لايملك أحد حق الحصول على المال العام إلا بمقدار مايستحقه من راتب لقاء خدمة عامة أو مايتلقاه في إطار القانون دون الإختلاس، أو السرقة ،أو التواطئ ،أو الحصول عليه كرشوة من شخص ،أو جهة وهو في ذلك يستحق العقوبة بغض النظر عن صفته الوظيفية ومنصبه ومكانته في المجتمع ،وحتى في إطار مايتوفر له من حصانة برلمانية أو سياسية ،فالمال العام هو مال عام، وهذا هو الوصف الذي يغني عن كل وصف ،ومادام المال عاما أي ملك لعموم الناس فليس من حق لأحد مهما علا شأنه ومرتبته أن يحصل عليه إلا في ظل القانون ،وإذا ماتجاوز عليه فهو مستحق لعقوبة من نوع ما يحددها القضاء العراقي ، بل إن ذمته غير مبرأة أمام الناس والقانون. وعليه في حال حصل منه على شئ أن يبرأه الذمة كل أحد .فهل بمستطاع من يفعل ذلك أن يجول على جميع المواطنين الصغار والكبار وبمختلف التوصيفات ؟ ومنهم من يعمل في بلاد بعيدة ،ومدن وقرى قصية ، ومنهم من سافر ، وقد يعود ، وقد لايعود ، ومن يملك قدرة التجوال في المدن والقرى والبلدان ليحصل على البراءة من كل الناس ؟ إنه لأمر عجيب لايفقه من يتجاوز على المال العام منه شيئاولايعي خطورة تجاهله للأسف الشديد.
سمعت من أحد الأصدقاء إن إبنة مسؤول سابق في النظام المباد رفعت دعوى قضائية على مجموعة أشخاص في بلد آخر تدعي فيها إنهم حصلوا على مبالغ ضخمة من والدها عندما كان في المسؤولية قبل الغزو الأمريكي والإطاحة بنظام صدام وهي على مايبدو تطالب بتلك الأموال الطائلة بدعوى أنها لوالدها وهي أحق بها الآن ،طبعا هذا غير صحيح فوالدها عندما كان في المسؤولية حصل على تلك الأموال من الخزينة العامة والذين أخذوها منه كانت لهم وظيفة تهريبها الى الخارج فهي ليست لهم ،وليس من حق لإبنة المسؤول السابق فيها ايضا والفائدة التي تحققت وعسى ان تتكرر هي الإشارة التي يجب على الحكومة العراقية ان تلتقطها من هولاء الذين يهربون أموال الشعب ويختلسون منها الكثير لملاحقتهم ومعرفة أين تم وضعها والمطالبة بها بطرق قانونية وبتكليف محامين حاذقين لهذا الغرض .
بالأمس نشرت صحيفة موسكوفسكي الصادرة في العاصمة الروسية تقريرا عن وجود كمية كبيرة من الأموال العراقية التي يظهر إنها تابعة لصدام حسين حجزت في مطار روسي بإسم مواطن إيراني يبدو إنه من إتباع عصابة خلق الإرهابية التي كانت تعمل لصالح نظام البعث وإن سلطات المطار إستدعت الرجل البالغ من العمر 55 سنة لكنه لم يأت وهو مايؤشر حقيقة إن تلك الأموال ليست له بل هي مهربة .ومثل هذه الأموال كثير تتنقل بين بنوك العالم ،وربما إستولت عليها دول ،أو عصابات جريمة منظمة ،أو حاز عليها أشخاص لايستحقونها ،وهي في النهاية ملك لهذا الشعب المظلوم .وماعلى الحكومة العراقية إلا أن تسرع من إجراءاتها العملية لإستعادة الممكن منها قبل فوات الأوان ،إن لم يكن قد فات بالفعل.