مهما فعلنا، نحن الأساتذة ، فنحن لا نستطيع ان نهمل احاسيسنا تجاه الطلاب الذين ندرسهم، فعلى الرغم من ان علاقة التدريس بين الطالب والأستاذ هي علاقة مقدسة ولا يمكننا ان نتجاهل عواطفنا تجاههم، فنحن في النهاية جميعا بشربل وانسانيتنا تفرض علينا ان نحزن لدى حزنهم ونفرح لهم ولنجاحهم في حياتهم .
أقول ذلك بسبب مشاهداتي التي ربما بدأ من خلالها نضجي الفكري يستبق عمري بكثيروقد يتعبني في بعض الأحيان، ففي كل الأحوال العلاقة ليست طردية بين العمر الزمني والفكري والعاطفي . هذه السنة تم انتخابي لأصبح المسؤولة التربوية للمرحلة الأولى في قسمنا بجامعة باريس التي يتجاوزعدد طلابها” 200 ” شخص، الأكثرية الساحقة وكما هو المعتاد هم من الذكور.. يومها بدأت المآسي وشعوري بالضعف والإحباط وعدم قدرتي على مواجهة هذا العبء الثقيل..
الامر ليس بهذه السهولة، فالمسؤولية لا تقتضي بتهيئة الطلاب لمرحلة دراسية صعبة وتوعيتهم بالنظام الدراسي الجديد الذي يختلف تماما عن نظام الإعدادية فقط ، بل الامر يتجاوز ذلك وله بعد نفسي واجتماعي ودراسي. فتعرفي بهذه المرحلة يبدأ بفتح ملف كل شخص فيها، واتضح لي ان نصف طلاب المرحلة أي ما يعادل ” 100 ” طالب يعيشون مع آباء وامهات منفصلين او مطلقين..غريب فعلا هذا الامر ولكن الاغرب هو أن كل طالب هو حالة خاصة بحد ذاتها..
فما بين فترة وأخرى استدعي طالبا يعاني من الفشل الدراسي لسبب أو لآخر قد يدعو الى التدخل سريعا ومنع فشله والاتصال بوالديه وبوحدة التمريض التي تستقبلهم ان كانوا يعانون من مرض جسدي ومن ثم احالتهم الى الوحدة النفسية والاجتماعية ان تم اكتشاف معاناتهم من أسباب سيكولوجية ، ليتم إيجاد الحلول المناسبة لهم…وفي كل الأحوال علي ان اتواصل مع الجميع من أساتذة وطلاب وأطباء كي أكون على علم ودراية بحالة الطالب التي قد تؤثر على دراسته ومستقبله ..
أبلغني احد الأساتذة ان الطالب “روبن” له ميول انتحارية وان من الضروري التدخل قبل ان نتلقى خبرموته ، فقد وجد هذا الأستاذ على دفاتره صورة قدمين من على بناية عالية ومكتوب عليها “الموعد قريب” ، فتم اخباري بالأمر للتدخل الفوري ومعرفة الأسباب التي دعته الى ذلك ، وظهر أن الطالب يعاني من كآبة شديدة …
في موقف ثان،” الكساندر” طالب ثرثار يزعج الجميع ويقاطع الأساتذة كثيرا أثناء المحاضرة، وكأن يرفه عن نفسه بالتحدث. طلبت مقابلته والتحدث اليه، فاكتشفت ان الكساندر يعاني من الوحدة كونه فقد والده منذ زمن ليس بالبعيد وانه لدى عودته الى المنزل مساء لايجد والدته لان طبيعة عملها تفرض عليها التغيب عن المنزل ليلا الى الصباح الباكر، امر في غاية الصعوبة التعامل معه فهو شاب صغيرهش المشاعر والاحاسيس..
وفتاة أخرى منفردة ولاتختلط بأحد، كأنها تخاف التحدث مع الآخرين ذات نتائج دراسية سيئة، وبعد التحدث معها، اتضح لي انها ضحية الاعتداء الجنسي من قبل زوج والدتها، أرسلتها والدتها الى بيت جدتها عند اكتشافها الامر وأبعدتها عن المنزل..الفتاة تود ترك الدراسة لتلتحق بالكلية العسكرية كون الكلية تمنح مسكنا وراتبا .
إضافة الى أنواع مختلفة من الامراض التي بدأت اكتشفها والتي لم اتخيل في يوم من الأيام انها موجودة ، فاكتشفت طلابا لديهم عمى الألوان ولايميزون بينها، وهنالك التأتأة التي يعاني البعض منها وآخرون لديهم عسرفي القراءة..الخ من الامراض التي يجب علينا معرفتها سريعا لمعالجتهم ولمنحهم وقتا إضافيا في أيام الامتحانات…
قبل عدة أسابيع اختفى “توماس” عن الجامعة فجأة، ليتصل الوالدان بي ويخبراني ان ابنهما هرب من المنزل وترك لهما رسالة يقول فيها انه رحل الى الولايات المتحدة للبقاء فيها لمدة ثلاثة اشهر، امر لم يستطع الوالدان تقبله وكانا تحت وقع الصدمة عندما اعلماني بذلك .
هذه النماذج من معاناة الطلاب الفرنسيون بغض النظر عن مشكلات الفشل الدراسي والخطأ في اختيارالاختصاص الصحيح، والتغيب المستمر، أمر يبعث على التفكير والتعامل معها بحكمة لاتخاذ القرارالصحيح كمسؤول تربوي وتعليمي . قد تكون الامور سابقة الذكرسلبية ولكنها مهمة في اكتشاف الطلاب الذين يعانون من المصاعب، فالتدريس الجامعي ليس إعطاء محاضرة ومن ثم مغادرة القاعة الدراسية فقط ، بل هو امر يتطلب نظرة عميقة ومهارة في تحديد التفاصيل التي قد تمر غير مرئية للجميع ولكنها تفاصيل مهمة قد تؤثر على مستقبل الطالب.. لذا من الضروري ان تتعاون الوحدات النفسية والاجتماعية والطبية والكوادر التدريسية لتشخيص كل ما هو غير طبيعي ومحاولة ايجاد حلول له ..
أقول ذلك بسبب مشاهداتي التي ربما بدأ من خلالها نضجي الفكري يستبق عمري بكثيروقد يتعبني في بعض الأحيان، ففي كل الأحوال العلاقة ليست طردية بين العمر الزمني والفكري والعاطفي . هذه السنة تم انتخابي لأصبح المسؤولة التربوية للمرحلة الأولى في قسمنا بجامعة باريس التي يتجاوزعدد طلابها” 200 ” شخص، الأكثرية الساحقة وكما هو المعتاد هم من الذكور.. يومها بدأت المآسي وشعوري بالضعف والإحباط وعدم قدرتي على مواجهة هذا العبء الثقيل..
الامر ليس بهذه السهولة، فالمسؤولية لا تقتضي بتهيئة الطلاب لمرحلة دراسية صعبة وتوعيتهم بالنظام الدراسي الجديد الذي يختلف تماما عن نظام الإعدادية فقط ، بل الامر يتجاوز ذلك وله بعد نفسي واجتماعي ودراسي. فتعرفي بهذه المرحلة يبدأ بفتح ملف كل شخص فيها، واتضح لي ان نصف طلاب المرحلة أي ما يعادل ” 100 ” طالب يعيشون مع آباء وامهات منفصلين او مطلقين..غريب فعلا هذا الامر ولكن الاغرب هو أن كل طالب هو حالة خاصة بحد ذاتها..
فما بين فترة وأخرى استدعي طالبا يعاني من الفشل الدراسي لسبب أو لآخر قد يدعو الى التدخل سريعا ومنع فشله والاتصال بوالديه وبوحدة التمريض التي تستقبلهم ان كانوا يعانون من مرض جسدي ومن ثم احالتهم الى الوحدة النفسية والاجتماعية ان تم اكتشاف معاناتهم من أسباب سيكولوجية ، ليتم إيجاد الحلول المناسبة لهم…وفي كل الأحوال علي ان اتواصل مع الجميع من أساتذة وطلاب وأطباء كي أكون على علم ودراية بحالة الطالب التي قد تؤثر على دراسته ومستقبله ..
أبلغني احد الأساتذة ان الطالب “روبن” له ميول انتحارية وان من الضروري التدخل قبل ان نتلقى خبرموته ، فقد وجد هذا الأستاذ على دفاتره صورة قدمين من على بناية عالية ومكتوب عليها “الموعد قريب” ، فتم اخباري بالأمر للتدخل الفوري ومعرفة الأسباب التي دعته الى ذلك ، وظهر أن الطالب يعاني من كآبة شديدة …
في موقف ثان،” الكساندر” طالب ثرثار يزعج الجميع ويقاطع الأساتذة كثيرا أثناء المحاضرة، وكأن يرفه عن نفسه بالتحدث. طلبت مقابلته والتحدث اليه، فاكتشفت ان الكساندر يعاني من الوحدة كونه فقد والده منذ زمن ليس بالبعيد وانه لدى عودته الى المنزل مساء لايجد والدته لان طبيعة عملها تفرض عليها التغيب عن المنزل ليلا الى الصباح الباكر، امر في غاية الصعوبة التعامل معه فهو شاب صغيرهش المشاعر والاحاسيس..
وفتاة أخرى منفردة ولاتختلط بأحد، كأنها تخاف التحدث مع الآخرين ذات نتائج دراسية سيئة، وبعد التحدث معها، اتضح لي انها ضحية الاعتداء الجنسي من قبل زوج والدتها، أرسلتها والدتها الى بيت جدتها عند اكتشافها الامر وأبعدتها عن المنزل..الفتاة تود ترك الدراسة لتلتحق بالكلية العسكرية كون الكلية تمنح مسكنا وراتبا .
إضافة الى أنواع مختلفة من الامراض التي بدأت اكتشفها والتي لم اتخيل في يوم من الأيام انها موجودة ، فاكتشفت طلابا لديهم عمى الألوان ولايميزون بينها، وهنالك التأتأة التي يعاني البعض منها وآخرون لديهم عسرفي القراءة..الخ من الامراض التي يجب علينا معرفتها سريعا لمعالجتهم ولمنحهم وقتا إضافيا في أيام الامتحانات…
قبل عدة أسابيع اختفى “توماس” عن الجامعة فجأة، ليتصل الوالدان بي ويخبراني ان ابنهما هرب من المنزل وترك لهما رسالة يقول فيها انه رحل الى الولايات المتحدة للبقاء فيها لمدة ثلاثة اشهر، امر لم يستطع الوالدان تقبله وكانا تحت وقع الصدمة عندما اعلماني بذلك .
هذه النماذج من معاناة الطلاب الفرنسيون بغض النظر عن مشكلات الفشل الدراسي والخطأ في اختيارالاختصاص الصحيح، والتغيب المستمر، أمر يبعث على التفكير والتعامل معها بحكمة لاتخاذ القرارالصحيح كمسؤول تربوي وتعليمي . قد تكون الامور سابقة الذكرسلبية ولكنها مهمة في اكتشاف الطلاب الذين يعانون من المصاعب، فالتدريس الجامعي ليس إعطاء محاضرة ومن ثم مغادرة القاعة الدراسية فقط ، بل هو امر يتطلب نظرة عميقة ومهارة في تحديد التفاصيل التي قد تمر غير مرئية للجميع ولكنها تفاصيل مهمة قد تؤثر على مستقبل الطالب.. لذا من الضروري ان تتعاون الوحدات النفسية والاجتماعية والطبية والكوادر التدريسية لتشخيص كل ما هو غير طبيعي ومحاولة ايجاد حلول له ..