بقلم : عبود مزهر الكرخي
يدور هذا التساؤل حول القانون الذي تم تمريره في الكونغرس الأمريكي مؤخراً الخاص بالعراق والذي أثير عليه الكثير من اللغط والكلام والنقاش والحوار وقد ظهرت أراء عدة منها مؤيدة للقانون ومنها معارضة له ومنها من تقف في الوسط وتراقب الوضع وما تؤول إليه الأمور لتقف في الكفة التي ترجح كفتها وتكون مع الطرف الذي يحظى بالمساندة والدعم من قبل ماما أمريكا كما يقال عندنا في العراق وهؤلاء هم أشد الكتل والفرق التي تضر بالعملية السياسية وفي اتخاذ أي قرار في مصلحة العراق وشعبه ولهذا وكالعادة عن الإعلان عن هذا القانون وبخطة متقنة من صناع القرار في أميركا ومعهم الصهاينة واللوبي الصهيوني كان لابد من ما موجود في ساحتنا السياسية أن يكون هناك لغط وعدم توحد في اتخاذ موقف سياسي موحد لأن الشعب أعتاد وكل مجتمعنا على المبدأ الذي يقول(نحن اتفقنا على أن لا نتفق)وهذه المقولة والمبدأ السياسي تعمل به أحزابنا وكل القادة السياسيين ولأصغر واحد فيهم لأن كل سياسي في الحزب أو الكتلة المعينة هو لا يقول أي شيء بدون الرجوع إلى زعيمه أو قائد حزبه لأنه عبارة عن أدوات تحركه قادته ومرتهن بكل مواقفهم وهو قد وطن نفسه على هذا الأمر لأن صعوده إلى البرلمان أو إلى الحكومة لا يكون إلا إن يكون بهذه المواصفات للحزب الذي ينتمي وهي الشروط التي يمليها عليه حزبه ليصبح في مصاف السياسيين ولكي على كرسي أو منصب داخل العملية السياسية.
والقانون وفي الحقيقة هو فريد من نوعه فهو بأن يتم تقدم مساعدات عسكرية بقيمة (715)مليون دولار على أن يكون قسم منها تعطي للمكون الكردي والآخر للمكون السني وبدون الرجوع إلى الحكومة الاتحادية المركزية ويكون في صياغة القانون أنه يتم معاملة الأكراد والسنة كدولتين.
والمشروع واضح أنه بداية لتقسيم العراق وضرب المكونات فيما بينها وهو مشروع ليس وليد اليوم ولكن مشروع قديم وعبر عدة عقود من الزمن والذي بأحد مواصفاته مشروع بايدن قبل عدة سنين ثم ليتبلور ويتخذ صيغته القانونية والدستورية بهذا الشكل الحالي.
ولو رجعنا إلى الخلف ومنذ دخول الأمريكان إلى العراق والتي كان بمباركة من كل الساسة الموجودين حالياً وبعد اجتماع واشنطن مع جورج الابن باعتبارهم كانوا يمثلون المعارضة العراقية وهم حتى كانوا غير متواجدين على الأرض العراقية متخذين بلدان المهجر سكن ومعيشة لهم وجنسياتهم الثانية هي خير دليل على ذلك والتي رفضوا كلهم وبدون استثناء التنازل عنها في حالة صعودهم إلى سدة الحكم بموجب فقرة في الدستور تشير إلى ذلك والتي تثبت وبقوة أن بلدهم الأصلي ليس العراق بل البلدان التي هاجروا إليها واكتسبوا الجنسية منها وخير دليل على ذلك هو تواجد عوائلهم وحتى عقاراتهم وقصورهم والفلل التي اشتروها طيلة مكوثهم في سدة الحكم لهو ما يثبت صحة أقوالنا.
المهم نحن لا نريد الخوض في هذا الموضوع ولكن أشرت إليه هو لإثبات مدى وطنية من يقوم بقيادة العراق وشعبه وأن أي مواطن عراقي لن يترجى خيراً في هؤلاء الساسة وفي وطنيتهم والتي ينظر ابسط مواطن عراقي في أنها محل شك وعدم ضمان إزاء هذه الوطنية التي تدور الشبهات حولها.
والقانون هو جاء من اجل ضمان المصالح الأمريكية والصهيونية فلو رجعنا إلى الخلف ونتطلع على تصريح بن جوريون الإسرائيلي احد دعائم الصهيونية واهم المؤسسين لدولة إسرائيل وهو ” عظمة إسرائيل ليست في قنبلتها الذرية ولا ترسانتها المسلحة…ولكن عظمة إسرائيل تكمن في انهيار دول ثلاثة…مصر والعراق وسوريا” وحتى لديه تصريح آخر يقول فيه “ان الخطر لإسرائيل يأتي من العراق”.ولهذا تعمل إسرائيل ومعها أميركا متوحدة في هذا الاتجاه يشاركها العديد من دول الجوار لأن العراق يمثل العمق الاستراتيجي للعرب والدول الإسلامية.
ولنأتي إلى أميركا حتى هي من دخلت العراق وحتى بعد إسقاط الصنم صدام كانت ولازالت لحد الآن لا تملك سياسة لإدارة العراق بل جعلته نهب لكل الطامعين واللصوص والسراق والتي بدأت من الحواسم لتستمر ولحد الآن لأن ما يجري من فساد وسرقة لأموال الشعب هو نوع من الحواسم ولكن بشكل نظيف وتحت غطاء قانوني من قبل مسئولين وساسة أقل ما يقال عنهم أنهم يشابهون تجار حروب لنطلق عليهم تجار سياسة وهؤلاء انغمسوا في هذه التجارة الرابحة والمال السحت لإملاء كروشهم المنتفخة والتي يبدو أنها لا تمتلئ أبداً وتركوا العراق مسرح لكل دول الخارج وساحة لتصفية الحسابات ومن غباء الكثير من المواطنين وحتى الأحزاب التي ينضوون تحتها أنهم يقاتلون نيابة عن هؤلاء الدول ومن قبل كل الأطراف وبغض النظر عن المسميات وليصبح العراق مكان لكل لص وسارق ويجد مكانه في السلطة وليحتل العراق المراتب الأولى في العالم في الفساد والنهب لأي حد كان.
ومن هنا كان المفروض على ساستنا من القادة الشيعة وكل من في الحكم التعامل مع أميركا على ضوء هذا المفهوم وهي إنها جاهلة في كيفية أدارة العراق وعدم السماح لها بممارسة سياستها المتهورة والتي كانت بتوجيه من إسرائيل من اجل أضعاف العراق وتقسيمه والتعامل مع أميركا بسياسة حكيمة تتسم بالحزم واللين مرة أخرى أي كما يقال عندنا بالعامي (خد وعين)وعلى ضوء هذه السياسة كان يتم انتزاع كل الحقوق والمصالح للعراق وشعبه وتسير سفينة البلد إلى بر الأمن والأمان ولكن كل هذا لم يحدث ومع الأسف الشديد لوجود ساسة اقل ما يقال عنه أنهم من سياسي الغفلة وحتى رجال دولة لا يملكون إي خبرة في التعامل في الدولة والتعامل الدولي ليصبح الحال كما هو عليه.
وهذا ما أعترف به السياسي أحمد الجلبي في مقابلة له مع العلم أن لدينا الكثير من الملاحظات على هذه الشخصية ولكن نأخذ بعض ما قاله لأنه عاصر الأمريكان قبل السقوط وما بعده وكان لاعب أساسي في الساحة السياسية ومازال ولننظر ماذا يقول :
“هل تستطيع القول ان جزءاً من المشكلة في العراق تكمن في ان الأميركيين أسقطوا نظام صدام ولم يكن لديهم ‏تصور لما سيحدث بعد ذلك؟
‏-الأميركيون كانت لديهم تصورات مختلفة، الأول كان تشكيل حكومة عراقية موقتة. هذا التصور فشل في ‏واشنطن. والثاني هو الاحتلال والحكم المباشر، وهذا نجح في واشنطن.‏
‏*هل كان هناك تنافس دائم بين الـ “سي آي أي” ووزارة الدفاع؟
‏-نعم، دائماً.‏
‏*وبين الخارجية والدفاع؟ نعم.‏
‏*هل كانت الـ “سي آي أي” أقرب الى الخارجية؟ نعم، في عهد كولن باول.‏
‏*هل تسبب هذا التنافس بالفشل الأميركي؟
‏-نعم، هذا واضح عندي. هذا التنافس بين الأميركيين وعدم قدرة الرئيس بوش على حل النزاع داخل إدارته تسببا ‏في تذبذب السياسة الأميركية وتخبطها في العراق وتشجيع أعمال العنف وسوء الإدارة والفساد.‏
‏* تعرض العراق لعملية نهب غير مسبوقة، أليس كذلك؟
‏- ماذا يعني ذلك؟
‏* هناك فساد؟
‏- طبعاً، العراق تعرض لعمليات فساد. يعني الذين نهبوا العراق هم من المفسدين العراقيين بالتعاون مع بعض ‏الأجانب، لكن قسماً من الأميركيين كانوا فاسدين أيضاً. إنما تسامح الآخرون مع هذا الفساد”.‏
وفي جزء آخر من اللقاء يقول :
” ماذا تقول لجورج بوش إذا التقيته في حفلة مثلاً؟‏
‏- أقول له شكراً على إسقاط صدام، لكنني غير مرتاح مما فعلته بعد إسقاطه
‏*هل ترى ان من المعقول أن ترتكب دولة كبرى هذه الأخطاء الفظيعة؟
‏-طبعاً. معقول جداً
‏* إذا أردت أن تصف جورج بوش، فبماذا تصفه؟
‏- شخص غير كفؤ وقليل المعرفة”.(1)
وفي جزئنا القادم أن شاء الله إن كان في العمر بقية ماهي التجاذبات وكيفية التعاطي مع هذا القانون من قبل المكونات الأخرى.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ من إسرار احتلال العراق الدكتور احمد الجلبي . الحلقة الأولى النص الكامل للحوار الذي أجرته جريدة الحياة اللندنية مع الدكتور احمد الجلبي.

بقلم: عبود مزهر الكرخي