يرتبط رئيس الوزراء الأسبق ونائب رئيس الحكومة الحالي الدكتور إياد علاوي بمنظومة وأجندة سياسية لاتلتقي بشكل مباشر بالعملية السياسية التقليدية التي تجري في العراق، فهو زار الأردن قبل يومين والتقى بقيادات سنّية لديها اعتراضات على العملية السياسية، وبالتالي هو ينقل وجهة نظر دول الخليج ومن اهمها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ولا يخرج عن خط الموالاة لدول الخليج، وهو يعبّر عن وجهة نظر مغايرة للوجهة التي مضت عليها العملية السياسية طوال السنوات الثلاث عشرة المنصرمة من عمر التغيير ومن خلال التوافق بين قيادات شيعية وسنية غير قادرة على التماهي مع المشروع السياسي الجديد، لذلك هو أخذ خط المعارضة حتى عندما كان رئيساً للوزراء في بداية العملية السياسية بعد عام على غزو العراق، ولم يكن يستطيع التحول إلى إطار نظام الحكم باعتبار أن الهيمنة السياسية حتى مع وجوده في رئاسة الوزراء كانت شيعية بالكامل، ويعتقد أنه وبتحالفه مع دول “الخليج والمعارضة السنية” سيحقق شيئا، باعتباره يمثل وجهة نظر علمانية.
شهدت مشاركة علاوي في العملية السياسية مراحل متعددة بالرغم من قصرها الزمني قياسا بنشاطه طوال العقود الثلاث الماضية عندما كان طرفا في حراك معارض عمل على إسقاط نظام صدام حسين الذي كان جزءا منه قبل أن ينقلب عليه ويغادر البلاد الى المنفي والمواجهة التي كاد أن يدفع ثمنها بعد محاولات إغتيال متكررة. فحين تسلم مقاليد السلطة كانت الدولة العراقية تشهد إنقساما حادا بين قوى قررت مقاومة الوجود الأمريكي وقتاله، وقوى أخرى تماهت مع مشروعه الذي كان علاوي واحدا من أبرز القيادات الفاعلة فيه وتولى منصب رئيس الحكومة، وكان متماهيا مع الموقف الأمريكي في مواجهة المجموعات المسلحة السنية منها والشيعية، وربما كان ذلك سببا مباشرا في سقوطه السريع وبقائه بعيدا عن القرار حيث تولت إيران مهمة إضعافه، وكرست مفهوم لدى طبقة سياسية مهمة، ومجموعات شعبية إنه جزء من المشروع الأمريكي السعودي ضد الشيعة، حينها كان عليه أن يجرب حظه في المعارضة التي لم ينجح فيها، وتأكد ذلك في الإنتخابات التي فاز فيها كقائمة، ثم خسر كتحالف في مواجهة رئيس الوزراء السابق، ونائب رئيس الجمهورية الحالي نوري المالكي الذي كان قريبا جدا من الرؤية الإيرانية التي تدعمت بعد إندلاع الصراع المسلح في سوريا.
المرحلة الأخيرة التي يعيشها علاوي وربما ستكون النهائية تتمثل في بقائه في المعارضة، وإطلاقه تصريحات تهاجم إيران والعملية السياسية، ووصمها بالفاشلة برغم أنه شريك فيها، وتولى مناصب مهمة خلال عقد مضى ويوصف علاوي بالحليف الأهم للسعودية من خارج الطيف السني، فالرجل شيعي لكنه علماني الهوى وبعيد عن الأحزاب الإسلامية الشيعية، ولايراهن كثيرا على الإسلام السياسي السني، وليس مرجحا أن تتوفر له فرصة كبيرة كالسابق. فالوضع في العراق يتجه الى التأزيم، وهناك رهان أخير على تدخل أمريكي ما لقلب المعادلة السياسية، وهو مايأمله علاوي، لكن إن لم يحدث ذلك فليس من أمل له في تحقيق أي مكسب مهم، عدا كونه معارضا فقط وله حضور رمزي لايملك فيه قرارا.