جمهورية كوبا تقع في منطقة البحر الكاريبي في مدخل خليج المكسيك ، تتكوّن من جزيرة كوبا وجزيرة لاجوفنتود ، تبلغ مساحتها 2200 كم2 ، ومن عدة أرخبيلات ، هافانا عاصمة البلاد وأكبر مدنها ، وسانتياغو ثاني اكبر المدن في البلاد ، عدد السكان يزيد على 12 مليون ، خضعت للأستعمار الأسباني (لأربعمِئة عام) ، وعلى أثر الصراع المرير بين القوى الأستعمارية الأسبانية والهولندية والبريطانية والأمريكية للسيطرة على منطقة البحر الكاريبي ومنذُ مئة عام وفي مقدمتها كوبا وخليج المكسيك ، توضّحتْ أهمية هذهِ الجزيرة من النواحي العسكرية والأستراتيجية والأقتصادية ، ودخلت الولايات المتحدة الأمريكية خضمْ هذا الصراع والتنافس الأستعماري ، وأبدت أهتماماً متزايداً بهذهِ الجزيرة التي تقع في مدخل خليج المكسيك ، لذا صممت وبكل الوسائل السيطرة عليها ، ولأنّ كوبا تتحدث عن الظلم والأستغلال ، وتهاجم الرأسمالية الأمبريالية ، ولأنها تعتمد الشيوعية منهجاً لها وتقف بتحدي أمام عقر دارها والتي تبعد عنها 90 ميل أي أكثر من 112 كم ، وتبعد عن فلوريدا حوالي 145 كم ، ولهذهِ الحسابات الأستعمارية مؤشر كبير وتأثير في حسابات الجيوستراتيجي والعسكري للولايات المتحدة الأمريكية ، أضافةً إلى أنّ هذهِ الجزر الكاريبية تختص بزراعة التبغ وقصب السكر والموز والتي كانت تستغل وتزرع بطريقة الزراعة الكثيفة التجارية (Plantion) من قبل الشركات البريطانية والهولندية والأسبانية ، وعندها سارعت أمريكا لتحل بفراغ هزيمة الأسبان منها . وكانت سنة 1954 لقاء الشجعان بين فيدل كاسترو وأخيه راوول وجيفارا وكوادر وشبيبة الحزب الشيوعي الكوبي للأطاحة ب (باتيستا) ، وبعد سنتين من نضالٍ شاقٍ ومريرعبر تضاريس جبال سييرا المعقدة ، وقلة العتاد ، وفلول الأقطاع ، وجواسيس الرتل الخامس وقوة أذرع ال سي آي أي الأمريكية السيئة الصيت ، كانت سنة 1959 هزيمة باتيستا وهروبهِ —- وألى سنة 1961 السنة الحاسمة للنصر الكوبي في حرب خليج الخنازير ضد أمريكا المتغطرسة والتي كانت بقيادة (جون كيندي)—- أمريكا وخيار الحوار يبدو – ونحن في النصف الأول من القرن الوحد والعشرين – أنّ صقور البنتاكون بما فيهم شياطين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لأنّ كليهما وجهان لعملة واحدة ، ولا ينطلي علينا تلك الأختلافات الكوميدية المضحكة ، { لأنّ الحقيقة ألمرّة ألتي أدركتها أمريكا – ولو جاءت متأخراة – هي “فوبيا الشيوعية” تلك عقدة الحقد المرضية التي ورّطت نفسها وشعوبها في حروبٍ عبثيةٍ لم تحصل منها سوى الخذلان والهزيمة المنكرة ، وآلاف القتلى والجرحى والمفقودين والأسرى ، ودخول جنودها ألى مصحات الأمراض العقلية والنفسية ، وخسران ثقة شعوب العالم بها ، ومعاناة شعوبها أولاً بعقدة الهزيمة والخذلان وهي تنظر ألى جدول حروبها العدوانية في فيتنام وكوريا ويوغسلافيا وأفغانستان والعراق ، وتدخلاتها الغير مبررة في المسألة الأوكرانية ، والتحرش بالدب الروسي لأشعال حرائق كونية جديدة في العالم ، ونستدل على مواقفها اللا أنسانية تجاه شعوب العالم من تصريجات الكثير من قادتها منهم على سبيل المثال: ( رامزي كلارك ) وزير العدل الأسبق ما قالهُ حرفياً في لقاءٍ لهُ مع قناة الجزيرة / أيلول 2008 / في برنامج بلا حدود : أنّ أمريكا لها 75 تدخلاً عسكرياً في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية منذُ عام 1945 حتى الآن حيث قتلت أكثر من 7 ملايين من البشر منهم 5-3 في كوريا الشمالية ، ومليون في الفلبين ومليون في فيتنام ، والبقية في العراق وأفغانستان ، وأمريكا الجنوبية ، وأصبح اليوم الآن لا يوجد في العالم من يشعر بالأمان لأنّ الأدارة الأمريكية ( لاتحترم القانون )—– وأنّها دائماً تناصر الطغاة والدكتاتوريين ، ففي عام 1953 أعادت الشاه للحكم وكانت مأساة عظيمة للشعب الأيراني ، والتخلي عنهُ سنة 1979 وكانت فرحة عظيمة للشعب الأيراني ، وفي الكونغو – جنوب وسط أفريقيا جعلت ” موبوتو ” في الحكم الذي حرّم الشعب من ثرواتهِ 37 عام ، وفي تشيلي أسهمنا في قتل ( سلفادور ) وأمسكنا للحنرال ( بينو شيت ) سلطة الحكم فحكم بقبضة حديدية وأسميناهُ ” مُعجزه ” لأنهُ كان يخدم مصالحنا ، وفي الفلبين أعدنا ماركوس للحكم } أنتهى كلام الوزير . ولهذا حصدوا كراهية الشعوب وفقدان الثقة والمصداقية بها لذا أختار صقورها مبدأ ” الحوار” وهي مضطرة لأنهم أمام أختيارين أما الحرب أو السلام ، فأختارت مع كوبا الحوار ألذي هو أحلى الطريقين مرارةً }. بشائر التصريح التأريخي في تطبيع العلاقات بين أمريكا وكوبا ، كانت فرحةً عظيمة في أعماق الشعبين الأمريكي والكوبي حين أعلن الرئيس الأمريكي الرابع والأربعون باراك أوباما يوم الأربعاء 17-12-2014 مخاطباً الكونكرس: بأنّ ” حصار الجزيرة وعزلها لم يعطِ نتيجة ” فعليكم تطبيق ما تفاهمتُ عليه مع فيدل كاسترو في مطلع 2015 ، وتبين أنّ هناك أنصالات سرية على مدى سنة ونصف بطي صفحة الحرب الباردة وتذويب جليد العلاقات منذُ ” 55 سنة ” وكشفت الأخبار في دور الكنيسة الكوبية في تقريب وجهات النظر بين البلدين ، وأنّ الزعيمين صافحا بعضهما في الحفل السنوي للزعيم مانديلا الذي أجري هذا العام ، وأنّ الشعب الأمريكي تواقٌ لسيكارة هافانا ( أم اللف ) وخدمات السيكار الكوبي ( الجروت ) وألى نوادي القمار المشهورة بها العاصمة هافانا ، والأستثمار في مزارع التبغ وقصب السكر والموز ، أضافة ألى أتصال 5-1 مليون كوبي مهاجر منذ السبعينات ولحد اليوم بذويهم المنقطعين عنهم هذهِ المدة الطويلة ، وفتح أبواب السفر للكوبيين ألى أميريكا – والتي هي أمنية وردية للكوبيين – بعد غلق الفيزة قبل أكثر من خمسين سنة ، وتحسين خدمات أتصال الأنترنيت في الجزيرة ، ووصف هذا التقارب الرئيس الفنزويلي : بأنهُ ” تصحيح تأريخي ” وخاطب كاسترو شعبهُ 1-أنّ الأنفتاح مؤشر سلام وأمان ودبلوماسية وحوار . 2-رفع الحصار الأقتصادي عن كوبا . 3-أمكانية سفر الكوبي الى اميريكا بالتأشيرة السهلة . 4-بالأمكان أنْ يرسل الكوبيون في الخارج النقود إلى ذويهم. 5-رفع أسم كوبا من قائمة الأرهاب الدولي إلى الأبد . 6-تبادل السجناء بين الطرفين ، وخاصةً المتهمين بالتجسس لكلا الطرفين لعقودٍ طويلةٍ . 7- التبادل الدبلوماسي وفتح السفارات لكلا البلدين ، والمغلوقة منذُ خمسين سنة. 8-الأنفتاح على العالمين الرأسمالي والأشتراكي وبنفس الوقت المحافظة على النظام الشيوعي كما هو في التطبيق الصيني الناجح . 9 –أنتعاش قيمة ( “البيزو” العملة الكوبية الرسمية ) أمام الدولار الأمريكي. 10-الأتفاق على مكافحة الأرهاب والمخدرات . 11-أنّ الولايات المتحده ستلغي تجميد حسابات في البنوك الأمريكية تخصُ كوبيين يقيمون حالياً خارج بلدهم . 12- سيحاول أوباما مخاطبة الكونكرس لرفع الحظر التجاري المفروض على كوبا منذ سمنة 1961 . أخيراً{ لّذ أستقبل الكوبيون الخبر بالفرح والعناق والمصافحة ، ودقّتْ أجراس الكنائس أحتفالاً لهذهِ اللحظات التأريخية } وهذا النصر التأريخي للشعب الكوبي الصابر مدة أكثر من نصف قرن ولم يستسلم ولم يركع ، ولم يهنْ فهي رسالة إلى المنبطحين والمتخاذلين من حكام الغفلة والقدر الأغبر، وشيوخ آخر زمان وعّاظْ سلاطين القائد الأوحد ، وجواسيس بيع الأوطان مقابل ثمنٍ بخس للحصول على الضوء الأخضر في أبادة جغرافية وتأريخ الذين يختلفون معهم ، أنْ يعلموا أنّ الأمبريالية والأستعمار ” نمرٌ من ورق” وهي نبوءة الزعيم الصيني ماو سيتونك قبل أكثر من أربعين سنة ، وسوف لايصح ألآ الصحيح ” أما الزَبَدُ فيذهبُ جُفاءً ، وأما ما ينفع الناس فيمكثُ في الأرض ……. فمجداً لفرسان الحركة الوطنية العراقية الواهبين حياتهم للعراق والصاعدين العلياء لنيل الجوزاء في كبد السماء ليصبحوا ألقاً سرمدياً في أضاءة طريق الحرية المقرونة بالأباء والشمم . وأما لخونة العراق وسارقيه وممزقيه وبائعيه حاويات قمامة التأريخ
بقلم: عبد الجبار نوري