إزاحة د. مرسى من الرئاسة مؤامرة لا شك والقول بأنها ليست مؤامرة لكنها فشل منه هو قول ظاهره الصواب وباطنه استخفاف بالعقول … إن محاولة إثبات أن عزل مرسى ليس مؤامرة إهانة للعقل وتكلف فى غير موضعه والأدلة على ذلك تترى فقد علم الناس – أقصد غير عاشقى البيادة – أن وزير الدفاع الحالى غير إخوان ولم يتأخون الجيش وهكذا وزير الداخلية كما زعم الإعلام من قبل ابتزازا وكذبا وتدليسا… وأدرك الناس – أكرر غير عشاق البيادة – أن قناة السويس لم تبع لقطر وأن حلايب وشلاتين لم تبع للسودان وسكت الإعلام مبتلعا بيادة العسكر عن الابتزاز بموضوع سد النهضة كما أدرك الناس أن الذين ما فتئوا يولولون بالمسارعة بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة أدركوا أن العسكر والفلول وبراءات رموز النظام القديم( عز ونخنوخ نمودجين) واعتلائهم بعض المناصب( البدرواى نموذجا) وقدوم آخرين من الخارج وعودة جهاز أمن الدولة بممارساته والاعتقالات ( هل يعقل أن يتهم رئيس مجلس الشعب السابق وهو دكتور فى كلية العلوم بتشكيل تنظيم عصابى لسرقة الشقق السكنية؟!!) وغلق القنوات الدينية ومنع بعض المقالات من الصحف وتشميع المساجد بالشمع الأحمر وحصار المساجد وقتل المصلين وتنديد المنظمات الدولية وتخندق البلطجية وراء مدرعات الشرطة …. كل ذلك أدلة دامغة لكن عشاق البيادة لا يعقلون.
إن اختفاء الإضرابات المهنية ( المعلمين والأطباء نموذجين) وكذا أزمة سد أثيوبيا، وكذا أزمات الضباط الملتحين والدولار ومشكلات مدن القنال وكذا اختفاء المطالبة بحق الشهداء، واختفاء ظاهرة قطع الطرق وغلق دواوين الحكومة بالجنازير، واختفاء الاشتباكات أمام فندق سميراميس، بل إن اختفاء ظاهرة الكذب والتدليس الإعلامى لدليل دامغ من ذلك على سبيل المثال لا الحصر : بيع الأهرامات، جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، مذكرات سامى عنان، صواريخ الإخوان، …
حسنا حسنا قد علمنا المؤامرة فماذا بعد؟
نحن أمام انقلاب عسكرى كامل الأركان شهد على ذلك الواقع وكثير من القامات العلمية والقانونية وكثير من الدول وكثير من المنظمات الحقوقية فى دول العالم المختلفة ومع استبعاد الاقتتال الداخلى لعوامل كثيرة ككوننا لسنا طوائف قبلية وككون الجيش يمثله 70% طبقة متوسطة هم من أهالينا وككون أن الانقسام الحاد فى المجتمع هو ظاهرة إعلامية أكثر من كونها حقيقية على الأرض ولأن مسارات الحلول السياسية ما تزال مطروحة وممكنة أقول مع استبعاد الاقتتال الداخلى، ومع استبعاد تراجع العسكر نظرا لطبيعة تركيبتهم النفسية والعقلية، ومع استبعاد تنازل المرابطين فى رابعة وما حولها والتى باتت تنظر للوضع على أنه ليس انقلابا فقط بل هو أبعد من ذلك إنه يعنى قضية استقلال مصر، ومع استبعاد كاتب هذه السطور لتقديم حلول تنظيرية يعرفها القاصى والدانى فلا فائدة من التكرار فإنه ومع تعقد المشهد والسير به سير المباراة الصفرية فإني أجزم أن مصير غالبية الانقلابات العسكرية إلى زوال طال بها الزمن أم قصر وذلك للعوامل التالية:
* ثورة الاتصالات الحديثة تعوق استمرار الكذب والتدليس والتشويه.
* جهل العسكر بالخصائص النفسية الجديدة للشباب المصرى من حيث كسر الخوف وصلابة الثبات والصمود.
* واقع الدولة المصرية المترهل لا يمكن سد ثغراته بمعونات بل إنه سيبتلع أى نظام حكم ما لم يكن ديمقراطيا حقيقيا.
* وجوه النظام القديم وتحالفها مع نظام العسكر يستدعى حيثيات نشوء ثورة جديدة حتى وإن غاب التيار الدينى عن المشهد بالاعتقالات والتشويه والتدليس وهو أمر ( أقصد غياب التيار الدينى ) يكاد يكون من المستحيل حدوثه ذلك أن تركيبة الشعب المصرى وتعاطف كثير منه تجعل هذا التيار رقم صعب يستحيل تجاهله حتى عند إجراء انتخابات ما سواء برلمانية أو رئاسية اللهم إلا إذا أُعْتُمِد التزوير نهجا.
* اتساع الخرق على الراتق فسيناء ومدن الصعيد وثبات المرابطين والمشكلات الاقتصادية المتفاقمة والقروض المهولة وكنها سياسة الأرض المحروقة وجود حكومة بلغت بها الشيخوخة مبلغها بحيث لا يمكنها متابعة سير الأحداث وأمور أخرى كثيرة ( كعودة الاعتقالات ومشاكل انقطاع الكهرباء والحد الأقصى للأجور و انخفاض التموين و و و… مما يعيشه الناس واقعا مؤلما لا يمكن إنكاره) توشك بانهيار وشيك للعسكر مهما بلغت قبضته الأمنية وتدليسه الإعلامى ومناصرة عشاق البيادة له فأنصاره لا ينصرون حقا ولا يدفعون باطلا ولا يثبتون عند محنة.
* ما اقترن العنف بشيء إلا شانه ومن ثم فالعنف يولد غضبا سرعان ما يقضى على العنف والحلول السياسية الممكنة ليست فى صالح العسكر ومن ثم فالدفع بالمشهد لمسار صفرى حتما سوف يخسر فيه العسكر سواء على المدى القريب أو البعيد.
* ولقائل أن يقول إن العسكر لا يرغبون فى أى دور سياسى وهذا أيضا كذب واستخفاف بالعقول ينأى عنه العاقل لتهافته وصاحب الضمير احتراما لماء الشهداء والساجدين ومن ثم ووفقا لما سبق ذكره فالمستقبل ليس لصالح العسكر الذى بات عليه أن يغسل سمعته التى طالتها السوء بقتل الساجدين والمواطنين واعتماد الكذب والتدليس والتشويه…ومن ثم فشباب مصر يدرك أننا نسير نحو دولة( عسكرية وعلمانية) وهم لن يقفوا مكتوفى الأيدي حيال ذلك.
خاتمة وملاحظات
* قد علمنا فما المسئولية التى تقع على عاتق كل فرد؟ هى نصرة الحق ونصرة المسار الديمقراطى والحريات ولتفرز تلك المسارات من تفرزه مع الحث على وضع ضمانات حقيقية لعدم التزوير والذى بتنا أساتذة العالم فيه.
* هذه الكلمات ليست لعاشقى البيادة الذين لا يعقلون وأخيرا أؤكد على حقيقة تاريخية وإنسانية لا أراها تخطيء أبدا : فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور لكنى أؤكد على أمر غاية فى الوضوح ربما تناسيناه فى غمرة الأحداث : إن شعب مصر ما تزال خيريته تفوق شروره ذلك أن المرابطين وأمثالهم إذا عدوا بغيرهم كان المرابط منهم بعدة آلاف من عشاق البيادة مهما علا شأنهم فى دنيا الناس…ففى حسابات الكم والكيف يصير الكيف أقوى وأثبت وأكرم و و و و إذا أردتم مشاهدة هذه المعانى متجسدة لترونها رأى العين فاذهبوا إلى رابعة وما شابهها من ميادين حيث معانى العزة والإباء والكرامة والشرف.