ماذا لو غيرنا من طريقة الاحتفال بالمولد النبوي ؟!

احمد الحاج
مضى العرف وعلى مدار قرون ، وفي الثاني عشر من شهر ربيع الاول ، من كل عام هجري ، وعلى خلاف بشأن أول من سن هذا الاحتفال ، وعمل به واقعا ، وهل هو الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدين ،في اربيل العراق ، أم أنهم الفاطميون في القاهرة ، أو الايوبيون في عهد صلاح الدين ،حيث جرت العادة أن يحتفل الناس في أرجاء العالمين العربي والاسلامي لمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف ،يسبقها إضاءة المساجد ، والشوارع ، والميادين العامة ، والاحياء السكنية ، وتعليق الزينة ، والنشرات الضوئية ، والرايات ، والاعلام ، واللافتات، مع تبادل التهاني والتبريكات مشفوعة بتوزيع الطعام والعصائر والمعجنات والحلويات ، وإقامة الموائد والولائم المجانية ، وذلك على ايقاع التواشيح والاناشيد الدينية ، والمدائح والمناقب النبوية ، والابتهالات ،ومجالس الذكر الجماعية ، يسبقها ويتزامن معها في العادة جدال عقيم على مواقع التواصل،ومنصات الاتصال ، يمثل امتدادا طبيعيا لما سبقه من جدال طويل،بين مؤيد ومحلل لكل ما يصنعه الناس بالمناسبة المذكورة جملة وتفصيلا ،وبين محرم ومنكر عليهم كل ما يصنعون، ولاسيما مع فقدان البوصلة ،وضياع الهدف،وغياب الرسالة المرجوة منها،بوجود الاختلاط المذموم، والتبرج ،والسفور،واللباس الفاضح ، واطلاق المفرقعات،والتصفيق ، والصخب ، والصفير،والالعاب النارية، وبما لايتناسب بتاتا مع سيرة ومسيرة وشخص المحتفى به، وهو خاتم النبيين ، ورسول رب العالمين ،وسيد الخلق من عرب ومن عجم أجمعين.
ولكن وبعيدا عن جدال الفريقين المتجدد سنويا ولكل منهما أدلته من دون أن ينجح أي منهما في ثني الآخر عن فكرته، ولا إقناعه بحججه ووجهة نظره ، أجد نفسي مدفوعا لتقديم مقترحات بين يدي المناسبة آمل أن تنال استحسان المهتمين، واهتمام المعنيين ،لتجد طريقها الى التطبيق الفعلي، في الاعوام المقبلة، وأقول وبالله التوفيق :
* ماذا لو تم اطلاق الاحاديث النبوية الشريفة المترجمة في الفضاء السيبراني ،ومنصات الاتصال والتواصل عبر السوشيال ميديا لكل البشرية حول العالم ،بدلا من اطلاق المفرقعات ، والالعاب النارية محليا ، والاخيرة عبارة عن – احراق – المليارات سفها وعبثا وهباءا منثورا .
فماذا لو تقرر الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف بإطلاق ( 250 حديثا نبويا صحيحا او حسنا من كل عام تتعلق بالسنن وفضائل الاعمال ، مترجمة الى اللغات الاكثر رواجا وانتشارا وتداولا في العالم – الانجليزية + الصينية + الفرنسية + الاسبانية + البرتغالية + الاندونيسية +الروسية +الالمانية +الهندية + البنغالية + التركية + الفارسية – لنصرة النبي الاكرم ﷺ وإحياء سنته في وقت يراد فيه طمسها ، وعزلها ، وتغييبها ، ونسيانها،وتجاهلها ؟!) ،حيث تبدأ عملية ترجمة الاحاديث الشريفة بعد انتخابها من قبل علماء الحديث والشريعة ، وذلك قبل عام من الاحتفال بالذكرى ، لتتم ترجمتها الى اللغات المختلفة وبإشراف لجان متخصصة تضم نخبة من خيرة المترجمين واساتذة اللغات في المعاهد والجامعات والكليات المعنية بذلك لتطبع ، وتدقق ، وتجهز ،وتطلق الى العالم كله الكترونيا في ليلة المولد من كل عام .
* ماذا لو ..تقرر الاحتفال بالمولد النبوي الشريف في دور الايتام ..في دور المسنين …في مراكز تأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة …في معاهد التوحد ..في معاهد متلازمة داون ..في معاهد الصم والبكم ..في معاهد تعليم المكفوفين ..في مخيمات النازحين …في مراكز ايواء المشردين ..في مستشفيات الاطفال المصابين باللوكيميا ، والثلاسيميا ، والانيميا ، وضمور العضلات الشوكي ، والتصلب اللويحي المتعدد …بهدف ايصال رسالة صريحة ، وواضحة كشمس لاتحجب بغربال الى كل البشرية حول العالم ، بأن النبي الاكرم ﷺ انما بعث رحمة للعالمين ؟!
* ماذا لو تقرر في مولد الذكرى ، وذكرى المولد تحديدا افتتاح مشروع “مستشفى مجاني انموذجي بكافة تجهيزاته ومعداته لعلاج الاورام ..مستوصف شعبي نموذجي مجاني ..مدرسة ابتدائية نموذجية مجانية ..مركز متكامل لمحو الامية …دار ايتام جديدة …دار مسنين جديدة ..مركز لايواء المشردين جديد ..يحمل كل واحد منها اسما من أسماء، أو ألقاب، أو صفات، النبي محمد ﷺ، نحو ( المصطفى ، الشاهد، المبشر، النذير ، السراج المنير، المزمل، المدثر، خاتم النبيين ) لتذكير العالم كله برحمة النبي ﷺ وصفاته وشمائله واخلاقه ورسالته الى البشرية كافة وقد بعث اليها بشيرا ونذيرا ..حيث يبدأ البناء فور انقضاء ليلة ربيع الاول الماضي ، ولمدة عام كامل بعدها ، ليفتتح حصرا في 12 ربيع الاول المقبل احتفاء بذكرى المولد الشريف .
* ماذا لو تقرر افتتاح مسجد جديد في منطقة بحاجة فعلية الى مسجد …مدرسة اقرائية لتحفيظ وتعليم القرآن الكريم …وأخرى لعلوم الحديث النبوي الشريف ..بمناسبة المولد وذلك بعد عام كامل من التخطيط والبناء والتجهيز والتأثيث ؟
* ماذا لو تقرر قص الشريط لـ 1000 بئر ارتوازي أو يزيد في مناطق تشح فيها المياه في ذكرى المولد النبوي الشريف ، والاحتفال بالمناسبة سنويا لتكون مناسبة فرح وابتهاج بافتتاح الابار الجديدة من جهة ، ولمناسبة المولد الشريف من جهة أخرى ؟
*ماذا لو تقرر افتتاح مكتبة حديثة انموذجية مركزية شاملة مجانية مخصصة لطلبة الدراسات الاولية والعليا في يوم الاحتفال بالمولد الشريف ؟
* ماذا لو تقرر تزويج 10 الاف شاب / وشابة من المتعففين سنويا، وتزويدهم بالمستلزمات والنفقات والتجهيزات في كل ذكرى للمولد الشريف ؟
* ماذا لو تقرر توزيع عربات متنقلة جاهزة مخصصة لبيع القهوة والشاي والمشروبات الساخنة ،أو الوجبات السريعة ، أو المثلجات ، بين العاطلين ، والكادحين ، وذوي الدخل المحدود سنويا ، وبواقع 10 الاف عربة سنويا لإعانتهم على شظف العيش ، ومصاعب الحياة ، والاعباء المادية ، بذكرى المولد الشريف ؟
* ماذا لو تقرر في ذكرى المولد الشريف ، اطلاق مشروع ” شطب واسقاط واتلاف وحرق دفاتر الديون”ولاسيما في المناطق الشعبية الفقيرة لمساعدة ذوي الدخل المحدود واسقاط الديون عن المدينين المعسرين ؟
* ماذا لو تقرر توزيع الكراسي المتحركة بين اصحاب الشلل الرباعي والثنائي من الفقراء والعاطلين منهم تحديدا ، وتوزيع السماعات لأمثالهم من ضعاف السمع ، كذلك توزيع عصي الارتكاز المعدنية البيضاء للمكفوفين الفقراء ، في ذكرى المولد الشريف ؟
* ماذا لو تم دفع ، او التنازل عن أجرة المولدات الاهلية لشهر ربيع الاول بمناسبة المولد الشريف وبالأخص للعوائل المتعففة ، والفقيرة ..او وعلى الاقل تخفيض اجورها لهذا الشهر ؟
* ماذا لو تقرر توزيع الهدايا والملابس والحقائب المدرسية والقرطاسية بين الاف الايتام بالمناسبة سنويا ؟
* ماذا لو تقرر توزيع حصص تموينية وسلال غذائية جاهزة بين الاسر الفقيرة والمتعففة وبين الارامل والمطلقات بالمناسبة ؟
* ماذا لو تقرر التنازل عن أجرة كشفيات الاطباء لعلاج المرضى في العيادات الخاصة، كذلك صرف الادوية بنصف أو بربع ثمنها في عموم الصيدليات، كذلك التداوي والتضميد وزرق الابر وقياس السكر والضغط مجانا او بنصف القيمة في عموم العيادات الخارجية التمريضية، بمناسبة المولد ؟
* ماذا لو صَدر وعُرض ونُشر ووزعَ وفي كل مناسبة للمولد 50 – 100 اصدار ومؤلف جديد لكتاب ومفكرين وباحثين واكاديميين يتم جمع مادتها وتصنيفها وتأليفها وتحقيقها وتصحيحها وتصميمها وطباعتنها خلال عام كامل بين مناسبتين للمولد النبوي ، سابقة ، ولاحقة ، تعنى جميعها بالسيرة النبوية العطرة ، وبصفات النبي الاكرم ﷺ ، وشمائله، وسنته الفعلية والقولية والتقريرية ، وخطبه ، ووصاياه ، وفضل صحابته ، وفضل آل بيته ،اضافة الى الاربعينات النبوية ، وعلى منوال كتاب ” الأربعون في مباني الإسلام وقواعد الأحكام ” للامام النووي ، والمعروفة بـ (الأربعون النووية) نحو : ” الاربعون التربوية ، الاربعون الاخلاقية ، الاربعون التعبدية ، الاربعون الانسانية ، الاربعون الخيرية ، الاربعون المجتمعية ،الاربعون الدعوية،الاربعون التعليمية، الاربعون الطبية ، الاربعون الاسرية ” وغيرها .
وماذا لو ..وماذا لو ..وماذا لو …؟!
ولله در القائل :
هذا الذي دينه بالحق قد ظهرا…هذا الذي جوده قد عم وأشتهرا
ابو المساكين والايتام والفقرا…كم سد فاقة محتاج وكم نفعا
صلوا على المصطفى يا كل من سمعا