حيدر حسين سويري
الند في اللغة يعني المثيل أو النظير، وقد بينا في مقالات سابقة أن الله خلق الأشياء أزواجاً، فلا يوجد شئ إلا ووجد نظيره معه، وهو المتفرد سبحانهُ بالوحدانية.
ثمة مشكلةٍ في أن جميع من يدعي الإيمان بالله، قد جعل له نداً، فبعد أن وصف الله بـ(الرحمن)، وصف(إبليس) بالشيطان، وإبليس هو المعني بقولهِ تعالى﴿وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً[الكهف:50]﴾)، فقد جعلوا الله مجمع الرحمة والخير، وجعلوا إبليساً قائد الشياطين، مجمع الشر، وكلما ذُكر الرحمن ذُكر الشيطان كندٍ له، بخلاف ما جاء في القرآن﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً[مريم:45]﴾ و﴿ وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ[الزخرف:36]، بالرغم من أنهُم يعلمون أن إبليس خلقٌ من خلق الله.
لقد ذهب الزرادشتية وغيرهم إلى الإعتقاد بأن هناك إله للخير، وإله للشر، ولكن إله الخير سبق إله الشر! أي أنهم يعترفون بإن إله الخير خلق إله الشر، ولكن الأخير تمرد على الأول، وبدأ التحدي والصراع، وهذا مما نهى عنه الله سبحانه بقوله﴿فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ[البقرة:22]﴾.
فيأتي هنا السؤال المهم: فمن هو ندُّ إبليسٍ إذن؟
أقول: بما أن إبليس مخلوقٌ، وجب أن يكون نداً لمخلوقٍ مثلهُ أيضاً، ولو عُدنا إلى القرآن الكريم، باحثين ومفتشين، عن مصداق لصفة(الرحمن) بين خَلقِهِ تعالى، نجد القرآن يقول:﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ[الأنبياء:107]﴾، فالرسول محمد(ص) رحمة الله الواسعة، كما ورد في كثير من الأدعية المأثورة عن أهل البيت (ع)، وهو الهادي، بعد فضل الله سبحانه وتعالى، للمسلمين، بعدم إتباعهم للشيطان﴿ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً[النساء:83]﴾.
إذن فندُ إبليسَ والذي سيقوم بقتلهِ هو رسول الله(ص)، وردت روايات تشير إلى أن إبليساً يُقتل على يد رسول الله(ص)، في يوم الوقت المعلوم، الذي أُنظر إليه، ففي مختصر بصائر الدرجات ص27 عن أبي عبدالله(ع) أنه قال: إن إبليس قال أنظرني إلى يوم يبعثون فأبى الله سبحانه وتعالى ذلك عليه، فقال إنك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم، فاذا كان يوم الوقت المعلوم ظهر إبليس لعنه الله في جميع أشياعه منذ خلق الله سبحانه وتعالى أدم(ع) إلى يوم الوقت المعلوم، وهي آخر كرة يكرها أمير المؤمنين(ع) فقلت: وإنها لكرات؟ قال : نعم إنها لكرات وكرات، ما من إمام في قرن إلا ويكر البر والفاجر في دهره حتى يديل الله سبحانه وتعالى المؤمن من الكافر فإذا كان يوم الوقت المعلوم كر أمير المؤمنين(ع) في أصحابه وجاء إبليس في أصحابه ويكون ميقاتهم في أرض من أراضي الفرات يُقال لها الروحا قريباً من كوفتكم فيقتلون قتلاً لم يقتتل مثله منذ خلق الله(عز وجل) العالمين فكأني أنظر إلى أصحاب أمير المؤمنين(ع) قد رجعوا إلى خلفهم القهقرة مائة قدم وكأني أنظر اليهم وقد وقعت بعض أرجلهم في الفرات فعند ذلك يهبط الجبار(عز وجل) في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر ومعهم رسول الله(ص) بيده حربة من نور فينظر إليه إبليس فيرجع القهقرة ناكصاً على عقبيهِ فيقول له أصحابه: أين تريد وقد ظفرت؟ فيقول: إني أرى مالا ترون إني أخاف الله والله شديد العقاب) فيلحقه النبي(ص) فيطعنه طعنة بين كتفيه، فيكون هلاكه وهلاك جميع أشياعه، فعند ذلك يُعبد الله(عزوجل) ولا يشرك به شيئاً.
وقال صاحب البحار عن هبوط الجبار انه كناية عن نزول ايات عذاب