بقلم: علي جابر الفتلاوي
( كلام وجيه ) برنامج نقدي يسلط الضوء على السلبيات الصادرة من أفراد مسؤولين في الدولة مهما تكن درجتهم، كذلك يسلط الضوء على الظواهر الإجتماعية والسياسية السلبية التي تسبب الضرر للآخرين، ويتفاعل مع البرنامج الكثير من الناس بمن فيهم المسؤولون الذين يسلّط الضوء عليهم وعلى سلبياتهم، إذ يعطي البرنامج حق الردّ وهذه إيجابية تضاف إلى البرنامج، ُيعرض البرنامج في قناة العهد الفضائية الأولى مساء كل يوم، عدا يومي الخميس والجمعة، مقدم البرنامج الإعلامي والكاتب العراقي ( وجيه عباس )، يتابع البرنامج الكثير من العراقيين ومن مختلف الشرائح والعناوين، بعض البرامج تولد حية نشطة فاعلة ثم بمرور الأيام والشهور يذهب بريقها، لكن برنامج ( كلام وجيه) يزداد حيوية وبريقا يوما بعد آخر على الأقل في المرحلة الراهنة التي يمرّ بها العراق، وهي مرحلة حرجة يتعرض فيها البلد لأشرس هجوم وحشي تدعمه جهات سياسية داخلية وإقليمية ودولية، وتحتاج المرحلة تضافر جميع الجهود لتجاوز السلبيات .
من إيجابيات البرنامج أنه يتبنى قضايا عامة أو قضية رأي عام نيابة عن الجماهير أو الجهة التي تعرضت للمظلومية، فهو ليس خصما بل يتكلم عن صاحب الشكوى، وقد تكون الشكوى من شريحة اجتماعية، وأحيانا من شخص مظلوم وقد يكون مسؤولا في الدولة، كذلك يتبنى البرنامج قضايا الرأي العام، ينتصر البرنامج أحيانا في هذا الموقف أو ذاك لمسؤول ما خاصة عندما يتعرض لمظلومية من مسؤول أعلى، وللإسف بعض المسؤولين الكبار يضطهدون المسؤول الأدنى لأسباب عديدة، قد تكون طائفية أو تتعلق بالفساد المالي والإداري وحتى السياسي المنحاز لطائفة أو حزب أو جهة سياسية معينة، سيما إذا كان المسؤول الأدنى نزيها وغير منحاز، فلا عيش لنزيه في غير بيئته .
يكثر هذه الأيام الفساد السياسي، وأعني به الفساد الذي يصنّعه السياسيون لأغراض شتى منها تجارية، فكثير من سياسيينا هذه الأيام يستغلون مواقعهم السياسية للحصول على الامتيازات، ومنها ممارسة التجارة لكسب المزيد من الدولارات، وهذه الظاهرة هي التي أشار إليها برنامج (كلام وجيه) بتأريخ ( 14 / 6 / 2015 )، ذكر أن بعض السياسيين يستغلون مناصبهم ومواقعهم السياسية ويتاجرون في البورصة من خلال وكلاء لهم، وهؤلاء يشكلون مافيات خطرة على الاقتصاد العراقي، إذ ساهم هؤلاء في رفع قيمة الدولار وهبوط سعر الدينار العراقي، وعندما تنزل قيمة الدينار يتضرر من ذلك الغالبية من الشعب العراقي التي تعتمد على الراتب في معيشتها، هذا لون من ألوان الفساد السياسي، وقد يكون الفساد السياسي بألوان وصيغ أخرى .
يتناول برنامج ( كلام وجيه ) أيضا مشاكل بعض الناس مع الدوائر أو المسؤولين، الشائع في بعض الدوائر عندما يأتي المواطن بمعاملته تُخلق له المشاكل والمعوقات فلا تُنجز معاملته، حتى يتسلمها أحد وكلاء هذا الموظف الفاسد الذين يتواجدون في داخل الدائرة أو قربها، يستلمها هذا الوكيل ( المعقب أو الدلّال ) حينئذ تنجز المعاملة بسرعة لقاء مبلغ من المال يُتفق عليه بين الطرفين، أما المواطن فلسان حاله يقول : (يله الحمد لله بس تخلص المعاملة)، هذه العبارة يقولها كل مواطن يستلم معاملته ويسلّم المقسوم من الدنانير .
أرى أن برنامج ( كلام وجيه ) يمثل نبض الشارع العراقي، ومثل هذه البرامج ضروري في هذه المرحلة التي يمر بها العراق، لتسليط الضوء على السلبيات على أمل تجاوزها وإصلاح ما يمكن إصلاحه، وأتمنى على مقدم البرنامج وهو من الإعلاميين المرموقين أن يتثبت جيدا من حيثيات بعض الشكاوى، صحيح أنه يعطي حق الردّ لكن عليه أن لا يعطي رأيا أو حكما مسبقا، لأن بعض المعلومات قد تكون غير دقيقة، ونحن كبشر لا نقرأ الحدث بموضوعية في بعض الأحيان، بل على ما نتخيل أنه الصحيح، أرى مقدم البرنامج وهو يتبنى الكثير من المظالم بحماس كبير وكأن القضية قضيته، يزداد تألقا واحتراما وحبا في كثير من النفوس .
إن الذي يشدّ أكثر إلى برنامج ( كلام وجيه ) هي المواقف السياسية التي يعرضها، هذا المحور في تقديري هو الأهم لأنه يتعلق بمستقبل البلد، ولفت نظري قبل أيام نقله تصريح النائب السابق ( طه اللهيبي ) الذي يدّعي الكلام باسم السنة، وهذا وأمثاله من السياسيين هم سبب المآسي التي لحقت بالمحافظات السنية، عرض البرنامج فديو قصيرا ظهر فيه ( اللهيبي ) وهو يتكلم عن مشروع الدولة السنية في المحافظات الغربية، والكل يعرف أن هذا المشروع أمريكي مدعوم من دول الخليج وتركيا أردوغان خدمة لإسرائيل، مدعيا هذا الطائفي أن الدولة السنية هي مطلب المكون السني، ويفترض أن يقول هذا مشروع داعش، لأن داعش أداة أمريكا لتقسيم دول المنطقة خاصة العراق وسوريا، وظهر ( طه اللهيبي ) متحسرا لأن دولته السنية سوف لن ترَ النور في عهد رئاسة أوباما، لأن الأخير يميل إلى الشيعة بسبب إسم أبيه ( حسين )، وبسبب إسم أبيه حكم (طه اللهيبي ) أن أوباما يميل إلى الشيعة، في هذا الموقف تحدث مقدم البرنامج الاستاذ ( وجيه عباس ) عن ( اللهيبي ) بكلام يستحقه، لأنه لا يوجد إنسان ذو عقل سليم ويمتلك قليلا من الثقافة يتكلم بمثل هذا المنطق .
لا نستغرب أن يبيع البعض وطنه وشعبه من أجل حفنة من الدولارات، لأن مثل هذه النماذج التي دخلت ميدان السياسية مع الموجة الأمريكية موجودة في ساحتنا السياسية وهم مشخصون، لكن أن يدعي بعض هؤلاء الذين باعوا وطنهم وشعبهم ومحافظاتهم أنهم يتكلمون باسم طائفة كبيرة تعد بالملايين أمر يستحق الوقوف والتأمل، أولا يجب أن تعلن الطائفة التي يدعي ( اللهيبي ) إنتماءه لها، رفضها له وإدانته بعد أن كشف عن نواياه في تمزيق العراق استجابة لطموحات أعداء الشعب العراقي، من خلال تصريحاته ظهر أداة لتطبيق مشروع داعش، وثانيا على الجهات المسؤولة محاسبة مثل هذه النماذج، وإلى متى نبقى نتفرج على هكذا ناس يعلنون صراحة عدم انتمائهم للعراق؟؟!!
أرى أننا بحاجة إلى ( كلام وجيه ) لمثل هذه النماذج المأجورة التي تسيّرها دوائر المخابرات الخارجية، لتعريتها أمام الشعب العراقي، وليشفي قلوب الملايين من العراقيين الأصلاء الذين يضحون بدمائهم من أجل العراق ووحدته.
لهذه الاسباب وغيرها أشعر أننا بحاجة إلى الاستاذ ( وجيه عباس ) ليقدم برنامجه (كلام وجيه)، وفي تقديري أن ( كلام وجيه) وجيه .