بقلم/ اسعد عبد الله عبد علي
عاد للبيت على غير طبيعته, مرتبكا حائرا, حتى نسي أن يسلم على أمه, كررت أمه ندائها عليه, وهو لا يلتفت إليها, وهم بصعود السلم نحو غرفته, ليغرق في بحر أفكاره, فصاحت به وبصوت متدفق حنان وتساؤل:
– حيدر, ما بك , تبدو على غير طبيعتك, هل أنت مريض, حيدر ابني رد علي؟!
– أهلا أماه, فقط صداع اعتقد أنها بداية افلاونزة, سأنام كي ارتاح.
أغلق باب غرفته, جلس على سريره وهو يستعيد شريط ذكريات الساعات الماضية, الندم الكبير هو ما يحيطه الآن, فكيف تخلى عن تدينه, وكيف سقط في فخ الإغواء, نعم كانت جميلة ومثيرة, كان يجب أن يصمد, لكن أي صمود منتظر أمام فتاة كالأفعى, تخنق الوجود بأنوثتها, لن يزهد أمامها حتى شيخ الجامع, فأسلحتها لا يمكن الصمود إمامها.
نظر إلى القران بجانب سريره, انهمرت دموعه فلأول مرة لا يستطيع أمساكه, هنالك حاجز بينه وبين القران, حاجز ولد في الساعات الماجنة التي عاشها مع زينة, الموظفة الجديدة معه بمخزن الدائرة, كان الاختبار الحقيقي الأول لإيمانه, فإذا به يسقط بشكل غريب, كان كآي رجل شهواني منزوع القيم, قد تجاوب مع رغبات نفسه الإمارة.
عاد شريط الذكريات لساعات الصباح الأولى عندما دخل إلى المخزن, وقد جاء اتصال للحاج أبو منير “مدير المخزن”, ليغادر مسرعا بسبب طارئ في بيته, ليبقى حيدر مع الموظفة السمراء زينة وحدهما في مخزن الدائرة, زينة بتنورتها القصيرة, حيث تكشف ساقيها الممتلئين, وقميصها الشفاف الذي يبرز تفاصيل غاية في الإبداع, وبشرتها السمراء المحببة, حاول أن يشغل نفسه عن النظر إليها, وان يغرق في رواية حسن مطلك ( دابادا), لكن كان هناك شيء خفي, يجبره على التلصص على جسد زينة, واستراق صورة تشتهيها النفس.
تحركت زينة نحوه بإثارة هائلة, ووقفت بالقرب منه تكاد ساقها تلاصق ساقه, وهب نسيم عطرها ليملأ انفه, ووضعت أصابعها بين شفتيها بإثارة وهي تفكر بشيء ما, ونظرة بعمق لحيدر, ثم تمايلت كأنها تتوجع, وكي تحسسه بألم تشعر به, وقالت:
– حيدر ساقي تؤلمني جدا, سأصرخ من الألم, لم اعد أطيقه هلا عملت لي مساج أرجوك, فلم اعد استطيع الصمود, لكن أولا اقفل الباب كي لا يراك احد, ويشك بنا, تعرف أن الناس لا ترحم.
فأسرع حيدر يقفل الباب بالمفتاح ويسرع بالعودة لزينة, حيث استلقت على كرسي حيدر وكشفت على ساقها, وهي تتلوى بسحر لا يقاومه اكبر الزهاد.
– حيدر, أرجوك الألم يكاد يقتلني, هنا هنا, أرجوك ساعدني , أشفق علي.
جلس حيدر بين ساقيها, ولمس ساقها التي ادعت فيها الألم, ليهتز جسده بمس شهواني, فطوقته بيديها وهمست بأذنه:
– حبيبي أعشقك.
وقبلته ,وغرقا معا في مجون, لم يستفيق حيدر من سكرته إلا بعد ساعة, حيث كانت زينة تضحك لأنها نجحت أخيرا, في إسقاط حيدر في دوامة إغراءها.
– أخيرا حيدر استجبت لي, شهر كامل وأنا أفكر في احتوائك, كنت أصعب شخص مر في حياتي, كان تحدي كبير أن أوقعك في أحضاني, أني انجح دائما.
غرق حيدر في صمت إلى نهاية اليوم الوظيفي, فماذا يقول, هل فعل الصواب عندما استجاب لنداء الشهوة, أم هي خطيئة كبرى لأنه رجل متدين, وهو المعروف بين الناس بزهده عن الشهوات, سنوات طويلة وهو ينصح الآخرين, كي لا يقعوا في الخطيئة, فإذا به يقع بسهولة في فخ زينة, لكنه يبقى رجل ولا يمكن أن يقاوم امرأة جميلة تغريه, أنها الحكاية الأزلية التي تقول “ما اجتمع رجل وامرأة في مكان لوحدهما ألا وكان الشيطان ثالثهما”.
نزل إلى الحمام ليغرق نفس بماء التطهير, مع نزول الماء على جسده كان يحس انه اخطأ, وهو أمر يحصل للكثيرين, لكن الأهم إن لا يقع في نفس الخطأ مجددا, صعد إلى غرفته امسك القران وبكى كثيرا, حتى أحس براحة نفسية.
صباح اليوم الثاني, عند وصوله إلى دائرته توجه إلى غرفة المدير, قدم طلب نقل إلى مكان أخر, هكذا قرر كي لا يعود للخطيئة, فزينة لا يمكن مقاومتها, ويعلم انه أن بقي معها فسيعود مجددا إلى الخطيئة, وافق المدير على نقله إلى القسم الإداري, تنفس بعمق, فشعر بالراحة.
اخذ كتاب النقل بيديه, ودخل المخزن سلم على أبو منير وأعطاه أمر النقل, حاول أبو منير أن يفهم سبب النقل, ففضل حيدر الصمت, ثم افهمه أنها رغبته.
ثم نظر باحتقار إلى زينة, هي تعجبت من تصرفه, بل صعقت من ردة فعله, حيث كانت تتوقع انه لن يترك المخزن, بعد إن عاش ساعة مجون معها.
جمع أوراقه وحاجياته, ووقع ورقة براءة الذمة, وغادر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اسعد عبد الله عبد علي
كاتب وأعلامي
عضو المركز العراقي لحرية الأعلام
عضو الرابطة الوطنية للمحللين السياسيين
عضو النقابة الوطنية للصحفيين العراقيين
موبايل/ 07702767005
أيميل/ assad_assa@ymail.com