لا احد ينكر الدور الفعال والرئيسي لامريكا , في الشأن العرقي ودورها في الحسم السياسي , بالضبط مثلما يملكه الجانب الايراني , ويشكل هذين اللاعبين , الدور الاساسي في المسألة العراقية , وحتى الاتفاق على شخصية سياسية لقيادة زمام مقود البلاد . ولا يمكن ان يمر , بدون ضوء اخضر من الجانبين . وهذا ما حدث فعلا , عند اختيار المالكي , لتجديد ولايته في عام 2010 بعد الانتخابات البرلمانية . اذ جاءت بمباركة ( ايرانية – امريكية ) , ولكن الظروف والاحداث والمعطيات , اختلفت الآن كثيرا , وتبدل كل شيئ , فالاوضاع العراقية الداخلية , سارت بوتيرة سيئة . حيث تعمق الانقسام السياسي بين الاطراف السياسية المتنفذة , الى حد خطير , منذ مجيء المالكي وتسلمه منصب رئيس الوزراء , وفقدت جسور التواصل والحوار والتفاهم والتوافق , وعدة مرات حاولت النخب السياسية المتنفذة , ان تسحب بساط الثقة من المالكي , لكنها لم تحظى بدعم واسناد من الجانبين ( الامريكي والايراني ) , اذ كانا الطرفين غير متحمسين لهذا الاجراء , خوفا من تعقيد الاوضاع اكثر خطورة واكثر تدهورا . ولكن سلسلة من الاخفاقات والفشل , في قيادة شؤون البلاد , وخاصة الوضع الامني , الذي اخذ يتدهور بشكل خطير اكثر من السابق , بحيث صار القتل العشوائي روتين يومي , اضافة الى زيادة حد الانقسام والتخندق الطائفي . وعودة المليشيات الطائفية المسلحة الى الشوارع , في ممارسة التطهير العرقي والطائفي , وتهجير العوائل من مناطق سكناها . وزادة الطين بلة , هي السياسة المتشددة , تجاه الحريات العامة وحرية الرأي وحق التظاهر السلمي , . فقد كثر في الاونة الاخيرة , الامتعاض والتذمر والشكاوي الكثيرة من الجانب الامريكي , من ادارة المالكي لشؤون البلاد . وكذلك الفتور الايراني غير المتحمس تجاه المالكي , وحتى في النزاعات الداخلية داخل البيت الشيعي , فقد استعد المالكي لزيارة امريكا , لتبديد المخاوف والغموض والامتعاض والتشاؤم الامريكي , وحتى يحصل على زخم جديد يصب في صالح تجديد ولايته لمرة الثالثة , ولهذا صرح وزير خارجية العراقي في 9 آب الماضي بان ( المالكي سيزور امريكا في القريب العاجل ) وزاد اكثر وضوحا في تصريحه , بان( موعد الزيارة ستكون في نهاية شهر ايلول الحالي , لبحث العلاقة بين الطرفين على كافة المستويات ) , ولكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن , وخاصة بعض التسريبات الصحفية , حول عدم قيام المالكي بالزيارة المقررة , والتي استعد لها بكل همة ونشاط , في تدعيم شخصيته السياسية في الشأن العراقي , حتى تكتمل جهوده المثابرة لتسلم الولاية الثالثة , وتاتي المصادر الصحفية التي تتحدث عن اسباب الغاء الزيارة ولقاء السيد اوباما , فقد اشارت صحيفة القبس الكويتية , عن رفض الرئيس الامريكي ( اوباما ) مقابلة السيد المالكي , مما اضطر الاخير ان يكلف نائب رئيس الجمهورية بالمهمة , وذكرت المصادر الصحفية , بان السبب الحقيقي , في الغاء زيارة المالكي ورفض اوباما , يكمن حتى لا يعطي الانطباع بان امريكا , تساند وتدعم السيد المالكي , في ظل اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية المقبلة , او بالاحرى او بالكلام الفصيح , ان الاسس والدعائم التي شكلت العامل الاساسي , التي ساهمت في تولي المالكي مقعد رئيس الوزاء , الآن تسير بالضد من رغبات وطموحات المالكي . فلم تعد امريكا متحمسة ومساندة للمالكي , وكذلك بدأ الفتور الايراني واضحا تجاه السيد المالكي , وفي ظل التقارب الامريكي والايراني , واعادة العلاقات بين الطرفين الى مسارها الطبيعي . والتطور البارز بين الطرفين , المحادثة والاتصال الهاتفي بين الرئيس الامريكي , ونظيره الايراني ( حسن روحاني ) في اتصال غير مسبوق منذ الثورة الايرانية في عام 1979 . وهذا يدل بان الازمة السياسية العراقية ,تبحث عن تسوية سياسية برعاية الطرفين ( الايراني والامريكي ) وبالاتفاق مع الاطراف السياسية المتنفذة , واصلاح العطب والتأزم السياسي , من خلال ايجاد حل توافقي يرضي الجميع , وبمباركة ( ايرانية – امريكية ) في اختيار شخصية توافقية لمنصب رئيس الوزراء , للخروج من عنق الزجاجة , وياخذ بنظر الاعتبار العلاقات مع تركيا , التي تشهد الجمود والركود , ان تقارب الامريكي الايراني , لابد ان ينسحب الى الشأن العراقي . وهنا يتبادر الى الذهن بعض التساؤلات المنطقية . هل احترقت ورقة المالكي ولم تعد صالحة للحياة ؟؟