كيف يتحكّم الشر بالشعوب . .
د. نبيل أحمد الأمير
كتبت هذا المقال ، ليس للترويج لأنظمة الشر وذكائها في السيطرة على الشعوب والمجتمعات . . وإنما ليتم معرفة أساليب وطرق أنظمة الشر وكيفية العمل بضدها لوقف هذه الأساليب والطرق . . وتحت قاعدة إعرف عدوّك ، كيف يفكّر وكيف يُخطط وكيف يُنفّذ .
يبدو أنه من بين أهم ماكشف الفيلسوف الأمريكي نعوم تشومسكي هي آليات التلاعب بالشعوب ومقدراتها ، حيث وضّح أن هناك 10 استراتيجيات تستخدمها أنظمة الشر للتحكم في الشعوب ، اختزل فيها الطّرق التي تستعملها الحكومات ووسائل الإعلام العالميّة للسيطرة على الشّعوب ، ويكون أغلبها عبر وسائل الإعلام .
أولاً- إستراتيجيّة الإلهاء :
هذه الإستراتيجيّة عنصر أساسي في التحكّم بالمجتمعات، وهي تتمثل في تحويل انتباه الرّأي العام عن المشاكل الهامّة والتغييرات التي تقرّرها النّخب السياسية والاقتصاديّة ، ويتمّ ذلك عبر وابل متواصل من الإلهاءات والمعلومات التافهة ، بحيث تكون الاهتمامات موجهة نحو مواضيع ليست ذات أهمية حقيقيّة ، يكون فيها الشعب منشغلا دون أن يكون له أي وقت للتفكير بأموره المهمة وأولوياته .
ثانيا ً- ابتكار المشاكل ثم تقديم الحلول :
هذه الطريقة تسمّى أيضا “المشكل – ردّة الفعل – الحل”. في البداية يتم إبتكار المشكلة نثير فيها ردّة فعل معيّنة للشعب ، بحيث يكون ممتنّناً حين نجد له الحل . . وبالطبع الحل هو أصلاً جاهز لدينا . . . وتستعمل هذه الطريقة لأقرار بعض القوانين التي تخدم المصالح الضيقة وتقييد الحريات وتكميم الأفواه .
ثالثاً- استراتيجيّة التدرّج :
لكي يتم قبول إجراء غير مقبول، يكفي أن يتمّ تطبيقه بصفة تدريجيّة ، مثل أطياف اللون الواحد (من الفاتح إلى الغامق) ، على فترة قد تدوم سنوات .
وتستخدم هذه الطريقة عندما يكون هناك قلق من تطبيق أو إقرار بعض الأمور على الشعب وبصورة مفاجئة وبمرة واحدة .
رابعاً- استراتيجيّة المؤجَّل :
وهي طريقة أخرى يتم الالتجاء إليها من أجل إكساب القرارات المكروهة القبول وحتّى يتمّ تقديمها كدواء “مؤلم ولكنّه ضروري”، ويكون ذلك بكسب موافقة الشعب في الحاضر على تطبيق شيء ما في المستقبل .
فإن قبول تضحية مستقبلية يكون دائما أسهل من قبول تضحية حينيّة ، لأن المجهود لن يتم بذله في الحين ، ولأن الشعب له دائما ميل لأن يأمل بسذاجة أن “كل شيء سيكون أفضل في الغد”، وأنّه سيكون بإمكانه تفادي التّضحية المطلوبة في المستقبل . ويترك كلّ هذا الوقت للشعب حتى يتعوّد على فكرة التغيير ويقبلها باستسلام عندما يحين أوانها .
خامساً- مخاطبة الشعب كمجموعة أطفال صغار :
تستعمل غالبية الإعلانات الموجّهة لعامّة الشعب خطاباً وحججاً وشخصيات ونبرة ذات طابع طفولي ، وكثيرا ما تقترب من مستوى التخلّف الذهني ، وكأن المشاهد طفل صغير أو معوّق ذهني ، فكلّما حاولنا مغالطة المشاهد ، كلما زاد اعتمادنا على تلك النبرة .
فإذا خاطبنا شخصا في سن الثانية عشر ، فستكون لدى هذا الشخص إجابة أو ردّة فعل مجرّدة من الحسّ النقدي والمعارض بنفس الدرجة التي ستكون عليها ردّة فعل أو إجابة شخص بعمر ثلاثين عاماً .
سادساً- استثارة العاطفة بدل الفكر :
إن استثارة العاطفة هي تقنية كلاسيكية تُستعمل لتعطيل التّحليل المنطقي للإنسان ، وبالتالي تعطيل الحسّ النقدي . كما أنّ استعمال المفردات العاطفيّة يسمح بالمرور للاّوعي حتّى يتمّ زرعه بأفكار ورغبات ومخاوف ونزعات وسلوكيّات الشعب .
سابعاً- إبقاء الشّعب في حالة جهل وحماقة :
العمل بطريقة يكون خلالها الشعب غير قادر على استيعاب التكنولوجيات . إن الطّرق الحديثة المستعملة للتحكّم بالشعب يجب أن تكون نوعيّة كتردي التّعليم المقدّم للطبقات السّفلى ، وهي النوعيّة الأفقر ، بطريقة يبقى إثرها المعرفي مؤثر بعزل هذه الطبقة المجتمعية عن باقي الشعب .
ثامناً- تشجيع الشّعب على استحسان الرّداءة :
تشجيع الشّعب على أن يجد أنّه من “الرّائع” أن يكون غبيّا وهمجيّا وجاهلا .
فيتم إضعاف تطبيق القانون ، ويتم رعاية المشايخ القبلية بإمتيازات فوق القانون . . وبها سيكون المثقفون وأصحاب الرأي والحكمة هم الحلقة الأضعف في المجتمع .
تاسعاً- تعويض التمرّد بالإحساس بالذنب :
جعل الفرد يظنّ أنّه المسؤول الوحيد عن حاله السيئ وتعاسته ، وأن سبب مسؤوليّته تلك هو نقص في ذكائه وقدراته أو مجهوداته .
وهكذا فبدل أن يثور على النّظام الإقتصادي ، يقوم بامتهان نفسه ويحس بالذنب ، وهو ما يولّد دولة اكتئابيّة يكون أحد آثارها الإنغلاق وتعطيل التحرّك نحو التقدّم ، ودون تحرّك لا وجود للثورة او التغيير .
عاشراً – معرفة الأفراد أكثر ممّا يعرفون أنفسهم :
خلال الخمسين سنة الماضية، حفرت التطوّرات العلميّة المذهلة هوّة لا تزال تتّسع بين المعارف العامّة وتلك التي تحتكرها وتستعملها النّخب الحاكمة . فبفضل العلوم التكنلوجية الحديثة توصّل “النّظام” إلى معرفة متقدّمة للكائن البشري على الصّعيدين الفيزيائي والنّفسي ، وأصبح هذا “النّظام” قادراعلى معرفة الفرد المتوسّط أكثر ممّا يعرف نفسه ، وهذا يعني أنّ النظام في أغلب الحالات يملك سلطة على الأفراد أكثر من تلك التي يملكونها على أنفسهم . . وبذلك يمكن معرفة رغبات وشهوات الفرد والمجتمع ويمكن التحكّم بها ، والتي من خلالها يمكن التحكم بالشعب والمجتمع .
وللموضوع بقية إن شاء الله . .
والله من وراء القصد .
https://telegram.me/DrNabeelAlameer
كل هذا معقول، وتعمل به الحكومة العراقية وبخاصة الأحزاب التي تدعي الإسلام سنة وشيعة