الحالة الفلسطينية أو الوضع الفلسطيني خاصة للشعب في القطاع والضفة وأغلب المنافي العربية وضع لا يمكن فهمه أو تفسيره إلا بانّه مضحك مبكي إلا أنّ وقعه على نفسية الفلسطيني كما قال الشاعر المتنبي قبل مئات السنين (ضحك كالبكا) ففي حالات كثيرة يستوى الضحك مع البكا أو البكا مع الضحك لا فرق. ويستطيع المتابع للحالة الفلسطينية منذ ما يزيد على ثمانين عاما أن يتوصل لنتيجة مفادها أنّ سبب هذا (الضحك كالبكا) منذ أربعينات القرن الماضي بنسبة عالية نكبة الشعب الفلسطيني بقيادات غلّبت مصالحها الشخصية والعائلية والتنظيمية على المصلحة الوطنية العامة. من لقطات هذا الضحك كالبكا:
الصراع بين عائلتي النشاشيبي والحسيني أربعينات القرن الماضي
وقد سبق هذا الصراع احتلال فلسطين وقيام دولة الاحتلال الإسرائيلي حيث اصطفت عائلة النشاشيبي مع الانتداب البريطاني ونكاية فيهم سافر مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني إلى ألمانيا حيث قابل الرئيس الألماني “أدولف هتلر” والتقطت له صورة معه. ومنذ ذلك الوقت وحتى اليوم يستمر الإعلام الصهيوني في نشر هذه الصورة كل سنة في ذكرى ما أطلقوا عليه “الهولوكست” وتحتها يكتبون السؤال التالي:
هل خطّط هؤلاء النازيان للهولوكست أثناء اجتماعهما هذا؟
ومن الطبيعي للأوربي والأمريكي غير المطلع على تاريخ وتطورات القضية أن يصدّق الجواب على هذا السؤال عندما يتأكد أنّ هذه صورة النازي الألماني هتلر ومعه مفتي فلسطين الحاج أمين الحسيني.
ونفس الصراع منذ سنوات بين حماس وفتح
هذا الصراع الذي نتج عنه منذ سبع سنوات الانقلاب العسكري لحركة حماس وسيطرتها على قطاع غزة وطرد قيادة فتح والسلطة الفلسطينية ومنذ ذلك اليوم يشهد القطاع تطهيرا تنظيميا ضد عناصر فتح وتشهد الضفة تطهيرا تنظيميا ضد عناصر حماس، والتطهيران التنظيميان لم تشهدهما الضفة تحديدا ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يسرح ويقتل ويعتقل ويتجول في كافة أنحاء الضفة دون أي إعتراض من قوات أمن السلطة الفلسطينية بالعكس تنسحب مسبقا من أي مكان سيدخله جيش الاحتلال، بينما قوات الأمن هذه تلاحق ليلا ونهارا عناصر حماس وأي فلسطيني يتظاهر أو يحتج ضد ممارسات السلطة. لذلك فلا مصالحة فلسطينية والانقسام الفلسطيني دائم دائم حيث أصبح الشعب شعبين (غزاوي ) و (ضفاوي) رغم بكاء الطرفين الكاذب على وهم إسمه المصالحة والوحدة الفلسطينية.
حماس مع المفاوضات مع الاحتلال أم لا؟
لا يستطيع أي متابع للحالة الفلسطينية أن يعرف سياسة أو استراتيجية واضحة محددة لحركة حماس، فهي متذبذبة متقلبة حسب الحالة والمناسبة، فمثلا خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة كرّرمرارا للإعلام الأمريكي تحديدا أنّ حركته مع قيام دولة فلسطينية ضمن حدود عام 1967 وحماس الداخل تتغنى وتصفق للتحرير من النهر إلى البحر. وعقب الاجتياح الصهيوني الأخير للقطاع ومشاركة حماس في مفاوضات غير مباشرة مع الاحتلال في القاهرة نتج عنها التهدئة الحالية، يصرّح موسى أبو مرزوق قيادي الحركة بعد ذلك بأنّ حركته ربما تضطر لمفاوضات مباشرة مع إسرائيل وهذه المفاوضات غير محرّمة، وفي البداية بثت فضائية القدس التابعة للحركة هذه التصريحات ثم بدأ التحريف أو النفي لها..فما هي سياسة الحركة؟ هل يعرفها أي فلسطيني طالما قيادات الحركة في هذه التذبذب حسب الحالة والمصلحة؟.
فضائح محاضر اجتماع الدوحة
ما تمّ تسريبه عن اجتماع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ثم مع خالد مشعل، وما احتوته هذه التسريبات من اتهامات من كل طرف فلسطيني للآخر، تحتم سؤالا هو : إذا كانت هذه القيادات تتهم بعضها بهذه الاتهامات، هل بقي قيادي فلسطيني وطني وليس خائنا؟ وبالتالي: هل شتائم وصراع وفضائح هذه القيادات من أجل المصلحة الوطنية والتحرير أم من اجل مصالح جيوبهم وكراسيهم وإلا كيف أصبحت غالبيتهم مع أولادهم من اصحاب الملايين والمشاريع المليونية في أكثر من عاصمة عربية وأوربية؟
ما قيمة وفعالية أغلب التنظيمات الموجودة إسما فقط؟
هل تمارس كافة التنظيمات الفلسطينية ما عدا فتح وحماس أية فعالية أو وجود في الساحات الفلسطينية غير اصدار البيانات والمشاركة شكليا في بعض الوفود كديكور؟ كل التنظيمات ومنها: الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حركة الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية- القيادة العامة، جبهة النضال الشعبي، جبهة التحرير الفلسطينية، جبهة النضال الشعبي، جبهة التحرير العربية، الحزب الشيوعي الفلسطيني، حزب فدا، حزب التحرير..وغيرها وغيرها. السياسة والحالة الفلسطينية لا يتحكم فيها ويخطط لها سلبا أو ايجابا سوى فتح وحماس والباقي مجرد ديكورات خطابية لزوم ما لا يلزم!!!.
لذلك الهجرة والهروب والموت بحرا وبرا
نتيجة هذا الوضع والموت المستمر الذي يمارسه الاحتلال وفساد القيادات، أصبحت الهجرة غير الشرعية والهروب بحرا هو هدف الشباب والعائلات الفلسطينية، حيث ينتظرهم الموت بحرا كما حدث في مأسآة البحر قبل أيام حيث حوالي ثلاثمائة ممن ماتوا غرقا هم من الفلسطينيين…لذلك فقيادات الشعب الفلسطيني المذكورة والمسؤولة عن مآسي شعبنا بنفس نسبة مسؤولية الاحتلال أفضل رد أو نداء لها هو ما وجههه المرحوم الشاعر إبراهيم طوقان لقيادات زمن عائلتي النشاشيبي و الحسيني حيث قال ببكاء عميق يخلو من أي ضحك:
أنتم المخلصون للوطنيَّةْ أنتمُ الحاملون عبءَ القضيَّةْ
أنتم العاملون من غير قولٍ باركَ اللهُ في الزنود القويَّةْ
وبيانٌ منكم يعادل جيشاً بمعدَّات زحفه الحربيَّةْ
واجتماعٌ منكم يَرُدُّ علينا غابرَ المجدِ من فتوح أُميَّهْ
وخلاصُ البلادِ صارعلى البا ب وجاءت أعيادُه الورديَّة
ما جَحَدنا أفضالكم غير أنَّا لم تزل في نفوسنا أُمنيَّةْ
في يدينا بقيَّةٌ من بلادٍ فاستريحوا كيلا تطير البقيَّةْ