لا أدري كيف تطيب حلوياتٌ أو ألعابٌ يشتريها والدٌ لأطفاله من أموالٍ اغتصبها من أمٍ ثكلى على ولدها المعتقل، أو من أبٍ مكلومٍ على ابنه السجين، أو من أخواتٍ وبناتٍ فقدن عائلهن في السجن، فأوقعهن حظهن العاثر في براثن مسؤولٍ تاجرٍ، أو من امرأةٍ أو رجلٍ عجوزٍ قد آذن رحيله واقترب أجله، وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيمٌ على ولده الغائب أو حفيده السجين.
كيف يشعر هذا الوالدُ في نفسه وهو يحمل لأطفاله هدايا وطعاماً وشراباً من أموالٍ حصل عليها من معتقلٍ ضعيفٍ في سجنه، لا حول له ولا قوة، فاستغل حاجته وابتزه وأهله، وفاوضه وضيق عليه سجنه، قبل أن ينقض عليه ويجرده مما معه، ثم يذهب إلى بيته فرحاً مزهواً بما اغتصب، وهو يحمل معه حلوياتٍ مسمومةً لأهل بيته، وألعاباً ملغومةً لأطفاله …
أما الأشد هولاً والأكثر ألماً ووجعاً فهو ذاك المال الذي يأتي به هذا الجلاد ثمناً لعدم ضربه السجين، وللتوقف عن تعذيبه، والامتناع عن التنكيل به والإساءة إليه، وهذا كله لا يكون إلا ببدلٍ مالي، وكلُ شئٍ بقدرٍ وله ثمن، وإلا فإنه يعود إلى السوط والكرسي والدولاب، والشبح والجلد والعزل والحرمان، وبهذا كله يلبس أطفالهم الجديد، ويأكلون اللذيذ، ويهنأون بالمزيد، ويبرون أمهاتهم بمالٍ يهدم الجسم ويضر بالصحة، ويقضي على ما بقي من العمر أو يذهب ببركته.
ترى كيف ينعم هؤلاء بحلوياتهم، وكيف يفرحون بهداياهم، وكيف يلقون أمهاتهم ويقبلون أيديهن براً وطاعةً، ويداعبون أطفالهم حباً وشوقاً، وكيف يأملون في مستقبلهم ويأمنون على صحتهم، وكيف يسألون الله الستر والعافية والأمن والسلامة …. ترى كيف؟ ….
—