الملاحظ ان العراق جزء هام في جسم الامة العربية فهو كالكبد مصنع لكل ما
يحتاجه الجسم وبدونه فهذا الجسم يصبح عبارة عن كتلة مليئة بالسموم
والفضلات والارتباكات وعرضة للأمراض والفيروسات والجراثيم كما يقر بذلك
الاحيائيون والاطباء ، فهكذا العراق هو كبد الامة العربية ان لم يكن
جمجمتها كما قالها الخليفة عمر ورمحها الذي لا ينكسر ولكن للأسف فإن هذه
الجمجمة تعرضت للصدوع والرضوض وهذا الرمح أمسى على الهاوية للسقوط ، فلا
يمكن للأمة العربية والاسلامية النأي عن المخاطر والاستعمار ان لم يكن
العراق سليماً وشامخاً ، والدليل ما بعد 2003 فقد دخلت الامة في حروب
طاحنة كان أولها والممهد لها سقوط العراق ، أي سقوط العراق من الدولة الى
اللا دولة . فمن يعتقد ان هناك دولة في بغداد فهو واهم كل الوهم فبغداد
أصبحت مرتع للاطلاعات وفيلق القدس الايراني يحركون الساسة والرموز
الدينية حسب المصالح والمنافع والتمدد الصفوي وعلى حساب الشعب المسكين
الجريح المغرر به ، لقد تعطل الكبد وتدخلت الامراض في جسم الامة العربية
وكان أولها البحرين ثم سوريا ثم اليمن واشتد الوطيس في سوريا لأن العراق
كدولة مات سريريا وحكمته العصابات والمليشيات ذات الهوى الايراني .

وجاءت الفرصة السانحة لكي يكون كل الاعضاء في هذا الجسم ، كل الدول في
هذه الامة ان ينقذوا على الأقل حالهم من البطش الايراني وخصوصاً قبل
الاتفاقية النووية وقبل التدخل الروسي في سوريا لكي تنكفئ ايران ومن
يتبعها ولكن للأسف فإن الحكام والسلاطين ينتظرون ان يأتي الشرطي (امريكا)
لكي تنقذهم وهم يريدون فقط ان يدفعوا المال بعيداً عن بلدانهم وكأن الشر
لا يداهمهم ، وكما عانى وعانى الشعبان العراقي والسوري من البطش
المليشياوي الايراني ولكن للأسف حكام العرب لم يتخذوا موقفاً حازماً
حاسماً نهائياً لحد الآن

لذا كان المرجع الصرخي سباقاً الى تنبيه هذه الدول الى الفرصة التي راحت
عليهم وضيعوها من بين ايديهم في عام 2003 ، نعم منذ عام 2013 وقبل تعمق
المشكلة السورية ففي خطبة عيد الفطر اشار ان ايران الى الهاوية فانتهزوا
الفرص ولكن لم يكن من مجيب وهم يدركون ان الكلام صادر من عاقل حكيم
مستقرأ للأوضاع بدقة وموضوعية تامة ، الى ان حدث ما حدث بالعراق خصوصاً
من دخول داعش وتأسيس الحشد الطائفي بأمر السيستاني بعد هذه بدأ الحكام
يدركون المخاطر التي ستؤول عليهم ، لذا المرجع الصرخي اعاد قراءة الواقع
من جديد في بيان موسوم (أضاعوا العراق… تغيّرتْ موازين القوى…
داهَمَهم الخطر) اذ يقول فيه

أولًا ــ لقد أضاعت دول الخليج والمنطقة الفرص الكثيرة الممكنة لدفع
المخاطر عن دولهم وأنظمتهم وبأقل الخسائر والأثمان من خلال نصرة العراق
وشعبه المظلوم!!! لكن مع الأسف لم يجدْ العراق مَن يعينُه، بل كانت
ولازالتْ الدول واقفة وسائرة مع مشاريع تمزيق وتدمير العراق وداعمة
لسرّاقه وأعدائه في الداخل والخارج، من حيث تعلم أو لا تعلم!!!

ثانيًا ــ هنا يقال: هل يمكن تدارك ما فات؟!! وهل يمكن تصحيح المسار؟!!
وهل تقدر وتتحمّل الدول الدخول في المواجهة والدفاع عن وجودها الآن
وبأثمان مضاعفة عما كانت عليه فيما لو اختارت المواجهة سابقًا وقبل
الاتفاق النووي؟!! فالدول الآن في وضع خطير لا تُحسَد عليه!!! فبعد
الاتفاق النووي اكتسبت إيران قوةً وزخمًا وانفلاتًا تجاه تلك الدول!!
وصار نظر إيران شاخصًا إليها ومركَّزًا عليها!! فهل ستختار الدول
المواجهة؟!! وهل هي قادرة عليها والصمود فيها إلى الآخِر؟!!

ثالثًا ــ إنّ الوقائع والأحداث والفرص تتغيّر بتغير الظروف وموازين
القوى المرتبطة والمؤثرة فيها، وفوات الفرصة غصّة، ونذكر هنا:

1 ـ بعد التدخّل الروسي في سوريا اختلفت التوازنات كثيرًا، وامتدّ تأثير
التدخّل إلى العراق!!!

2 ـ الأمور بمجملها تغيّرت سلبًا وإيجابًا بعد أزمة النفط وانخفاض أسعاره!!!

3 ـ المؤكَّد جدًا أنً إيران بعد الاتفاق النووي اختلفتْ كثيرًا عما كانت
عليه، وقضيتها نسبيّة، فبلحاظ أميركا وكذا دول أوربا فإنّ إيران في موقف
أضعف لفقدانها عنصر القوة والرعب النووي، مع ملاحظة أنّ رفع الحظر النفطي
والاقتصادي عن إيران قد أدخَل العامل الاقتصادي كعنصر ممكن التأثير في
تحديد العلاقات!! وأما بلحاظ الخليج والمنطقة فالمسألة مختلفة وكما بينّا
سابقًا!)

اذن مازالت الفرصة مواتية جداً ويمكن ان تدفع هذه الدول الخطر عنها ،
فالعامل الاقتصادي وكما اشار المرجع الصرخي عنصراً مهما جداً ، فهل
تستطيع السعودية الان – وبما انها تتصدر القيادة والريادة- ان تفعل
فعلتها مع ايران الشر والإرهاب ؟؟ ننتظر ونرى وليكن في علم الجميع انه لا
يوجد قارئ جيد لإيران وكل حركاتها الا المرجع العربي الصرخي فأعقلوها
وعوها ؟؟!!