من اليسير علينا تتبع سقطات وهفوات أمثالنا من العراقيين بحسب المصالح بالطبع. فمن يقول كلمة، أو يكتب نثرا، أو ينظم قصيدة في مدح حاكم سيكون عليه لزاما تحمل التبعات، وأتذكر إننا كنا في العام 2003 نعمل ومجموعة من الصحفيين على تأسيس منظمة تعنى بالعمل الصحفي، وكان معنا أبرز الصحفيين والإعلاميين حاليا، ومنهم من قضى سنوات طويلة خارج البلاد، وكان معنا أيضا صحفي قدير قال لنا، ياجماعة أنا أبارك لكم جهدكم ، لكنني كنت عضوا في حزب البعث وبدرجة عليا ولاأظن إنني أنفعكم، وقد يأتيكم بعد ذلك من يقول، لماذا جعلتم هذا البعثي بينكم، ومكنتموه من العمل معكم ؟ وأنا أنصحكم بالإفادة من أفكاري، لكن لاتجعلوني من ضمن الفريق، ومضى في حال سبيله.
الحظ يلعب دورا في ذلك فهناك شعراء كبار نظموا قصائد لصدام حسين، ومنهم من لايستطيع البقاء في العراق، وآخرون غادروه وهم يعيشون في بلاد أخرى، لكن آخرين مازالوا هنا ويحضرون في جلسات شعرية ومهرجانات وندوات ويسافرون ويعملون ولهم حظوة في المجتمع السياسي والديني والإجتماعي والثقافي، ولم يحاسبهم أحد، ولم ينتقدهم كما إنتقد غيرهم، أو إنهم تعرضوا الى هامش من النقد غير ذات قيمة، وهناك من يتربع اليوم على كرسي السلطة والحكم والنفوذ والزعامة، وقد كان مقربا من صدام حسين، ومنهم من عمل ضابطا في الجيش العراقي، ومنهم من كان في أجهزة الأمن، وقد عذب كثيرين، وفي واحدة من المرات جاءني مواطن من النجف يعمل في الصحافة فقال، ياأستاذ هل تعرف فلان الفلاني الذي يعمل مع مكتب رئيس الوزراء الفلاني؟ قلت نعم، قال، لقد كان ضابطا في جهاز قمعي، وإستدعاني ووبخني، ووصفني بالرافضي، فهل من المعقول أن يتصدى للمسؤولية وبهذا الحجم، وفي وزارة من الوزارات يشتكي البعض من وجود قيادات أمنية وبعثية تعرض الموظفين لنوع من القمع الوظيفي، وقد كانوا مرتبطين بنظام البعث.
البعض من القيادات السياسية كانت تعمل لصالح نظام صدام حسين، ومنهم من حصل على مناصب في مجلس الوزراء والبرلمان ورئاسة الجمهورية، ولديه قاعدة شعبية، ومنهم شيوخ عشائر وضباط وإعلاميين وموظفين كبار، ويتحدث البعض عن قيادي مبرز تبوأ أرفع المناصب في الدولة كان من مهامه أن يبتاع لصدام حسين بذلاته الرسمية من بعض العواصم المهمة.
عندما يكون العمل تحت الضوء، ويكون المنصب مطمحا تكثر السهام، ويتحمل صاحب المنصب ضربات من جهات عدة، قد تستهدفه، أو تستهدف مسؤولا ما جعله في هذا المنصب، ويبقى الحذر في بلد مثل العراق ضروريا للغاية مع هذا التزاحم المزعج والمثير للقلق. كنت أتمنى أن لانستهدف من لاحول له ولاقوة، ونتجاهل من نخشاهم ونغض الطرف عنهم لمصلحة، أو لخوف.