قراءة في كتاب : الازدواجية المُسقَطة . محاولة في تحليل شخصية الدكتور ( علي الوردي ) حسين سرمك / سلام الشماع
يعتبر الدكتور ( علي الوردي ) رائد في علم الاجتماع في العراق . من خلال الكثير من مؤلفاته وابحاثه ودراساته وتحليلاته , في البنية التركيبية للمجتمع العراقي , بتناول قضايا المجتمع في اشكالياته المتعددة والمتنوعة . في نظرات فكرية كثيرة منها تتعمق في اسباب عوامل التخلف , ونظرة الفرد العراقي الى نفسه ونظرته الى الاخرين , في الحالة الحياتية والمعيشية والاجتماعية . التي يكتنفها الكثير من التناقضات والتنافرات المزدوجة بالازدواجية . في طريقة التعامل وطريقة السلوك والتصرف , وتأثيراتهما الاجتماعية والسايكولوجية . بذلك حملت الاطروحات والنظريات الاجتماعية التي جاء بها من الافكار المطروحة . انقسم عليه عامة الناس والاوساط الدينية والثقافية , الكثير من الاعداء والاصدقاء , بين معارض ومؤيد . لذلك لا يمكن ان نغفل في الطرح في السياق الافكار , بعض الهفوات في علم الاجتماع وكيفية التعامل معه . وخاصة في المجتمع العراقي الذي يعاني الكبت الاجتماعي والنفسي , في المجتمع تسوده الغالبية من التخلف والجهل والامية . وكذلك التأثيرات الدينية القوية على نفس وروحية الفرد والمجتمع , بما تحمل من خصوصيات في العادات والتقاليد . وكيفية الاحترام والتعامل معها , والنظريات الاجتماعية للعلامة الراحل ( الدكتور علي الوردي ) تتعاطى وفق معطيات الوعي والادراك والحس الاجتماعي . تحاول ان تبرز سلبيات الناشئة في المجتمع من جملتها عقد الذنب والظلم في ميادينها المتعددة . ومنها مسألة ظلم المرأة ومسألة الجنس والزواج . لذلك كان له مطارحات فكرية يختلف عليها غالبية رجال الدين ( الشيعة والسنة ) الذي وصف نزاعتهم على المجتمع , كما هم كالبدو الصحراء , فلا يرى احدهم في الاخر إلا في عيوبه . يشخص قيم الحضارة بالضد من قيم البداوة . يطرحها بكل جرأة في افكار غير مسبوقة , في تحليل شخصية الفرد والمجتمع . واضاء جوانب عديدة من مشروعه التنوير الاجتماعي . لاشك ان العلامة الراحل يضرب على الاوتار الحساسة في المجتمع والفرد . مرات يملك الجرأة في الطرح , ومرات يتردد خشية من العواقب السلبية عليه من عامة الناس . خشية من غضب وهيجان عليه , ليس فقط الاعتراض على اطروحاته الفكرية والاجتماعية . وانما خشية الاعتداء عليه .
وهذا الكتاب القيم والمرموق ( الازدواجية المسقطة / محاولة في تحليل شخصية الدكتور ( علي الوردي ) المؤلف : الدكتور حسين سرمك والباحث الاستاذ سلام الشماع . . والاستاذ حسين سرمك مرموق في النقد الادبي ,ومرموق في اختصاصه الطبي , طبيب في علم النفس . والاستاذ سلام الشماع , يعتبر من تلاميذ العلامة الراحل وعايشه عن قرب وحافظ اسراره لمدة تزيد على عقدين . وبما يملك من رصيد مهم من وثائق ومعلومات وكتابات تتعلق بالعلامة الراحل , كما وانه اصدره كتاب عن معلمه بعنوان ( من وحي الثمانين ) . ان يكون العلامة الراحل تحت مجهر سرير التحليل علم النفس الطبي . انها محاولة جريئة غير مسبوقة . ومبادرة شجاعة , في محاولة التقيم الفكري والاجتماعي على ضوء علم النفس الطبي , استناداً الى الحوار الموسع بين الاستاذين , وفي مخرجات التحليل على ضوئية السيرة الحياتية والمعاشية . منذ الطفولة حتى رحيله الابدي الى رحمة الله . في ادق التفاصيل . وعلى افكاره واطروحاته بمجمل ما قدم من مؤلفات وابحاث ودراسات اجتماعية , وحتى في علاقاته اليومية مع العائلة والمجتمع المحيط به , وقبل سفره في الدراسة في امريكا وبعد رجوعه , وما حمل من افكار اجتماعية جديدة . وما ورثوه من جهد كتابي. كل هذه المعلومات الهائلة في تفكيره الاجتماعي , ان تكون على سرير التشريح في علم النفس واستخلاص نتائجها . لاشك ان الاستاذ الدكتور حسين سرمك يملك براعة فذة في اختصاصه الطبي , وفي تحليل النظريات الاجتماعية المختلفة , التي لها علاقة في علم البحث الاجتماعي . من هذا المنطلق يعتبر الكتاب مصدراً هاماً ومرموقاً لا يمكن الاستغناء عنه , في الاوساط الثقافية وايضاً لعامة الناس . لمعرفة العلامة الراحل وفق التحليل في علم النفس الطبي. ونعرف ان الراحل كان حديث الناس في حياته ورحيله الى رحمة الله الواسعة . ان الكتاب اضاء جوانب عديدة ومهمة في التحليل الطبي الرصين والهادف , وكذلك تحليل مشروع الفقيد التنويري في البحث الاجتماعي . وضم محتوى الكتاب اربعة فصول . نتناول بالايجاز والاستعراض الموجز .
1 – الفصل الاول : لمحات خفية من صاحب اللمحات : حوارموسع بين الدكتور حسين سرمك يحاور الاستاذ الباحث سلام الشماع . في تحليل حياة وافكار ووثائق ومؤلفات الراحل . وكذلك معاركه الفكرية والاجتماعية , وتناول الشخصية من كل الجوانب , وحتى هواجسها ووسواسها . ونظراته البحثية في علم الاجتماع , في طبيعة وتركيب المجتمع العراقي الحديث . وكذلك حالات التناشز التي افرزت في دراساته , والبحث اشكاليات المجتمع العراقي , ونظرته الى قيم الحضارة التي يعتبرها بالضد من قيم البداوة . وكذلك ما افرزه من سلوكيات اجتماعية عليه وعلى المجتمع , مثل الازدواجية الشخصية عليه وعلى الفرد والمجتمع . وما درسه من ابحاث في التأثيرات الدينية في المجتمع , وكيفية التعامل مع الوعي الاجتماعي . كانت المحاورة الموسعة . تناولت قضايا كثيرة تتعلق بالفقيد . وما تناوله في مسألة المرأة والجنس والزواج . وكذلك تأثيرات اطروحات ابن خلدون الاجتماعية . وكذلك فحوى الضجات التي اثارها في حياته , وخاصة مع الاوساط الادبية والثقافية , ومع بعض رجال الدين . وكذلك الاتهام الذي وجه اليه بتهمة الكفر , ومحاولاته الاستفادة من الفكر الاجتماعي الغربي بعد انهى دراساته الجامعية في امريكا . وكذلك مناقشة مشروعه التنويري من عدة جوانب . في مسألة السلوكية الفردية والجمعية . وموقف ومن الوعظ الديني . هذه الافكار والاطروحات وضعت في مختبر التشريح في علم النفس الطبي .
2 – الفصل الثاني : مقدمة استباقية : علي الوردي . عدو السلاطين . وعاظهم . قاومهم كبشر مثلنا . لا كملاك من السماء .
3 – الفصل الثالث : محاولة في تحليل شخصية محلل الشخصية العراقية …. وهي محاولة استخلاص نتائج من حصيلة التحليل الشخصية, على سرير علم النفس الطبي , وحصيلة الافكار والمعلومات التي وضعت تحت المجهر . من خلال الحوار الموسع والمعمق في الفصل الاول . وخرجت بالكثير من الاستنتاجات التحليلة المهمة , نقتطف جزء يسير منها .
× حول المواكب والطقوس الحسينية . خرج التحليل بهذه المحصلة , بأن نجد ان الوردي هو نفسه لديه سلوكية مزدوجة ( ان الوردي نفسه لديه سلوكان في هذا المجال : واحد رافض لتلك الطقوس المستهجنة ………… وثانٍ تحسبي بهدف الى دفع الاخطار عن الذات . فهل يعاني الوردي , هنا ازدواجية في الشخصية ؟ ) ص155.
× ( واذا راجعنا منجز الوردي فسنجد ان انجراحاته الشخصية , قد شكلت الاطار النفسي الذي حكم رؤيته البحثية , اننا نستطيع الامساك بخيط المرارة الناقمة الذي يجمع مواقف الوردي المختلفة من الظواهر التي يتناولها , ولو راجعت تراث الوردي المتعلق بدراساته احوال المجتمع العراقي وشخصية الفرد العراقي , فلا اعتقد اعتقد انك ستجد اي ملاحظة ايجابية , إلا في النادر من تحليلاته وتعليقاته ) ص179 .
× وكذلك حالة القلق والوسواس على اولاده , بدواعي الحرص على صحتهم , في حين انها السبب الباطن هو القلق , الذي تعاني منه الشخصية الوسواسية ( التسلط الالزامي ) ) ص190 .
× أما بالنسبة الى قيم الحضارة ضد قيم البداوة ( اذا كان المجتمع العراقي تحول خلال فترة قصيرة نسبياً من مجتمع تسوده قيم البداوة الى مجتمع تتصارع فيه هذه القيم , ضد قيم الحضارة , فأن الوردي الفرد قد تحول من فوره من شخص يرزح تحت تأثيرات قيم البداوة , الى شخص تتصارع في داخله القيم التي ترعرع فيها ) ص213 .
× ( ان الشعور بالذنب هو المشكلة الرئيسية لتطور الحضارة , وان على الانسان دفع فاتورة تقدم ) ص220
× اما من ناحية الازدواجية العراقية ( التناقض بين التوجيهات والتعليمات الدينية والقيم المحلية , وهو في كل موضع بعد القيم المحلية فاسدة ومتخلفة والتعليمات الدينية غير حضارية , وازدواجية حديثة سببها التناقض بين قيم الحضارة الجديدة , والقيم السلوكية القديمة ) ص231 .
× ( أن محاولة تحليل شخصية العلامة الراحل لا تسيء الى جهوده المشهودة ابداً , انها فرصة لتأمل دواخلنا والنظر في الكيفية التي يتدخل بها لا شعورنا في صياغة قناعاتنا ورؤانا وسلوكياتنا بصورة مستترة ) ص237 .
4 – الفصل الرابع : ليس دفاعاً عن علي الوردي . هو فصل نظرة الاستاذ الباحث سلام الشماع , على مجمل ما جاء في خلصات نتائج التحليل علم النفس الطبي . وما قدمه الدكتور حسين سرمك في النفاذ في دواخل شخصية علي الوردي , من خلال سرير علم النفس الطبي , في المقدرة العلمية والطبية في التشخيص , في الغوص في اعماق التحليل والتشخيص . وتبقى جهود العلامة الراحل الايجابية , بأنه وضع التحليل الشخصية وتحليل الاجتماعي للمجتمع العراقي , في مجهر البحث والدراسة , انزله من البرج العالي , ليكون في متناول عامة الناس .
× الكتاب : الازدواجية المسقطة : محاولة في تحليل شخصية الدكتور علي الوردي .
× المؤلف : الدكتور حسين سرمك / الاستاذ الباحث سلام الشماع
جمعة عبدالله
قراءة في كتاب : الازدواجية المسقطة . محاولة في تحليل شخصية الدكتور ( علي الوردي ) حسين سرمك / سلام الشماع
Related Posts
مقال
غياب الثوابت الوطنية يفاقم النزاعات . العراق انموذجا ادهم ابراهيم الثوابت الوطنية هي مجموعة من القيم والمبادئ الاساسية التي تربط أفراد المجتمع وتجمعهم تحت راية واحدة تتمثل فيها الهوية الوطنية،…
بغديدا السريانية تستقبل ميلاد طفل المِذود بالثوب الأسود .. ولد المسيح ..هاليلويا .. ܝܠܕܐ ܒܪܝܟܐ
بغديدا السريانية تستقبل ميلاد طفل المِذود بالثوب الأسود .. ولد المسيح ..هاليلويا .. ܝܠܕܐ ܒܪܝܟܐ بِقلم : وسام موميكا_المانيا ܀ “لأَنَّهُ يُولَدُ لَنَا وَلَدٌ وَنُعْطَى ابْنًا، وَتَكُونُ الرِّيَاسَةُ عَلَى كَتِفِهِ،…