لست من قال هذا ولا من شاهده، وإن لم يكن خافيا علي، “الإعدام في العراق كذبح الأغنام” هذا التشبيه لرئيس بعثة لجنة العلاقات البرلمانية مع العراق في الاتحاد الأوروبي ستيفنسن العضو الاسكتلندي المحافظ، في بيان صادر عن مكتبه بمقر الاتحاد في بروكسل، وقال: “إن الإعدامات الجماعية تجري في العراق على نطاق صناعي واسع، وإن رئيس الوزراء المالكي يشن حربا ضد شعبه. وتغلب الطائفة الشيعية على تشكيل حكومته المدعومة من إيران المحاذية للعراق. وتشن الحكومة بلا هوادة حملة إبادة عسكرية ضد العرب السنة الذين وصمهم المالكي سلفا بالإرهابيين”.
وجاء في البيان: “إن الرجال والنساء والأطفال يذبحون في مدن الفلوجة والرمادي بغارات جوية وقصف مستمر لا يتوقف، وهجوم بالصواريخ ومعارك تسندها الدبابات بذريعة أن أهاليها أعضاء في القاعدة أو يحتضنونها. وهو فخ ماكر خدع الأميركان الذين سارعوا بتزويد المالكي بإمدادات الأسلحة الآلية والدبابات والطائرات والصواريخ لدعم آلة القتل الغادرة، وإن الأسرى المعتقلين يقتادون بطوابير أشبه بقطيع الأغنام إلى حبال المشانق في مجاميع من 10 – 12 كالخراف التي تقاد إلى الذبح في المسالخ. بلا إجراءات قضائية رسمية عادلة. كونهم وصموا مبدئيا بالإرهاب، فلا يتمتعون بحق الدفاع أو محاكمات في محاكم متختصصة”.
وتساءل ستيفنسن: “عن جريمة هؤلاء البشر ليحكم عليهم بالإعدام بلا شهود وأدلة على نطاق واسع. لقد أصبح المالكي يدير عجلة لا تتوقف من القتل لترويع السكان السنة وإجبارهم على الخضوع لمشيئته وحكمه” وطالب الأمم المتحدة وأميركا والاتحاد الأوروبي بألا يقفوا مكتوفي الأيدي متفرجين على الرعب الذي تتكشف صوره أمام الأعين. وهم من أسهم في صنع نظام فرض على الشعب العراقي وأصبح فيما بعد صنيعة لإيران. وآن الأوان لوضع حد لوحشيته الإجرامية، ليستعيد الشعب العراقي المضطهد الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان المفقودة.
إن ما جاء في البيان ليس الأول من نوعه، الشواهد والأدلة كثيرة، فقد سبق أن حكم على عضو البرلمان العراقي محمد الدايني بالإعدام فهرب وقدم نفسه للمحاكم الجنائية الأوروبية التي أثبتت براءته، وطالب اتحاد البرلمانيين العالمي البرلمان العراقي بإعادة المحاكمة، وأعادت المحاكم العراقية المحاكمة ثانية بمعرفة البرلمان وبرأته بالفعل من جريمة قتل مئة شخص اتهم ظلما بقتلهم بعد أن تبين أن معظم الضحايا الذين اتهم بقتلهم أحياء يرزقون، وأعيدت له حقوقه. هذا برلماني أسعفته الظروف فماذا عن آلاف المعدمين؟
وسبق أن وجه رونالد نوبل أمين عام الانتربول الدولي رسالة إلى الحكومة العراقية باتخاذ الأمانة العامة قرارا بإجماع أعضائها يوقف تنفيذ مذكرات القبض الصادرة عن القضاء العراقي التعامل معه لعدم نزاهته حتى يتحقق استقلاله، واستدل بالمحاكمات التي تمت لعدد من الشخصيات العراقية السياسية، والقضاء العراقي الحالي يرزح تحت رغبات جهات عرقية متنفذة في السلطة تجعل أحكامه غير حيادية. وحكم على طارق الهاشمي نائب الرئيس العراقي بالإعدام خمس مرات غيابيا وهو ينفي تورطه بأية جريمة، ولم تأبه أو تلتفت دول إسلامية ومنظمة المؤتمر الإسلامي للحكم وعدته حكما كيديا وسياسيا. وهناك إجراءات دولية تتباحث في الحكم الصادر بحقه. وتحدثنا سابقا عن حالات إعدام نفذت بمحكومين ظلما وظهر بعدها المجرم الحقيقي.
فهل لرئيس الحكومة وأنصاره وجه بعد هذه الوقائع الدامغة للادعاء أن القضاء العراقي عادل ونزيه، وإذا كان هذا شأن القضاء فماذا عن السياسيين المنتفعين، وهل للحكومة أن تزعم أن مطالب المتظاهرين والمعتصمين، بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين، وإعادة محاكمات المحكوم عليهم باعترافات تحت التعذيب وإلغاء قانون اجتثاث البعث والمادة أربعة إرهاب غير شرعية وكاذبة واعتصامهم فقاعة، أم أن ادعاءات الحكومة وحملتها على أهل الأنبار كاذبة ظالمة. غايتها إذلال العرب السنة في مناطقهم ولاسيما في الرمادي والفلوجة المحاصرتين، خطة مبرمجة لإبادة جماعية، وقد تشهد الفلوجة في الساعات القادمة مجازر وجرائم حرب ضد الإنسانية تفوق ما ارتكبه الأميركان قاتلهم الله عام 2004.