تنشغل بعض الأوساط الأمنية والسياسية والأعلامية بتحليل اسباب الأنهيار الأمني ، هذا الأنشغال يرافق كل عملية تصعيد وقتل بضعة مئات من العراقيين العزل .
لاحلول طبعا ولامعالجات والخسائر تتكاثر على نحو مفزع والمؤسسة الأمنية تتراجع اكثر ومعدلات الفساد والتذمر والخراب تتزايد .. هذا الواقع تتكرر صوره الفجائعية يوميا في بغداد وغيرها من مدن العراق .
الحكومة ومؤسساتها العسكرية والأمنية المتخمة بالأزمات والمشكلات والعاهات ، لاتستطيع معالجة الأمور المنهارة ، لأنها محكومة بأزمة مستعصية اسمها العقلية السياسية العمياء ، المتعجرفة العاجزة عن رؤية المشكلة ومعالجتها .
المؤسسة العسكرية والأمنية تعبير آخر عن تجمعات حزبية واغطية طائفية ، ولقاء مصالح وارقام مليونية بعيدة عن مفهوم العقيدة والوطن وحياة الناس واعراضهم وممتلكاتهم ..!
هذا الواقع يمتد من مكتب القائد العام نوري المالكي (الذي لايفقه شيئا بأمور الأمن والعسكر في السوق والتعبئة والمعلومات ) وصولا لأصغر وحدة او تشكيل عسكري او أمني ، ينفذ اعتقالات ويقيم حواجز تفتيش بلا خطط او رؤية أمنية او استخبارية .
المناصب تباع وتشترى في استعادة لواقع الدولة المريضة المنهارة اخلاقيا ، ولاأهمية لنشر السيطرات وغلق الشوارع والطرقات سوى خلق ازمات مرور واضاعت وقت الناس في اجواء ارهابية ورعب متنوع .
الميليشيات اكثر تأثيرا ورهبة من القوات الحكومية البالغة مليون ونصف منتسب ، الجماعات الأرهابية صاحبة المبادرة والفعل في الهجوم وتسقيط الأهداف واحتلالها بدون جهد يذكر ، وفي اجراءات تتكرر يوميا بذات الأسلوب .
الأزمة متعددة الجوانب والأوجه ، وجهها الأول خلل كبير ومتنوع في البنية السياسية لعملية سياسية تسيطر عليها أحزاب لايوحدها هدف وطني وانما مصالح حزبية ومناصب وثروات ونفوذ .
الوجه الثاني وجود بنية أمنية هزيلة تفتقر للدافع الوطني وتقوم على محاصصات حزبية ، وعناصر أمية جاءت بما يسمى (الدمج) الذي اشاع اجواء الأمية والعشائرية والحزبية في المؤسسة الأمنية وكرسها لفساد مطلق .
الوجه الثالث ، انتهاك مشروع الصحوات ومسؤولية الأمن المجتمعي الذي تكفل بالقضاء على تنظيم القاعدة وطرده من مستوطناته الأولى في مناطق وسط وغرب العراق ، وهذا خطأ يتحمل مسؤوليته المعنيين بالملف الأمني .
رابعا ، ضعف الوعي الإجتماعي وانتهاء الشعور بالمواطنة التي تولدت عن مظاهر الأنقسامات الطائفية والصراعات المتولدة جراء ذلك ، وهو ما اضعف الشعور الوطني وجعل الأنتماء الطائفي هو الهوية المتقدمة .
خامسا ؛ غياب الأستراتيجية الأمنية التي تقوم على التقنيات الحديثة والوصول للمعلومة وتوسل الأساليب القديمة المتمثلة بمسك الأرض .
سادسا ؛ انتشار البطالة والأمية وضعف الوعي الأمني ، وخلق اجواء من الكراهية للحكومة وسلوكيات المؤسسة الأمنية التي اصبحت تهدد أمن المواطن بدلا من توفير الطمأنينة والسلام المجتمعي له .
هذه العناصر مجتمعة تعني ان فقدان الأمن اصبح واقعا ولاينفع معه الحديث عن حشود وخطط جديدة وتخريجات اعلامية ، لاتجلب سوى المزيد من الخسائر .
هذا الواقع يعني استمراره فقدان الوطن ، لأن العقلية التي تمسك السلطة غير معنية بشيء اسمه الوطن وانما هي تكتفي بسلطة تحمي نفسها وثرواتها في المنطقة الخضراء ، مقابل خسائر يومية بأرواح مئات الناس وفقدان تدريجي للوطن والناس والحياة .