مزاعمإسرائيلية للإطاحة بالملكية الأردنية
دوسلدورف/أحمدسليمان العمري
تصدّرتالأيام الأخيرة مقالة الكاتب الإسرائيلي “روغل ألفر” في الصحيفة العبرية”هآرتس” التي نُشرت يوم الأحد الماضي 22 ديسمبر/كانون الأول، وما أنبانت الأسطر الأولى من المقالة حتى تداولتها المواقع العربية الإخبارية بسرعةتجاوزت الحلم اليهودي في الأرض العربية، والتي تضمّنت إزاحة جلالة الملك عبد اللهالثاني ملك المملكة الأردنية الهاشمية عن العرش، وإسقاط نظام الدولة واستبدالهبالكونفيدرالية لتضمّ الأردن وفلسطين، أو بأسوأ الحالات إعادة الارتباط بالضفةالغربية الذي انتهى العمل به سنة 1986م.
لم ينفرد “روغل ألفر” بهذا السبقالركيك، فقد كتب قبله ومعه وبعده آخرون من اليمين الإسرائيلي الذين يعلمون حجمإيمان العرب بكل ما يصدر عنهم من تطاول على الملك عبد الله بتصريحهم الأخيرواستخفاف واستفزاز في آن. قدّ يكون من ورائه استبدال حالة السلام والهدوء معالأردن بالتوتر والغليان، و الهدف منه إشعال الشارع من الداخل، وطرح أمثلة علىمشاريع مستقبلية هدّامة تصبّ في محور واحد، هو إضعاف الأمّة من خلال الإعلام.
ارتكز”ألفر” في حديثه إلى ما نُقل عن اليمين الإسرائيلي وعلى رأسهم رئيسالوزراء الحالي “بنيامين نتنياهو” وأحد أبرز قادة “اليكود”جدعون ساعر” إلى أحلام وتصورات حول مستقبل دولة الإحتلال في المنطقة والتوسعةالجغرافية لحدودها وجزئيات أخرى تؤرق اليهود، أحدها وأهمها قضية المسجد الأقصىوالمسَاعي إلَى الحَيْلُولَةِ دُونَ تدّخل السلطة الدينية الأردنية المسؤولة عنالأقصى المبارك، وإذعان المعضلات لليهود لتمكينهم من ممارسة طقوسهم الدينيةبحريّة.
إنّهليس من الجديد توظيف دولة الإحتلال إعلامها لإضعاف أنظمة الدول العربية لتمريرمشاريعها المُدَمِّرة المُهْلِكة، فالترويج الأيام الماضية بشكل مكثّف لفكرة ضعفالنظام الأردني وخاصة بعد إعلان “نتنياهو” ضمّ غور الأردن في الضفةالغربية لدولته، والدندنة على تردّي الأحوال الاقتصادية التي تمر بها البلاد،بالإضافة إلى التلويح للعشائر وتقديمها كمعارضة حقيقة غير تقليدية، ومزاعم خطورتهاعلى الملك والحكم الأردني.
فيالحقيقة أنّني خلال قرآتي لما تروّج له الصحافة الاسرائيلية ويُنسخ ويُلصق بسرعةالضوء في الصحافة العربية استحضر الأمريكي اليهودي، زوج ابنة رئيس الولاياتالمتحدة “دونالد ترامب” ومستشاره “جاريد كوري كوشنر” ومقترحه”صفقة القرن” التي رفض وصفها بالـ “صفقة” إنّما أصرّ علىأنّها مشروع “السلام من أجل الازدهار”، أذكره إبّان تناولي هذا الموضوعمن بابين:
الأولعندما ربط التصريح عن موعد الصفقة بإنتهاء انتخابات “بنيامين نتنياهو”،كذلك هذر اليمين الإسرائيلي ومعه الإعلام حول إسقاط الحكم في الأردن أيضاً بعدالانتخابات الإسرائيلية المقرّرة في مارس/آذار 2020م.
والثانيهو البعد الذي تعمل عليه بث هذه الأفكار، وهي تهيئة الأجواء المستقبلية لهذاالطرح، وبعض مخرجات مؤتمر المنامة الذي فشل من جوانب كثيرة، غير أنّه حقّق نجاحعال المستوى في نقطة لم تكن معلنة أبداً، وأظنّها أحد أهم أهداف”كوشنر”، ألا وهي مشروعية خلق لغة حوار علنية وتنسيق سياسي واقتصادي بينالسعودية ودولة الإمارت ومعهم مصر تجاوز التطبيع لتصل حد الإذلال.
ماأريد قوله في هذا الطرح هو سحر الإعلام وسطوته، فإذا سمعت الخبر من اثنين أو ثلاثةكنت أنا الرابع ناقله ومتبنيه، إلّا إذا كنّا شعباً وحكومة ممثّلين بسيد البلادمتمكسين بثوابت وروابط راسخة بعمق جذور الشجر وصلابة الحجر ومواقف الأشراف منالبشر، فلا ندع أحلام دولة الإحتلال والصهاينة تنخر وجداننا وتضعف من ولائنا وتحبطهمّمنا، هَمِّمْ النشامى وإيماننا بمستقبل أفضل سيأتي على أيادي أبنائنا، فنحن مازلنا محمّلون على أذرع الغرب، وأن نعي حجم المخاطر والمؤمرات التي خرجت من الخفاءومن خلف أبواب محكمة حتى آلت إلى خطوط عريضة في الصحف وعلّها في بعض القلوب.
لذلكلا نريد خلط حابل فساد الحكومة والتنفّذ بنابل جهل بعضنا وتطاوله.
ويبقىالتساؤل، هل ما جاء على لسان “روغل ألفر” هو محض دعاية انتخابية لليكودوالذي يخوض الانتخابات للمرة الثالثة على التوالي في نفس العام بعد فشله فيالمرتين السالفتين في تشكيل حكومة؟ وبالتالي يسعى الآن جاهداً لرفع الدعايةالتحريضية ضد كلّ ما هو عربي لكسب الأصوات في الشارع الإسرائيلي.
أمأنّنا ملزمون بالتوقف عند طرحه وحجم ما يحمله من خطورة؟ وخاصّة أنّ الملك عبد اللهتحدّث بشكل واضح وصريح لا يحتمل اللبس ولا التأويل، بأن العلاقات مع دولة الاحتلالهي الآن في أسوأ حالاتها، هذا بإلإضافة إلى ما تناوله الإعلام العبري مؤخراً بأنّالأردن بدأ بإعادة النظر بالإتفاقيات الموقعة، وسنامها أتفاقية وادي عربة الموقعةفي 26 أكتوبر/تشرين الأول 1994م، مع الإشارة إلى إصرار الأردن على إسترجاعالباقورة والغمر، فضلاً عن الأزمات المتتالية بين الطرفين بدءاً بحادثة السفارةوما ترتّب عليها، ومروراً بالانتهاكات بحق المسجد الأقصى ومحاولة دولة الإحتلالتهميش الدور الأردني التاريخي فيها، وانتهاءً بالأسيرين الأردنييّن والأسير الإسرائيلي.
وأخيراًاتفاقية الغاز مع دولة الاحتلال التي تؤرق الشارع الأردني وتؤججه، حيث عبّر عنهاالشعب اليوم بمسيرة حاشدة ضمّت جميع شرائح المجتمع وأطيافه في ظل خنوع برلماني، الذييرفض بسكوته الإستجابة لمطالب وطنية وشعبية. إنّناالأردنيين الآن على محك جَلَل، بين تسويق إعلامي رخيص من شأنه إسقاط رايتنا وتفكيكجمعنا وبين توحيد الكلمة ووفاق الصّف الذي فيه رفعتنا والعزّ، نحن لسنا مخيرون أننكون أو لا نكون، إنّنا مجبلون على القسوة والجلد وأهلاً للوقوف أمام هذهالتحديّات والتهديد الصريح. فلنبقى كما كان أباؤنا وأجدادنا جند مسلحون وعتادناالعزم واليقين، باقون على العهد واليمين ومرامنا القدس وفلسطين.

Freundliche Grüße AhmadAl Omariأحمد سليمان العمري Medizinische Dekanat Heinrich-Heine-Universität Düsseldorf Universitätsstraße 1 40225 Düsseldorf Germany Tel.:  +49211/811-3084Mobil: +49174/4266837 E-Mail: alomari@hhu.de