قرأت 10 كتب للعالم الفقيه المحدث الجزائري عبد الوهاب مهية، واليوم يتطرق صاحب الأسطر لكتابه ” مشروعية الدرس قبل صلاة الجمعة والرد على من زعم أنه بدعة “، دار الخلدونية، طبعة 1436 هـ – 2015، من 56 صفحة.
أجاب كعادته بالدليل المبني على علم وفقه وسعة صدر، فقال في صفحة11.. الحديث الخاص بالنهي عن التحلق فيه مقال. وكل الأحاديث جاءت للنهي عن البيع والشراء في المسجد، وليس التحلق في المسجد.
وجاء في صفحة 25، أن المراد النهي عن التحلق للحديث في أمور الدنيا.
وجاء في صفحات 17 – 21 ، أن النهي المقصود به هو الكلام الذي يكون بين المتجالسين. وأن هيئة الحلق التي تمنع الصفوف هي المنهى عنها، وليس درس الجمعة. والتحلق المنهى عنه في الحديث، هو التوزع في حلق كثيرة مبثوثة. وأن النهي عن هيئة الاجتماع وليس عن مضمونه. والنهي أيضا عن الكلام الذي لاقيمة له والكلام الذي لايليق، فيمنع ذلك في المساجد.
ويختمها بقوله في صفحة 22، أن الحديث الذي جاء فيه النهي عن الحلق، لايتناول درس الجمعة بأي وجه من الوجوه. وإذا لم تكن الحلق فيها محذور فإنه لامحظور فيها.
أما فيما يخص الجهر، فقال في صفحة 26، أن سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يجهر بالذكر بعد الفراغ من الصلاة وفي المصلىين من هو مسبوق. مايدل على أن الجهر إذا لم يجاوز الحد المعتدل وكان من طرف واحد، فلا كراهة فيه ولا إنكار عليه. وذكر أن سيّدنا عبد الله بن مسعود كان يرفع من صوته بالذكر، وكذلك سيّدنا ابن عباس، رضي الله عنهم جميعا، الذين رووا عن سيّدنا رسول الله فعل ذلك.
وقال في صفحات 28-29، أن الجهر لايكون مؤذيا على كل حال، وبالتالي لايكون منهيا عنه على الإطلاق. وسيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينهى عن الجهر بالذكر، بل دعا بالرحمة لمن ذكّره بالآية، لأنه قد أنسنيها.
ويتساءل بغرابة في صفحة 31، كيف يتأذى الناس من درس يذكرهم بالله تعالى ويعرّفهم بحقوقهم على عباده، وتعليم أحكامه؟. وأين الضرر في إغتنام إجتماعهم لتعليمهم أمور دينهم؟.
ويرى في صفحة 33، أن الوعظ والإرشاد لايتقيد بزمن، بل ينظر فيه المصلحة وحالة المتعلمين وكونهم.
ويقول في صفحة 34، أين الحرج في إقامة درس الجمعة قبل الخطبة. المهم أن لايعتقد أنه من سنن يوم الجمعة ومستحباتها.
ثم إنتقل الفقيه المحدث إلى عرض الذين أيّدوا درس الجمعة قبل صلاة الجمعة، ومارسوه طيلة حياتهم، وحثّوا الناس عليه، ومنهم ..
الصحابة الذين ذكرهم في صفحات 34 -44 ، ومنهم.. أبو هريرة. وقال بأن أبي هريرة الذي روى حديث التبكير ، هو نفسه الذي كان يلقي درس الجمعة. وأن هناك ثلاثون صحابيا يدرسون يوم الجمعة في مسجدهم. وعمر بن الخطاب يأذن بالدرس قبل الصلاة. وعثمان بن عفان. والسائب بن يزيد، وعبد الله بن بسر، وعبد الله بن عمر، وسلمان الفارسي، والإمام مالك، رضي الله عنهم.
والتابعين الذين ذكرهم في صفحتي 44 – 46، وفيهم الرفعاء الذين جالسوا كثيرا من الصحابة رضي الله عنهم، وبأنهم كانوا يتحلقون يوم الجمعة قبل الصلاة. وبأنهم يتحلقون يوم الجمعة قبل خروج الإمام. وختمها بقوله، أن قول القائل أن الدرس لم يكن يفعله سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قول مجانب للتوفيق وبعيد عن التحقيق.
وقال في صفحة 51، ” أن العلامة ابن باديس رحمة الله عليه وأصحابه من علماء الجزائر، كانوا يقومون بدرس الجمعة، فيغتنمون تلك المناسبة التي يجتمع فيها الناس على كثرة مشاغلهم، لأداء مافرض الله عليهم من واجب التبليغ والتبيين، وليس كما يقول بعض، من أن ذلك كان بسبب الاحتلال، إذ لاتعلق للمسألة باحتلال ولا استقلال، وإنما هي فقه الواقع، وتبصر العالم، ولأن مناط الأمر يدور حول أحوال الناس وما يحدث لهم من مناسبات “.
ويقدم خلاصة ثمينة في صفحات 52 – 55، أن درس الجمعة ليس فيه من التهويش والتهويل. “والناس يفرحون بدرس الجمعة واستعدوا له وهم سعداء به ومتسابقون للأماكن الأولى بالسكينة والطمأنينة ” .
فالدرس يوم الجمعة مشروع، وفاعله سلف متبوع. وهو لا يخرج عن وظائف ذلك اليوم، بل هو من أولاها وأرجاها “. واعتبر أن من يقرأ القرأن أثناء درس الجمعة، لا ليقرأ بل ليخالف ويعرض عن الدرس، فإن ذلك ليس من خلق المسلمين ولا هدي سيّدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.