💥مفاهيم إدارية بسيطة .. تنمية بشرية
بقلم / د. نبيل احمد الامير

هل تساءلت يوماً عن سبب الطوابير الطويلة أمام نقاط بيع لهذه الشركة او ذاك المعرض او الاسواق .. خصوصاً عندما يتم الاعلان عن طرح مُنتج جديد ؟

الإجابة سهلة ..
هناك حيلة إدارية ومبدأ نفسي تعتمد عليها الشركات المُنتحة العالمية في تسويق منتجاتها وتشمل هذه الحيلة ..

1. مبدأ الندرة (Scarcity Principle): وهي أحد مبادئ الإقناع المهمة حيث أنّ كل الجمهور يرغب نفسياً دائماً في المزيد من هذا المنتج، لكن مايمكن الحصول عليه يكون دائماً قدر قليل، وبذلك يبقى الجمهور يترقب ويسعى بأي طريقة للحصول على هذا المُنتج .. يعني إيهام الجمهور ان المُنتج محدود الكمية وعليهم أن يعانوا للحصول عليه .

يمكن للشركات دمج قيمة الندرة في استراتيجيات التسويق الخاصة بعلامتها التجارية لزيادة الطلب والمبيعات، وغالباً ما تستخِدم أسلوباً أو لغة تؤكد على محدودية كمية السلع المتاحة لفترة معينة، مثل “الكمية محدودة”، أو “الأولوية لأسبقية الحضور”،
وهو بالضبط ما تفعله شركة “آبل” مثلاً عند إطلاق الإصدار الجديد من هاتف “آي فون”، حيث تعطي الطوابير الطويلة أمام نقاط بيعها انطباعاً بأن المُنتح على وشك النفاد .

ترتبط قيمة الندرة من وجهة نظر علم النفس بمفهومي الدليل الاجتماعي والالتزام، إذ يمثل الدليل الاجتماعي الاعتقاد بأن الناس يحكمون على منتج ما أنه عالي الجودة نظراً إلى ندرته، فيما يشير مفهوم الالتزام إلى ازدياد رغبة الناس في شيء يريدونه عند عدم قدرتهم على امتلاكه .

لا يقتصر هذا المبدأ على شركات التكنولوجيا، وإنما هو شائع أيضاً في مواقع حجز الفنادق والرحلات الجوية، إذ تعرض مواقع الخطوط الجوية قوائم الرحلات مع الإفادة بأنه لم يتبق سوى عدد قليل من المقاعد بسعر معين،
ويدرك المستهلك تقلب أسعار تذاكر الطيران، فيتنظر بعضهم أوقاتاً أو أياماً معينة من الأسبوع للحجز، إلا أن معرفتهم بأن مقعداً واحداً فقط متاح بهذا السعر، يدفعهم للاعتقاد بضرورة حجزه بدلاً من الانتظار والمخاطرة بدفع المزيد لاحقاً .

يمكن الاستفادة من القدرة الإقناعية لحصرية المعلومات من قبل أي مدير يمتلك معلومات غير متوفرة على نطاق واسع، ومن شأنها أن تدعم فكرة أو مبادرة يود من الشركة أن تتبناها، لذلك إن كنت مديراً لشركة ومرت عليك هذا النوع من المعلومات في مكتبك، استدعي الأطراف الرئيسة في الشركة، وضع التقرير على مكتبك، وقل لهم: “لقد تلقيت هذا التقرير اليوم، وعندي اوامر بعدم توزيع التقرير عليكم لإطلاعكم على محتواه حتى الأسبوع المقبل، لكنني أريدكم أن تلقوا نظرة مبكرة على فحواه .. ستشاهد الاهتمام الذي سيبديه الحاضرون بما تقول ، حتى لو كانت المعلومات مملة وغير مهمة، لكن حصريتها واستخدام حيلة التشويق سيعطيها بريقاً مميزاً .

2. التقادم المقصود (Planned Obsolescence):
وهي ستراتيجية إنتاجية تقضي بتصميم المنتجات بحيث تؤدي وظيفتها وتكون قابلة للاستخدام لمدة زمنية محددة، وبعد انقضائها تصبح غير مفيدة أو غير ملائمة ويجب استبدالها بمنتجات محدّثة .

تهدف الشركات من هذه الاستراتيجية لضمان الطلب المستقبلي على منتجاتها، ويمكن تطبيقها إما بتصميم المنتج بطريقة معينة واستخدام مواد محددة بحيث تؤدي لتعطله أو خروجه عن الخدمة بعد انقضاء مدة التقادم، أو عبر طرح بديل أفضل بعد مدة معينة بحيث يستغني المستهلك عن المنتج القديم الذي بين يديه ويطلب الأحدث .

يعود أصل المصطلح إلى عام 1954، حيث استُخدم كعنوان لخطاب المصمم الصناعي الأميركي “بروكس ستيفنز” في مؤتمر لصناعة الإعلانات، وحينها كان مفهومه إقناع المشتري بالرغبة في الحصول على منتج أحدث وأفضل من منتج يكتفي بتلبية حاجته الفعلية فقط.

أصبحت الكثير من الشركات تبرمج تعطيل منتجاتها بعد فترة من الزمن، رغم أن منتاجتها يمكن أن تعمّر لفترة طويلة جداً .. وتعدّ هذه الاستراتيجية غير قانونية في الكثير من الدول التي تفرض على الشركات الإفصاح عن معدل العمر الافتراضي الوسطي لمنتجاتها .