لن نتحدث عن الحوثيين بصفتهم جماعة طائفية متطرفة ومتعصبة مذهبيا، وأنهم يرون أنفسهم الفرقة الناجية التي تمتلك حقا إلهيا أن تحكم الناس، وما عداهم من الفرق الأخرى التي لا تتوافق معهم في الرأي والمذهب أهل كفر وضلال، ولن نتكلم عن وقوف الإيرانيين خلف دعم الحوثيين إعلاميا وماليا وبالسلاح والمشورة، وإن وضح كوضوح الشمس ارتباطهم بالنظام الإيراني والتزامهم بتطبيق أجندته، ودعونا نصدق جدلا أنهم يمنيون مسالمون حققوا ما حققوه بجهودهم الذاتية، وأنهم يتحدثون باسم الشعب ويدافعون عن حقوق عامة الناس ولا أطماع لهم بسلطة أو نفوذ، ولا يريدون ذلك ولا يسعون بالقوة لفرض إرادتهم شاء من شاء وأبى من أبى. ولنضع كل ما أسلفنا جانبا ونطرح أسئلتنا عليهم وعلى أنصارهم علنا نجد من يأتينا بالخبر اليقين الذي يزيح الغمة عن الأمة. ويكشف ولو جانبا صغيرا من الحقيقة التي غيبها الحوثيون؟
لقد خاض الحوثيون ستة حروب طويلة وشاقة استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة ضد الرئيس اليمني الأسبق علي عبدالله صالح على مدى عشر سنوات سقط فيها آلاف القتلى والجرحى وكبدوا اليمن فضلا عن الخسائر البشرية مليارات الدولارات في السلاح والمعدات والبنية المدمرة، وفي كل مرة يحدث تدخل خارجي أو إقليمي لعقد صلح أو هدنة تستمر مدة من الزمن، ثم تندلع حرب تالية، وكان الحوثيون يعدون أنفسهم في طليعة الثوار الذين انتفضوا على حكم علي صالح إبان حركات الربيع العربي ولا يزالون يعتبرون أنفسهم ثوارا، طيب، هل يستطيع الحوثيون تبرير تعاونهم وشراكتهم مع علي عبدلله صالح هذه المرة بحيث أصبح اليوم حليفا لهم وأصبحوا حلفاء له رغم كل الذي عدا، فما الذي بدا لهم بحيث أصبح عدو الأمس حليفا ورديفا وصديقا يقتسم معهم المغانم والمغارم؟ وماذا عن سنوات القتال التي مرت وانقضت؟ من يتحمل مسؤوليتها؟ وكيف تم التحول السريع؟
ويدعي الحوثيون أنهم كانوا يحصلون على السلاح من ضباط الجيش اليمني عن طريق الشراء المباشر منهم وإغرائهم بالمال، وليس عن طريق إيران، ونسلم لهم بذلك، طيب، من أين لهم المال وهم الفقراء؟ أما كان من الأفضل صرف الأموال على الفقراء بدلا من تدمير البلد، وهل يحل لهم شرعا رشوة الضباط والاستحواذ على سلاح الدولة الذي اشترته بأموال عامة الشعب بهذا الأسلوب الحقير، وإذا كانوا لا يحللون ولا يحرمون، فهل سلوكهم وشراء الذمم يتفق مع الالتزام الوطني والقومي. ثم لماذا يبيحون لأنفسهم وهم قلة لا تشكل إلا اقل من 10 % من سكان اليمن الخروج على الحاكم ومقاومته بالسلاح في اليمن، ولا يبيحون لغالبية الشعب السوري الخروج على الظالم الأسد الذي قتل مئات الآلاف وشرد الملايين لاجئين؟ وهل كانت استراتيجية الحوثيين سلمية أم اتبعوا سياسة العنف والقتل والترهيب بالسلاح.
ألا يعلم الحوثيون أن علامة المنافق ثلاث، إذا حدث كذب وإذا ائتمن خان وإذا وعد أخلف. ألم يعلنوا الاعتصام السلمي في صنعاء ثم تحول إلى اعتصام مسلح واستولوا فيه على مقرات الأمن والمعسكرات ونهبوها ثم قاموا بمحاصرة رئيس الجمهورية المنتخب مباشرة، ورئيس الوزراء والوزراء الذين تم توزيرهم بالتوافق بين اليمنيين، وزحفوا على الوزارات وعطلوها، ألم يشاركوا في الحوار الوطني ووقعوا على نتائجه بندا بندا وتعهدوا بالالتزام بها؟ أين تعهدهم وأين التزامهم؟ ألا يريدون حوارا يمنيا يمنيا، ألم يكن الحوار الوطني قبل اجتياح عمران وصنعاء وذمار يمنيا يمنيا وهم من خرج وشق الصف وانقلب على الرفاق ودار ظهره لهم؟ وهل الحرية والديمقراطية والوطنية التي يدعون أنهم وكلاؤها في أرض اليمن تبيح لهم حرق دور القرآن والمساجد والمدارس والجامعات ومتاجر ومقرات ودور خصومهم ومنافسيهم وقتل المتظاهرين والانفراد بالسلطة لمجرد أنهم أصدروا إعلانا دستوريا؟ من أعطاهم الحق وهم الفئة القليلة، ثم ألم يقل الحوثيون إنهم غير مرتبطين بدول أجنبية، لماذا تتعهد إيران بتزويدهم بالنفط لمدة عام مجانا؟
ألم يكن شعار الحوثيين الموت لأميركا، لماذا يستهجنون نقل الدول الغربية وعلى رأسهم أميركا لسفاراتها من صنعاء إذا كانوا يريدون لهم الموت، وما الفرق بين الحوثيين حينما اجتاحوا المحافظات اليمنية بقوة السلاح وداعش التي اجتاحت المحافظات العراقية، بالعكس هم أكثر من داعش خيانة لأنهم كانوا ضمن العملية السياسية وانقلبوا عليها، ما الفرق بين القاعدة والحوثيين، كلاهما يقتل الشعب اليمني ويهاجمون معسكرات الجيش والشرطة، فلماذا تحارب أميركا داعش والقاعدة ولا تعامل الحوثيين كإرهابيين، ألا يعني شعارهم الموت لأميركا أنهم يريدون تصدير الموت إليها؟ أم هناك مساومات خلف الكواليس وتنازلات ووعود تحت الطاولة، إن من كذب وخان الأمانة ونقض الوعد والعهد لا يصدق ولا يؤتمن ولا يركن إليه.