ليبيا . . المستقبل المجهول

ادهم ابراهم

فشلت الحركات الاسلامية فشلا ذريعا في حكم الدول العربية

من العراق الى تونس ثم مصر والسودان . .  والشعوب العربية كافة اصبحت تتطلع الى دولة مدنية علمانية ، خالية من الاحزاب الدينية .  ورغم ذلك نرى امارة قطر مازالت تعبث في المنطقة بحركات اسلاموية مشوهة ومشبوهة . وها نحن نرى ليبيا تسير على نفس النهج الاسلاموي الذي دمر سوريا والعراق واليمن . على اختلاف مذاهبهم الاسلامية والنتيجة واحدة ، القتل والتخلف ،  والحرب الاهلية ، التي تحرق الاخضر واليابس ، وتمزق البلاد والعباد

ففي ليبيا دخلت تركيا بالتنسيق مع قطر على الخط في مساندتها للحركات والميليشيات الاسلامية المختلفة عندما شعرت بان قوات الجنرال حفتر قد طوقت طرابلس ، فاصبحت مهددة بالسقوط

وهي في تدخلها هذا تحقق اهدافا سياسية واقتصادية ، خصوصا في مجال الطاقة ، النفط والغاز ، التي يحتدم الصراع عليها في كل المنطقة

ان تركيا في تدخلها بالشأن الليبي تحاول تامين حصة من غاز البحر المتوسط ، في الساحل الليبي ، كما فعلت ذلك في الجانب التركي من قبرص ايضا ، وهنا تشترك مع قطر في هذا التدخل ، يجمعهما في ذلك دعم الحركات الاسلامية ، والخلاف مع مصر حول الاخوان المسلمين ، وكذلك الخلاف مع السعودية لنفس السبب ، اضافة الى الحصار على قطر من قبل الدول الخليجية بقيادة السعودية ، فوجدوا الارض الليبية مسرحا لنشاطاتهما هذه ، اضافة الى المطامع الاقتصادية باستثمار النفط والغاز فيها

وهذا ما دفع السعودية الى ادانة التصعيد التركي الاخير في ليبيا معتبرة ذلك انتهاكا لقرارات الامم المتحدة ، وتهديدا للامن العربي والاقليمي .

في البدء ارسلت تركيا معدات عسكرية ودفاعية  إلى حكومة الوفاق والميليشيات المساندة لها في العاصمة طرابلس ، ثم قامت بإرسال خبراء عسكريين إلى جانب 40 شخصاً من القوات الخاصة التركية ، مع اعداد من المقاتلين السوريين الموالين لها ، واكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن عدد القتلى السوريين جراء العمليات العسكرية في ليبيا، ارتفع إلى 19 مقاتلاً من فصائل لواء المعتصم وفرقة السلطان مراد، ولواء صقور الشمال والحمزات. كما اوضح المرصد المذكور أنّ عدد المقاتلين الموالين لتركيا، الذين وصلوا إلى طرابلس، بلغ نحو 1750 . وقد اعترف الرئيس التركي بان بلاده ارسلت قوات الى ليبيا لدعم حكومة الوفاق

وفي المقابل تساند روسيا الطرف الثاني من المعادلة الليبية اي الجنرال حفتر ، الذي يسيطر على اغنى مناطق النفط في شرق ليبيا

وقد استغلت موسكو انسحاب واشنطن من المسرح السياسي والعسكري الليبي بعد مقتل السفير الامريكي في بنغازي لتزيد من تدخلاتها في السياسة الليبية

واعلنت الولايات المتحدة انها تتابع التطورات عن بُعد وانها قصرت أنشطتها على محاربة الجماعات الإرهابية مثل “داعش” وتنظيم القاعدة في شمال افريقيا

لكن التدخل الروسي كان حافزًا مهمًا دفع الولايات المتحدة إلى مراجعة سياستها تجاه ليبيا.

وتعد ليبيا موطئ قدم عسكري  مهم لروسيا، يمكن من خلالها مواجهة حلف شمال الاطلسي ، اضافة الى سيطرتها على إمدادات الطاقة المتوسطية من خلال الهيمنة على النفط الليبي

وبالاضافة الى الاهتمام المتزايد لروسيا وتركيا في ليبيا ، فان هناك اطرافا اخرى تساهم بشكل او باخر في زيادة التدخلات في هذا البلد النفطي المهم . فهناك بعد عربي ناشط فيها يتمثل في مصر والسعودية والامارات العربية المتحدة من جانب وقطر من جانب اخر  . كما ان فرنسا وايطاليا ناشطتان حالياً في الساحة الليبية ايضا

والى جانب تدخلها العسكري حاولت روسيا القيام بنشاطات سياسية لترسيخ وجودها في ليبيا ، وهي بهذا الصدد تعاونت مع تركيا لوقف اطلاق النار .  ومن ثم جرت الدعوة الى مؤتمر  في برلين لمعالجة الملف الليبي حضره طرفي النزاع فيها ، اضافة الى بعض الدول العربية والاجنببة

اصدر المؤتمر بيانا ختاميا دعى فيه الدول الرئيسة المعنية بالنزاع الليبي الى حظر إرسال الأسلحة إليها  وعدم التدخل في شؤونها الداخلية . وعلقت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل على المؤتمر بقولها إنه يمثل “خطوة صغيرة إلى الأمام” نحو السلام.

ان مؤتمر برلين سيوفر إطاراً لاجراء الحوار الليبي الداخلي المقرر في جنيف نهاية الشهر الحالي. ويؤكد المبعوث الأممي إلى ليبيا غسان سلامة أن الطرفين المتخاصمين، أي حكومة فايز السراج والجنرال خليفة حفتر ومعه برلمان الشرق يعملان “بشكل دؤوب” لاختيار ممثليهما لمؤتمر الحوار.

ومع ذلك فان هناك من يستبعد الحل السياسي في ظل وجود المليشيات المسلحة وقرار اغلاق موانئ النفط التي تشكل المصدر الوحيد للعائدات المالية في ليبيا . وأبدى الليبيون على مواقع التواصل الاجتماعي موقفا حذرا حيال نتائج مؤتمر برلين، مع انقسام كبير في الرأي يجسد الخلاف الحاد في البلاد

وتدور النقاشات الان حول هوية “الرابح” و”الخاسر” من هذا المؤتمر. وذكّر احد المحللين السياسيين في احدى القنوات الليبية أن مؤتمر برلين لم يهدف أصلا الى التوفيق بين الليبيين، بل “كان أساساً من أجل تحقيق توافق بين الغربيين”. وتاتي هذه الاحاديث على خلفية اصرار الولايات المتحدة والدول الاوروبية على ضمان تدفق النفط الليبي ، دون الاكتراث بالدماء الليبية ، مما يجعل حل المشكلة الليبية بعيد المنال ، ويصبح مستقبل هذا البلد في كف عفريت

ادهم ابراهيم