أكتُب للحظاتنا الجميلة التي لم تكتمِل .. لحُزننا المُكتمِل . أكتبُ للأم التي تجلس بالقرب من قبر
أبنها الشهيد مكومةً كالتراب الذي أخرجوه من القبر ليضعوا الجثة. للنهايات التي أصابتنا كرصاصة طائشة. للمنافي التي كطيورٍ جارحةٍ تأكل من قلوبنا.. للفرح الذي لن نعرفَه إذا طرق يوماً أبوابنا.. لصور العائلة في حقائب المُهجّرين.. للفراغ الذي نربيّه في غرفنا الصغيرة كحيوان أليف.. لنوافذ قطارات باردة أشعلتها زفرات المسافرين.. للضجر وهو يشاركنا هذه الحياة التي كغرفة فندق رخيص.. أكتبُ لبنادقنا الفارغة
، ولرؤوسنا المحشوة بقصائد آخماتوفا و لوركا ، ويسينين لكلماتنا التي لن يقرأها أحد ، ولتلك التي ستأخذ زاوية
بجرائد رديئة والتي سنقرؤها وحدنا بفرحةِ من وجد مأوى.. للبلاد التي لا يحدّها شيء
.. لقلوبنا التي تحدها البلاد من كل صوب.. لفيلم معاد في أيام الآحاد المملة .. أكتبُ لدمشق
، لبيروت، للقدس و للمدن المنشورة كأوراق التبغ في أوراقي.. أكتبُ إلي و أنا مقسّمة بين كل هذا ، كعراق آخر..!