بقلم: عبد الجبار نوري

ثمة حيرة تنتابني ولا أدري هل أختلطت علي الأوراق وأنا في الشرخ السبعيني من هذا الزمن التعس والأغبر، والخمسيني في خضم معترك السياسة وأتساءل بسذاجة شديده هل العماله والتجسس لحساب الأجنبي خيانة أم بطولة ؟ وبهذهِ الهلوسة يظهر أني أصبحتُ خارج تغطية الوعيّ المحسوس وأني لم أستوعب بعد النظرية النسبية للمرحوم أنشتاين عندما يعتبر التجسس وخيانة الوطن بطولة على جزء من هذاالكوكب البائس ، وخيانة تستحق الموت في أخرى والمحصلة النهائية أنها خيانة للضمير للشرف للعرض بل أبشع جريمة بحق الوطن وعدد سكانه وبالتالي أنّها ترقى بلغة القانون إلى ( جريمة سبق الأصرار والترصد) ويوضع لها أقسى العقوبات وهي كذلك من الجرائم المخلة بالشرف ، وهذهِ الثرثرة قادتني إلى : هرولة سياسيينا الذين هم خارج السلطة وفي داخلها ب{ ماراثون الحج والعمرة لواشنطن } وبدون طواف الوداع لأنهم يعاودون عمرة البيت الأسود مراتٍ أخرى لنزع القبعة والأنحناء بذلة وخنوع وهم يستجدون التحريض الأجنبي على أبناء جلدتهم ، ويبيعون أسرارها بثمنٍ بخس ولا ندري هل نبكي أم نضحك على هذا المسرحية الملهاة التراجيدية المأساوية الذي يقول فيها العم ماركس (التأريخ يكررُ نفسهُ مرتين ، مرة كمأساة ، ومرة كمهزلة ) عفواً سيدي نحن في بلد العجائب والغرائب نضك ونبكي معاً .
ما الذي جناهُ هذا الشعب المسكين أنْ يدفع فاتورة ما بعد السقوط بالدم وما أغلى منهُ حين يكون الرقم مليوني وضعفهُ جرحى ومعوّقين و7-2 مليون نازح وخمسة ملايين من الأرامل واليتامى وأكثر من خمسة ملايين مهاجر يستجدي الأقامة من المنافي — رباه ماذا فعل هذا الشعب المظلوم ليبتلى بسياسيي الفنادق ونواب الثلاجات وعبيد الملك الأردني الهجين الغير هاشمي وخدم البيت الأبيض الأمريكي وأذلاء اللوبي الصهيوني ومرددي فتاوى الظلالة الوهابية السعودية والين يضعون النظارة السوداء على أعينهم وصمون آذانهم لكي لا يروا ولا يسمعوا أنين هذا الشعب المذبوح بل هم ليل نهار يؤججون الحرائق الطائفية ويتآمرون مع العدو لنسف التجربة الديمقراطية الجديدة في العراق وأرجاع الوطن إلى عهد القائد الرمز والبيان رقم / 1 .
لقد برزت ورقة تقسيم العراق إلى ثلاثة كانتونات أو دكاكين طائفية وأثنية متنازعة وأندفعتْ أمريكا بهذا الأتجاه لتمزيق العراق بحجة أنّ التقسيم حل جذري للشحن الطائفي والأثني ، وأن ثلثي العراق موافقة عليه وتقصد الكتلة الكردستانية والكتلة الغربية العربية ، وخاصة عندما عُرض رد مجلس النواب وأحتجاجه على تصريح الكونكرس الأمريكي الشائن بعاملة الأكراد والسنة كدولتين في الجلسة 34 يوم السبت من هذا الشهر{أنسحبت الكتلتان الكردية والعربية السنية من الجلسة أحتجاجاً على لوم أمريكا في أعتبارهما كدولتين } وهذا مما شجع العدو في الأستمرار في سيناريو التقسيم ، وسماع رأي القادة الأكرادبأنهم يفضلون الكونفدرالية على الفيدرالية لآنّ الأولى تظمن لهم الأنفصال مع حلب الحكومة الأتحادية ، وتجهيز البيشمركه بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة بدون موافقة المركز ، وأيقاف صفقة تجهيز حكومة المركز بطائرات أف 16 ، وثُمّ توجت الزيارات المكوكية بزيارة رئيس الأقليم وهو يطلب موافقة أمريكا على الأنفصال وأعلان الدولة الكردية ، ونقول أنّ أستقلال الأقليم الكردي لا يحتاج ألى موافقة أحد لأنهُ حق من حقوق الأربعين مليون من الشعب الكردي والممزق بين أربعة دول تختلف معها بالقومية ، أما الكتلة العربية ذات المذهب السني هي الأخرى
ويا سياسي الفتنة الطائفية وعملاء الأجنبي { ها قد سقطت الأنبارقبل أيام بيد أعتى أعداء الأنسانية والحرث والنسل داعش ووقعنا بالمحذور وحسب تحليل الجيوبولتيك والعسكري أنّ سقوط الرمادي هو تهديد لبغداد الحبيبة ، وليعلم الجميع أننا جميعاً في تايتانيك آيل للغرق فالخطر واحد والموت الزئام ينتظر الجميع وحينها يكتب التأريخ على لسان أحفادنا { ألا لعنة الله على أجدادنا الذين ضيعوا وطنا لنا كان أسمهُ العراق }
20-5-2015