفتن والحروب”.
• ويروي ابن الجوزي تجربته الشخصية عن زلزال بغداد سنة 529هـ”وزلزلت بغداد مراراً لا أحصيها، وكان مبتدأ الزلزال يوم الخميس ـ 11 شوال، فزلزلت يومئذ ست مرات، ودامت كل يوم خمس مرات أو ست مرات إلى ليلة الجمعة سابع عشر من شوال، ثم ارتجَّت يوم الثلاثاء النصف من الليل، حتى تفرقت السقوف وانتـثرت الحيطان، وكنت في ذلك الزمان صبياً، وكان نومي ثقيلاً لا أنتبه إلا بعد الانتباه الكثير، فارتج السقف تحتي وكنت نائماً في السطح رجّة شديدةً حتى انتبهت منزعجاً، ولم تزل الأرض تميد من نصف الليل إلى الفجر والناس يستغيثون…!! ولم تقع ضحايا.. مما يدل على أنه ليس بالشدة التي تصوّرها ابن الجوزي.
• ويكرر ابن الجوزي الحديث عن تجربته الشخصية مع زلزال بغداد ليلة الثلاثاء ـ 24من ذي القعدة سنة 538هـ، وكان أيضاً نائماً، يقول”كانت رجّة عظيمة، كنت مضطجعاً على الفراش فارتج جسدي منها..”.
• أمَّا الزلزال الحقيقي فهو الذي كان يحدث خارج بغداد، وتصل أنباؤه الى مسمع ابن الجوزي فيسجلها، وكانت الضحايا بالألوف وعشرات القرى والمدن، وكنا نحتاج إلى قلم ابن الجوزي ليصدر وقائعه عن مشاهدة عينية، ولكنه كتب ما وصل إلى سمعه وما نقله عن الآخرين. وبالتأكيد فإن ذلك الوصف السماعي كان أخف كثيراً من الواقع البشع، ويبدو أن بغداد كانت بعيدة عن مراكز الزلازل القوية في العراق التي كانت تضرب المدن الرئيسة وما حولها في الأهواز وواسط والموصل وحلوان..
• وفي سنة 310هـ، حدث زلزال هائل في واسط، نتج عنه شقوق هائلة في الأرض عددها سبعة عشر شقاً، أكبرها ألف ذراع وأصغرها مائة ذراع، وقد أغرق ذلك الزلزال ألفاً وثلاثمائة قرية من القرى الكبيرة..!! ولم يذكروا أعداد الضحايا..
• وفي سنة 317هـ، ضرب الزلزال منطقة الموصل فهدم كثيراً من المنازل وأهلك كثيراً من الخلق.
• وفي يوم 18 شوال سنة 450هـ، بين المغرب والعشاء، اهتز العراق كلّه بزلزال ضخم أرهب الناس ودمّر البيوت في همدان وواسط وعنة وتكريت ووصلت أصداؤه إلى بغداد.. ولم يذكروا أرقام الضحايا..
• وفي شهر ذي الحجة سنة 455هـ، حدث زلزال آخر في واسط وقد لبث مدة طويلة..
• وفي يوم السبت أول ذي الحجة سنة 544هـ، وفي وقت الضحى، حدث زلزال عظيم في حلوان، حيث ظلّت الأرض تموج وتتحرك نحو عشر مرات، وتقطع الجبل وابتلعته الأرض، وانهدم الرباط البهروزي، ومات الآلاف من التركمان..
ربما من نافل القول إن الزلزال الذي ضرب كل من سوريا وتركيا كان زلزالين لا زلزالا واحدا! زلزال طبيعي مثل كل الزلازل التي تضرب في مكان ما من الأرض ويذهب ضحيتها الكثير من الناس دون تفريق بين كبير أو صغير أو أبيض أو أسود وهذا طبيعي في عرف الكوارث، فلم يُعرف أن الكوارث الطبيعية تميز بين البشر.
أما الزلزال الأخطر فكان سياسياً بامتياز ومن فعل البشر فمن كان يتوقع أن يكون تقاعس المجتمع الدولي بهذا الحجم على الرغم من هول الكارثة التي لم يحصل مثيلاً لها منذ قرون! ومن كان يتوقع أن يتم التمييز في التعامل بين مصابي الزلزال في تركيا وبين مصابي الزلزال في سوريا، فبينما تقاطرت المساعدات على تركيا من كل أصقاع العالم وخاصة من أوروبا وأميركا، وتزاحمت الطائرات في سمائها تحمل المساعدات والأدوات والأغذية والأدوية للمنكوبين لم تضل سبيلها إلى سوريا حيث المنكوبون من المستوى الآخر!
ومن كان يتوقع أن يتم ترك المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة السورية، والتي دعمت الدول الغربية مقاتليها بالسلاح والمال لمواجهة إخوتهم السوريين لمدة عشر سنوات ونيف، أن تتخلى عنهم في وقت الكارثة لتظهر حقيقة المجتمع الدولي.. دعم في الحروب، وتقاعس في الكوارث والملمات.
في الجانب الآخر من كان يتوقع أن يكون التضامن العربي مع سوريا بهذه القوة والضخامة ومن كان يتوقع أن يكون وقوف الأخوة العرب إلى جانب أخيهم السوري “المكلوم” بهذه الشدة، بعدما رفض بعضهم حضور دمشق للقمة العربية الأخيرة في الجزائر! ومن كان يتوقع مثلاً أن تكون فرق لبنان والأردن والعراق وفلسطين – دول الجوار السوري – من أنشط الفرق وأسرعها في عمليات الانقاذ والإغاثة، ومن كان يتوقع أن تفوق نخوة الإمارات والجزائر وعمان كل نخوات الدول العربية، ومن كان يتوقع أن يتصل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بالرئيس بشار الأسد وأن يتصل رئيس حكومة الوفاق الليبية عبدالحميد الدبيبة برئيس الوزراء السوري حسين عرنوس على الرغم من القطيعة بين الطرفين!
وفي المقلب التركي من كان يتوقع أن تكون مصر أول الواقفين إلى جانب تركيا متجاوزة خلافاتهما بشأن الغاز وليبيا والاخوان، أو أن يزور وزير خارجية اليونان تركيا ويعلن وقوف اليونان إلى جانب تركيا بعدما هدد أردوغان بقصف أثينا بالصواريخ البالستية، وبدلاً من أن يصبح البلدان على شفير حرب طاحنة! تحولت العلاقات بينهما إلى علاقات أخوة ومحبة، حيث كان اليونانيون أول الواصلين للانقاذ ورفعت صحفهم شعار “كلنا أتراك”.
ومن كان يتوقع أن تعمل فرق الانقاذ الروسية جنباً إلى جنب مع فرق الانقاذ الأوكرانية، وفرق الانقاذ الأرمنية إلى جانب فرق الانقاذ الأذربيجانية! إنها الكوارث التي تجمع المتقاتلين والمتخاصمين لمواجهة غضب الطبيعة.
وفي المقلب الانساني “المقونن” من كان يتوقع تخاذل منظمات الأمم المتحدة وتأخرها أو فرق انقاذ الدول المتقدمة متناسية الدروس التي صدعت بها رؤوس العالم في المساواة وحقوق الانسان! ألم تكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي آخر الدول التي تفكر بإرسال مساعدات إلى الشعب السوري المنكوب؟!
وعلى جانب آخر ألم تستغل المعارضة التركية الكارثة لتوجه سهامها لحزب العدالة والتنمية الذي يقوده أردوغان الذي لم يكن يوماً يشعر بالضعف مثل هذه المرة ويخشى السقوط في الانتخابات في حين تحمله المعارضة مسؤولية الدمار الذي حلَ بعشر مدن تركية بسبب الفساد في العمار وبناء السدود وسوء إدارة الأزمة، وفتح تركيا للاجئين وبيع العقارات للأجانب.
وفي الجانب السوري ألم تعترف الولايات المتحدة بجريمتها بحق الشعب السوري عندما عمدت وزارة الخزانة الأميركية لرفع العقوبات عن المواد اللازمة للإغاثة لمدة ستة أشهر! لو كانت سوريا قادرة على استيراد الآليات الحديثة والمعدات الطبية اللازمة لمثل هذه الملمات، ألم تكن مواجهتها للزلزال أسرع وأفضل ولربما أنقذت الكثير من الضحايا!
نعم مثلما أظهر الزلزال ظلم الانسان لأخيه الانسان، أظهر أيضاً تكافل “الإخوة الأعداء” مع بعضهم بغض النظر عن خلافات سابقة وعن تمييز في العرق واللون والدين والمذهب!
أجل، يمكن القول إن الزلزال الذي ضرب كل من سوريا وتركيا حدث كبير ستكون له تداعياته الانسانية كما هي تداعياته الاقتصادية، وربما يُعيد العالم النظر بكثير من الأمور التي كان يُعتقد أنها مصيرية كالحرب الروسية الأوكرانية، والتوتر الأميركي الصيني بعد حادثة المنطاد، واتهام واشنطن لبكين بالتجسس على العالم.
أسلحة قادرة على إحداث زلازل”.. هل جرى إرسال قضبان تيتانيوم كبيرة إلى أعماق تركيا لافتعال زلزالها المُدمّر؟.. تصريح مُذهل بتوقع رئيس وكالة الفضاء التركيّة يُشير إلى افتعال زلازل بقوّة 7-8 درجات.. تهرّب من المسؤوليّة أم لتركيا عُقوبة زلزاليّة؟
هي كارثة إنسانيّة حزينة مهولة، قد تعجز كُلّ الكلمات عن توصيفها، والحديث عن زلزال تركيا وسورية، الذي ضرب البشر والحجر والشجر، وخلّف خسائر بالأرواح وصلت إلى أكثر من 40 ألف قتيل، وآلاف الجرحى، وهي كارثة يُفترض أنها حصلت بعد غضب الطبيعة، وما يقوله علم الزلازل من تحرّك صفائح وغيرها في ذلك الخُصوص.
قد يكون صعباً على العقل البشري، تحمّل هذه الكارثة وتوابعها على البشريّة، ومشاهد الألم والحزن، والتشرّد التي حلّت بأبناء الشعبين التركي، والسوري، ولكن كيف هو الأمر والحال، لو ثبت أن هذه الكارثة سببها قد يكون مُفتعلاً، وأن ثمّة طرف استطاع أن يتخلّى عن ضميره، ويُهلك البشر بهذه الطريقة الحزينة، وهذه الفرضيّة بافتعال الزلزال قد جرى الحديث عنها في بداية وقوع الزلزال، ولكن لم يأخذها فيما يبدو أحد على محمل الجد.
الجد، وبكُل الجد، ذهب رئيس وكالة الفضاء التركيّة سردار حسين يلدريم بالأتراك إلى حدّ الذّهول، وطرح التساؤلات، ومعهم كل الذين تابعوا الكارثة، حين كان تحدّث في تصريح تلفزيوني على قناة محليّة، عاد للواجهة، بأنه يُوجد أسلحة قادرة على إحداث زلازل.
وشرح يلدريم تصريحه، بالقول بأنه لإحداث مثل تلك الزلازل يجب إرسال قضبان من التيتانيوم الكبيرة من الأقمار الصناعيّة إلى الأرض، لتخترقها حتى عُمق 5 كيلو مترات، فتُحدث زلزالاً.
ويُتابع المسؤول التركي بالقول بأنّ هُناك أقمارًا صناعيّة تُسمّى warrior يُمكنها إرسال هذه القضبان بطُول 10 أمتار من الفضاء إلى أيّ هدف.
والأغرب والأعجب بتصريح يلدريم المُتناقل، بأنه أكّد بأنه لا يستطيع فعل شيء إذا تم استخدام هذا السّلاح، خاصّةً في دول مثل تركيا.
وعادت تصريحات رئيس وكالة الفضاء التركيّة للواجهة، بالتّزامن مع كارثة الزلزال، ما فُهم منها بأن زلزال تركيا يُمكن أن يكون مُفتَعلاً، بالطّريقة التي ذكرها، وهي تستطيع إحداث زلزال بقُوّة 7- 8 درجات.
وأثارت تصريحات رئيس الوكالة، جدلاً، فبعد نفي كثير من الخُبراء فرضيّة افتعال الزلازل، وأنها تخضع لطبيعة المناطق الزلزاليّة ومدى تعرّضها للنّشاط الزلزالي، يتصدّر المسؤول التركي بفرضيّة القضبان المسؤولة عن افتعال زلزال، ليُضيف جدلاً، على جدالات كثيرة ثارت مُنذ لحظة وقوع زلزال تركيا، فيما لا يستطيع أحد في المُقابل لعلّه تقديم نظريّة وفرضيّة ذات حقيقة كاملة، تُفنّد ما قدّمه، أو تُؤكّده.
وفي حال صحّ افتراض افتعال الزلزال، لفت مُتفاعلون مع القصّة، بأن الطرف الذي يستطيع استخدام أسلحة لتقع الزلازل، يستطيع تهديد الدول الضّعيفة بها لإخضاعها، وهو قادر من خلالها إعادة هذه الدول إلى مئات السّنين للوراء، أو عليها الخُضوع لأوامره، ومن يملك مثل هذه الأسلحة غير الدول العُظمى، فماذا فعلت تركيا حتى تُعاقب مثلاً بمثل هذا الزلزال المُدمّر الذي أعاد قهرمان مرعش وبُنيتها التحتيّة كما مُدُن الأشباح المهجورة، وقبل موعد الانتخابات الرئاسيّة، فيما المخاوف تدور الآن حول زلزال إسطنبول الذي سيكون زلزال قهرمان مرعش “بروفة صغيرة” أمامه وفق تحذير خبير.
ولم تتبنّ الحكومة التركيّة عبر مسؤوليها الرسميين فرضيّة افتعال الزلزال، ولكنّ الإيحاء بهذه الفرضيّة اعتبره مُشكّكون بفرضيّة افتعال الزلزال، وعبر إعادة تصريح رئيس وكالة الفضاء التركيّة للواجهة، هو للتغطية على تقصير الحزب الحاكم العدالة والتنمية في عمليّات الإنقاذ، وتطبيق معايير سلامة الأبنية، وتحديدًا قوله بأن تركيا لا تستطيع فعل شيء أمام هذه الأسلحة، مع أن آخرون يرون أن المُعارضة التركيّة هي من أرادت استغلال حدث الزلزال، ووصل بها الأمر لدرجة المُناكفة في دفن الضّحايا في المُدُن التي تتبع بلديّاتها.
هل زلزال تركيا وسورية مُفتَعل إذاً؟.. يقول المثل الشّامي: “عيش كتير.. بتشوف كتير”!
أولا من هم أعداء تركيا حتى يستخدموا هذا السلاح ضدها لوكان موجودا ؟ إسرائيل أرمينيا ألمانيا اليونان و كل أوروبا أمريكا الصين روسيا؟ هل يمكن لأحد من هؤلاء إستخدام سلاح ينتج زلزال ضد تركيا؟ أصلا لو كان هذا السلاح عند الروس مثلا لإستخدموه ضد أوكرانيا و أمريكا و كل أعدائها دون أرسال جندي واحد للميدان الحربي…أيضا لوكان هذا السلاح عند أمريكا لفعلت نفس الشيء ضد روسيا و أي دولة أخرى و أيضا إسرائيل لو عندها هذا السلاح لأبادت العرب و نفس الشيء لو أوروربا عندهم لأعادوا إستعمار العالم من جديد …ثم هل الصين هي التي تحدث الزلازل في اليابان و أندونيسيا و المحيط الهادي الذي كله يقع فوق بؤر زلزالية ؟…كفى ثم كفي من التدليس السياسي و العسكري…إن الزلزال في تركيا وقع بفعل تحرك الصفائح التكتونية بشكل طبيعي كما في أي منطقة تقع فوق الفوالق و البؤر الزلزالية في العالم و كثرة الزالازل من علامات الساعة كما قال بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم في بعض أحاديثه النبوية الشريفة و كثرة الزلازل تقع نتيجة ما يعتمل في باطن كوكب الأرض من حركات تكتونية لا غير …اليوم حدث في تركيا و غدا قد يحدث في كاليفورنيا التي تقع العديد من مدنها و كل الساحل الغربي لأمريكا حيث يقع فالق زلزالي ممتد من غرب أمريكا الجنوبية إلى السواحل الغربية لكندا و أيضا قد يقع خسف عظيم أو زلزال كبير في أي منطقة أخرى من العالم وهذا هو حال كوكب الأرض و طبيعته كما يحدث أيضا في باقي أقمار و كواكب و نجوم و مجرات الكون
بأي حال كان، فان هذا يعني ان على الدول كافة ان تراقب فضائها وليس سمائها فقط. وان تسعى لتكتسب مثل هكذا وسيلة.
هذا يحتم اعادة تعريف لاجواء الدول، رأينا كيف قامت امريكا باسقاط بالونات تطير في المناطق الدولية اي بارتفاعات تزيد عن تعريف اجواء الدول بالمصطلح الجوي .