منذ أن وقعت عملية اربيل الإرهابية بعد ظهر يوم 29 ايلول الماضي والتي استهدفت احد مراكز المنظومة الأمنية، وكثير من وسائل الإعلام العراقية تنشر معلومات مشوشة عن إن الإجراءات الأمنية تستهدف العراقيين العرب وتمنعهم من دخول الإقليم، حتى أن بعض رؤساء تحرير بعض الصحف وجهوا رسائل من خلال صحفهم إلى رئيس الإقليم تطالبه بإيقاف تلك الإجراءات الأمنية، وفي الوقت الذي يدرك كل الحريصين والعقلاء على امن وسلامة الإقليم بصفته ملاذا لكل العراقيين فان الإجراءات لم تستهدف أي عراقي بسبب قوميته أو عرقه أو دينه بل شملت كل المواطنين بما فيهم الكورد من مواطني المناطق المتنازع عليها وذلك لحماية المواطنين وأرواحهم وخاصة اولئك القادمين من خارج الإقليم.

وفي الوقت الذي كانت مشاعر الإخوة العراقيين الحريصين على امن وسلام وازدهار كوردستان جياشة إلى الحد الذي لم تتوقف أجهزة الهاتف من مكالمات المواطنين العراقيين من البصرة وحتى الموصل الذين يستفسرون فيها عن الأوضاع وعن سلامة اربيل وأهلها، فان إقليم كوردستان كان وما يزال وسيبقى ملاذا آمنا وواحة للتعايش والتسامح بين المكونات العرقية والدينية، وقد أثبتت الأيام والتاريخ بان كوردستان وفعالياتها الاجتماعية والسياسية وكوردستان الرسمية كانت دوما تفصل بين ما يقع من جرائم بحق الكورد وكوردستان وبين العراقيين العرب، وأفضل دليل على ذلك كيف تعاملت قوات البيشمه ركه والشعب عموما بعد سنتين فقط من أبشع جريمة في تاريخ البشرية بعد جريمتي هيروشيما وناكازاكي ألا وهي جريمتي حلبجة والأنفال، وكيف تعامل الكورد بإنسانية لا مثيل لها مع الجيش العراقي الذي تم اسر معظم قواته العاملة في كوردستان إبان انتفاضة آذار 1991م.

 إن هذا الشعب الذي تعرض للإبادة الجماعية طيلة ما يقرب من قرن من الزمان بأشكال شتى سواء بالقتل أو بالتهجير والتعريب على يد معظم الأنظمة السياسية التي حكمت العراق لم يتهم أو يحمل العرب العراقيين مسؤولية تلك الجرائم بل كان دوما عبر تاريخه ملاذا لكل العراقيين الذين حاصرتهم واضطهدتهم الأنظمة الدكتاتورية، وتشهد كل الأحزاب الوطنية العراقية دونما استثناء وكل العراقيين الفارين من جحيم الظلم أو الإقصاء أو العنصرية، حقيقة التعامل الكوردي المتحضر والإنساني معهم جميعا، حيث تحتضن كوردستان منذ سقوط نظام صدام حسين الدكتاتوري لحد يومنا هذا مئات الآلاف من العراقيين الشيعة والسنة والمسيحيين والصابئة ممن تعرضوا للاضطهاد أو التهديد أو التهجير، وهم يعيشون ويمارسون حياتهم وأعمالهم وكافة نشاطاتهم حالهم حال بقية مواطني الإقليم من الكورد وغيرهم.

 إن الإجراءات المتخذة إنما هي في أصلها لحماية هذا الملاذ الأمن للعراقيين وحماية من يأتي إلى هنا، ولم تطبق ضد مجموعة دون غيرها بل كانت إجراءات مهنية وفنية وأمنية تقوم بها كل دول العالم حينما تتعرض لمثل هذه الخروقات في جدارها الأمني، ولذلك فلا خوف لا الآن ولا في المستقبل على تواجد أي عراقي ومهما كان ومن أية قومية أو دين أو مذهب، وأفضل دليل على ذلك عشرات آلاف العوائل العراقية التي ازدحمت بها اربيل العاصمة ودهوك والسليمانية منذ ليلة عيد الأضحى المبارك وحتى الآن وهي تقضي إجازة العيد في أحضان كوردستان الدافئة.