حالة العراق التي نعيشها اليوم يسميها اخوتنا المصريين ( نصبايــة ) ، وفي العراق نسميها ( نكتة ) . وفي الحقيقة لايوجد فرق كبير بين ما ينتهي له التعبيرين ؛ فبحسب المصريين نكون نحن المنصوب علينا ، وفي مصطلحنا نكون نحن المضحوك علينا .. ولا فرق!!
حتى لا أطيل ، وكي لا يبدوا كلامي تكرارا ً لالاف المقالات التي ملأت المواقع الالكترونية كتبها عراقيين ( منصوب عليهم ) فانني سأتطرق وعلى السريع لثلاثة ( نصبايات ) لم نستفق من صدمتها بعد، ابطالها حصرا ً ينتمون لكتلة سياسية واحدة هي التي رفعت لواء ( المقبولية ) وقادتنا لما نحن عليه اليوم …
النصباية الاولى في معلومات اكدتها الحكومة العراقية المنتخبة وطوال ثماني سنوات منصرمة من ان اقليم كردستان وبعد انقضاء الفترة الاولى من رئاسة السيد نوري المالكي للحكومة كان مطلوبا ً للحكومة المركزية بمبلغ تجاوز الاربعة مليارات دولار من بيعه النفط الخام وتهريبه خارج نطاق الدولة ، ومع استمرار المالكي في فترة رئاسته الثانية ومع زيادة امكانيات الاقليم التصديرية تزايد الطلب على الاقليم لصالح الحكومة المركزية حتى تجاوز ثلاثة عشر مليار دولار ، هذا ما أكدّه رئيس الوزراء انذاك ( نائب رئيس الجمهورية الان ) وما أعلنه السيد / حسين الشهرستاني وزير النفط في الحكومة الاولى ، نائب رئيس الوزراء في الثانية ( ووزير التعليم الان ) ، يعني نحن لانتكلم عن اشخاص خارج الخدمة تصعب مساءلتهم أو عن تاريخ بعيد يصعب البحث فيه ،
ألسؤال الان .. طوال ثمان سنوات من حكم المالكي ، وعبر عشرات اللقاءات بين مسؤؤلي الاقليم والمركز وبوجود وزراء للنفط مختصين وخبراء من ديوان الرقابة المالية لم تتمكن الجهتين من حل المشاكل العالقة بينهما وظل كل طرف متمسك برأيه ، وصرّح السيد الوزير مئات المرات وفي كل وسائل الاعلام انه لايمكن التفريط باموال اهل الجنوب بدون حق.. نعود لجوهر السؤال .. كيف استطاع السيد/ عادل عبد المهدي ( وزير النفط ) الذي لا يملك أي خبرة في النفط أو الحسابات أن يحل هذه المشكلة التي تجاوز عمرها عقد من الزمان بجلسة ودية مع نجيرفان برزاني لم تتجاوز ثلاثة ارباع الساعة وباستكان شاي ، فيما عجز فطاحلة كالشهرستاني وعبد الكريم لعيبي بحل هذه المشكلة طوال سنوات .. والنكتة ، ان السيد / عبد المهدي صرّح مشكورا ً ان الحكومة المركزية قررت ان تعطي للاقليم نصف مليار دولار كتسوية لهذه القضية ، وسارع زيباري ابو المالية بدفعها فورا ً للاقليم.. يعني وبالعامية العراقية عادل عبد المهدي ومن وراءه حكومة المقبولية الوطنية نفذّت حرفيــا ً المثل الشعبي القائل ( فوك …. جـــيلــة مـــاش !! )
ألنكتة الثانية هي دعوة السيد رئيس الوزراء / العبادي لشركات الهاتف النقـّـال لتخفيض الاسعار وتحسين الخدمات الهاتفية المقدمة للمواطنين ، ولا ندري حقا ّ هل رئيس الوزراء يضحك على نفسه أو يستخف ّ بعقول العراقيين .. ان شركات الهاتف النقال في العراق هي التي تحكم الحكومة وتشرّع للبرلمان وتؤثـّرفي معظم الوزارات العراقية من خلال الرشاوي المهولة التي تقدمــّها لكل المسؤولين العراقيين، هل يعلم رئيس وزراءنا المحترم ان دولة لبنان الشقيقة والتي تزيد مساحتها قليلا ً عن مساحة محافظة عراقية واحدة تتنافس فيها خمسة شركات للهاتف النقال ، في حين ان العراق بكل محافظاته احتلــّـته ثلاث شركات ( كويتية وقطرية وتركية ) ، وان لبنان الشقيق يملك شركتين حكوميتين للاتصالات الخلوية في حين لا يمتلك العراق ولا شركة حكومية واحدة رغم تصويت البرلمان على تأسيس شركة حكومية للاتصالات الخلوية منذ عدة سنوات الا ان ( هـــــبات ) شركات الهاتف النقال للمسؤولين حالت دون تأسيس هذه الشركة .. وهل يعرف رئيس وزراءنا المحترم ( والذي كان وزيرا ّ للاتصالات في احدى الوزارات ) ان عدد مشتركي شركات الهاتف النقال في لبنان يبلغ 1و1 مليون مشترك تحقق منهم الشركات مليارات الدولارات من الارباح ، فكيف الحال بشركات الهاتف العاملة بالعراق وعدد مشتركي الاتصالات العراقيين فاق الــــ 20 مليون مشترك واسعار الاتصالات اكثر من مثيلتها بلبنان بحوالي 35 % . السيد العبادي مهندس كما سمعنا فبعملية حسابية بسيطة سيكتشف ان شركات الاتصالات الثلاثة تجمع من العراقيين مايعادل ميزانية اكثر من دولة من دول الجوار سنويا ً!!!!
ألمضحك ان لبنان يعرض رخصة احدى شركاته الوطنية للبيع بمبلغ يزيد على سبعة مليارات دولار في حين ( يـبـــيـــــع ) باقر جبر الزبيدي القيادي في المجلس الاعلى رخص الهاتف للشركات الثلاثة ولمدة خمسة عشر سنة بمبلغ مليار وربع وظهر من على شاشات التلفاز منفوشا ً كالطاووس مفتخرا ً بهذا ( الانجاز ) المحسوب له ولكتلته ( كتلة المقبولية )!!!
امـــّـا النصباية الثالثة ،فمن منــّـا لا يذكر المشروع الذي عرضه السيد / عامر عبد الجبار يوم كان وزيرا ً للنقل في حكومة المالكي الاولى ، يومها سمى الوزير مشروعه باسم ( القناة الجافة ) ويهدف الى ان يكون العراق ممرا ً للتجارة العالمية بين ارجاء المعمورة لما يتمتع به من موقع ستراتيجي ، فالعراق يحتاج لميناء ضخم وشبكة طرق سريعة تربط جنوبه بشماله ، في البداية قالوا سنبني ميناء البصرة الكبير ، بعد حين قالوا لنا بل سنبني ميناء الفاو الكبير وهو حجر الزاوية في مشروع القناة الجافة العملاق والذي حين انجازه سيوقف عمل كل موانيء الخليج بل وحتى سيهدد قناة السويس بالتوقف لما سيقدمه من طريق اقصر وارخص لنقل البضائع عبر العراق … واستبشرنا خيرا ً ، وقالوا احلنا خرائط الميناء لشركة ايطالية استمرت برسم الخرائط حتى انتهت حكومة المالكي الاولى ، وجاءت حكومته الثانية ووزير نقله / هادي العامري صاحب التصريح الشهير انه سيستقيل لو لم ينجز الميناء ، ولم يـُـنجز الميناء ولم يستقيل الوزير. ولان الميناء داعب قلوب العراقيين واحلامهم حين حدثنا المسؤولين عن عدد فرص العمل التي سيهيأها للشباب ، والدخل الذي سيضيفه للميزانية والمكانة التي سيعطيها للعراق ، فقد وجدت فيه الكتل السياسية مجالا ً خصبا ً للعب علينا والاثراء منه .. فالكويت ومنذ ان اعلن العراق عن نيته ببناء الميناء سارعت وبدافع الاخوة والجيرة لبناء ميناء اكبر وسد منفذنا البحري الوحيد ، وساستنا وبدافع ابداء حسن النية والتعويض للكويت عما لحق بها سارعوا لتشكيل الوفود الفنية والسياسية لزيارة الشقيقة الكويت للتباحث حول موضوع الميناء وعادت الوفود محملة بما خف وزنه وغلا ثمنه وضاع الميناء علينا .. الكويت انتهت من بناء ميناءها ، والذي سموه تيمنا ً بميناءنا الكبير ميناء مبارك ( الكبير ).. ومصر المتيـقنة من فساد ساستنا وبلادتهم بدأت بشق ممر ثاني لقناة السويس ، وبوصول رئيس الوزراء العبادي لسدة الحكم وتكليف / باقر جبر بوزارة النقل انتهى وللابد حلم بناء ميناء الفاو فالوزير وفي اول زيارة له للبصرة زار المطار والموانيء ونسي او تناسى ان هناك مشروعا ً يسمى ميناء الفاو الكبير ضحكوا علينا طوال سنوات بانهم سيبنوه للعراق ، وكيف سيبنوه وهم طوال عشر سنوات لم يبنوا مستشفى واحد؟؟
كبف سيبني الزبيدي ميناء الفاو ورئيس مجلسه يحج ّ للكويت عدة مرات سنويا ً ، فهل يعقل ان يسبب الوزير الاحراج ( للسيد ) مع اخوتـــه الكويتيين ؟
هكذا تكون انجازات الساسة والا فــــلا… فواحد جعلنـــا نشتري نفطنا المسروق بوساطة تركيا بعد ان تقبض منـــّـا عمولة بيعه لنــا .. والاخر باع تراخيص الاتصال لخمسة عشر عاما ً قادمة لنفس الدول الموغلة في دماءنا منذ عشر سنوات ومجانـــا ً ( يعني من اموالنا نــُـسلـّـح قــتـلـتــنا ) … والاخر ربمـــا .. أقول ربــّـما ولاثبات حسن النية ( للاشقاء ) سيجعل وارداتنا تأتي عــِــبرَ ميناء ( ميــــارك ) … و.. مـُبارك.. لكم ايها السياسيين !!!
بقلم:جمال الطائي