بمحض الصدفة؛ وقعت بين يدي النسخة الأولى من “دليل الأدباء بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية”، والطريف أنني حصلت على هذا الكتاب الصادر في المملكة العربية السعودية أثناء إحدى رحلاتي إلى دولة خليجية شقيقة! والأكثر طرافة أن أسماء أدباء المملكة كان لهم نصيب الأسد من هذا الإصدار بحكم اتساع رقعة المساحة والكثافة السكانية في المنطقة، لكنني أكاد أجزم أن الغالبية العظمى من الشعب السعودي لم تسمع بأكثر تلك الأسماء، ولو سمعوا بها فجأة عبر وسيلة إعلامية رسمية واسعة الانتشار كالتلفاز؛ أو إحدى وسائل الإعلام الجديد الشعبية كموقع “تويتر” فأقرب ردود الأفعال المتوقعة من السامعين سيكون قولهم: “من؟! لا نعرفه.. لم نسمع باسمه من قبل!”، ما يجعلنا نتساءل بصدق: ما سر تلك الفجوة الهائلة بين الإعلام والمؤسسات الثقافية الرسمية من جهة، وبين بعض المثقفين السعوديين من جهة ثانية؟! لدينا عدد كبير من المثقفين، وقناة فضائية ثقافية، وكم لا بأس به من المجلات الثقافية، ومع هذا يبقى الخلل كامنا في عدم وجود حلقة وصل واضحة تبحث عن المثقف السعودي دون أن يضطر للركض أعواما طويلة بحثا عن فرصة يتيمة لطباعة مخطوطة فكرية أو أدبية، أو دعم مشروع فني، أو وساطة صغيرة لنشر مادة ثقافية على صفحات مجلة محلية، أو ترشيح لاسمه كي يبزغ في حوار إذاعي أو تلفازي، ما يجبر بعض المثقفين الأصلاء على اختيار الظل حفظا لماء وجوههم، ويهدر أوقات أنصاف المثقفين على الاستماتة في البحث عن تلك الفرص واقتناصها بدلا عن قضاء ذلك الوقت في إكمال ثقافتهم ورتق صدوعها، وتبقى تلك الجهات الثقافية المذكورة في شكوى دائمة من عدم توفر المواهب الكافية والشخصيات الثقافية المستحقة للإبراز!