د. سامر مؤيد عبد اللطيف/مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية :
إن طريق الوصول إلى هذه المكانة المرموقة التي حازها الامام الحسين (عليه السلام) كقائدٍ في قلوب الرعية وحيازة محبتهم إلى تخوم التضحية والفداء، طويل ومفعم بمتطلبات عدة كرسها الحسين-سليل الدوحة الهاشمية المطهرة وربيب القران الكريم – منهجا وسلوكا واقعيا في سيرته الوضاءة وتعامله مع أنصاره وكل إنسان.. فكان في أولها مثالا في الرحمة المهداة للعالمين على طريق جده المصطفى (عليه واله الصلاة والسلام) حتى بلغت رحمته مبلغا يعجز عنه الوصف ولا يطيقه القصد، فمن ذا الذي يبكي على أعداءه الذين احتشدوا لقتله لسوء عاقبة أمرهم بعد مقتله كما فعل الحسين عليه السلام، ومن ذا الذي يأبى أن يشرب الماء وهو القائد المقاتل الذي قتله العطش قبل أن يشرب حصانه ومن معه، أم من هذا القائد الذي يضع خده الشريف على خد ذلك الغلام الأسود او التركي أسوة بما فعله مع ولده الأكبر بعد استشهادهم يوم عاشوراء، أم من هذا القائد الرحيم الغيور الذي يأمر أصحابه ومقاتليه بإرسال نسائهم إلى مكان امن لان نسائه ستسبى بعد استشهاده كما فعل الحسين عليه السلام قبل يوم عاشوراء.
وفي الثانية نموذجاً في التبسط والتواضع مع ابسط الناس والمهمشين منهم، نذكر من ذلك انه ” لما مر الحسين عليه السلام بمساكين بسطوا كساء والقوا عليه كسرا، فدعوه فأكل معهم مرددا قوله تعالى ” انه لا يحب المستكبرين ” ثم قال قد أجبتكم فأجيبوني حتى أتوا منزله فقال للرباب اخرجي ما كنت تدخرين ” وثالثة في الصبر والأناة حتى نراه (عليه السلام) يأمر أصحابه لما اشتد الأمر في عاشوراء قائلا لهم ” صبرا بني الكرام، فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة، فأيكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر، وما هو لأعدائكم الا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب “.
وعن العفو رابعةً لنقرأ ونتعلم من سيرته مع غلام له اخطأ بحقه خطأً جسيما، لما سمعه يردد قوله والكاظمين الغيظ ويحسن بإعتاقه لما سمعه يقول والله يحب المحسنين “. وخامسةً في الإيمان الحقيقي العميق بقيمة الحرية حتى دفع ثمنها من دماءه الزكية يوم رفض البيعة ليزيد وحانت ساعة الحسم خاطب مقاتليه قائلا ” كونوا أحرارا في دنياكم ” ولمّا استيأس منهم في استدراك مسار الحق والحرية أعلنها صرخة مدوية بوجه في طريق الإنسانية منارا لكل من سار على طريق الحرية وتذوق طعمها أو رغب بذلك على رغم أنوف الطغاة وعلى مر العصور والدهور: (لا والله لا أعطيكم بيدي إعطاء الذليل، ولا أقرّ لكم إقرار العبيد). وسادسةَ ينبئنا فيها الحسين عليه السلام بوجوب إيفاء القائد وحتى الإنسان العادي بحوائج الناس والنهوض بحقوقهم لأنها “من نعم الله عليكم فلا تملوا النعم ” على حد تعبيره.
ويضرب مثلا في مصداقية القائد وصراحته مع جنوده ممتحنا صبرهم وصدق التزامهم بالمبادئ، إذ يقول لأصحابه ليلة استشهاده ” هذا الليل فاتخذوه جملا فان القوم إنما يريدونني ولو قتلوني لم يلتفتوا إليكم وانتم في حل وسعه..، ثم قال “إنكم تقتلون غدا كذلك لا يفلت منكم رجل ” فأي قائدٍ هذا الذي يخير جنوده بين النجاة بالهروب او الموت بالصمود دون النصر غير الحسين. وهي الواقعية التي عودتنا عليها القيادة الحسينية المطهرة ونظرتها الشمولية الدقيقة في تشخيص الأوضاع وسبر أغوارها، ولنتذكر على سبيل الاستدلال ما قاله عليه السلام لما نزل القوم بالحسين وأيقن أنهم قاتلوه يوم قال لأصحابه ” إن الدنيا قد تنكرت وتغيرت وأدبر معروفها واستمرت حتى لم يبق منها إلا كصبابة الإناء ” وقال في مناسبة أخرى ” الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درت معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون “، وكأنه عاش الدهور كلها حتى قيام الساعة منتقلاً بدولاب الحياة بين نواميسها مستخلصا عصارتها بهذه الحكمة. وبالتالي لم يكن غريبا أن تقدح حكمة القيادة الحسينية لتبصير الأعداء قبل الأصدقاء بعاقبة أمرهم وتداعياته المستقبلية برؤيةٍ اخترقت حواجز الزمان والمكان، ولسانٍ ملئه الصدق والإخلاص في النصيحة يوم قال محذراً قاتليه ” أما إنكم لن تقتلوا بعدي عبدا من عباد الله فتهابوا قتله بل يهون عليكم عند قتلكم إياي ” ولما سئل عن مصير قتلته أجاب ” يلقي بأسكم بينكم ويسفك دماءكم ثم يصب عليكم العذاب الأليم ” ليعطي البشرية وقادتها درسا في التبصر في العواقب وبناء الرؤية المستقبلية باستنباط محدداتها في ضوء معطيات الواقع وقوانينه، وليكون ذلك ركنا أساسيا في التخطيط الاستراتيجي لمن ينشد السير على نهج الامام الحسين عليه السلام من قادة اليوم، وما تجرعناه بالأمس واليوم من قتال وفتن وحروب يقيم الدليل الحي على مصداقية مقالة الحسين عليه السلام.
وعلى الرغم من أهمية كل ما تقدم، فانه لا يرتق إلى مستوى أهمية النفحة الأساسية من نفحات القيادة الحسينية ومجالها(حسن الإدارة والتدبير) بدءا من اعتناق المبدأ وتبني الهدف، مرورا بتهيئة الخطة وتحشيد الوسائل والترجيح بين الخيارات مع الإبقاء على أعلى سقوف القدرة على المناورة عند اللزوم.
ومع وضوح الهدف وتجليه وثباته في نفس الحسين عليه السلام ونفس كل من ناصره – كما مر بنا آنفا- انطلق عبر قناة خطته الشاملة في إصلاح أوضاع الأمة، إلى مفازة الاستعداد بحشد الوسائل والطاقات ؛ مركزا في مقدمتها على جانب الدعاية والتعبئة الشعبية والمعنوية لقضيته المشروعة– أسوة بجده المصطفى عليه واله الصلاة والسلام – وهو الأمر الذي بدأ يوم خطب بمنى على جمع من أهل بيته وأصحابه قائلا “اسمعوا مقالتي واكتبوا قولي ثم ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم فمن أمنتم من الناس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقنا فاني أتخوف أن يدرس هذا الأمر ويذهب الحق ويغلب ” ويوم كان يكتب الكتب لأهل الكوفة والبصرة من أنصاره يخبرهم فيها ” أني ادعوكم إلى الله والى نبيه فان السنة قد أميتت فان تجيبوا دعوتي وتطيعوا أمري أهدكم سبيل الرشاد”. فكان من ثمر هذا الحشد، تواتر ورود الرسائل المؤيدة لنصرة الحسيّن(ع)، حتى بلغ عددها في يوم واحد (ستمائة كتاب)، ووصلت إلى (اثنا عشر ألف كتاب)، وفي بعضها عدة تواقيع لعدة أشخاص.
وقريبا من هذا الحشد التعبوي، لم يبارح الإمام ضمن رؤيته الإستراتيجية في مجال المناورة إلى جانب التخطيط والتحشيد، انه بادر بالخروج من المدينة المنورة التي كان مقيما فيها قبل أن يبادر الطرف المعادي ويسعى ‘لمحاصرته أو اغتياله، بعد أن طمأنه بعبارات مرنة متعددة الوجوه بقوله (نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أينا أحق بالخلافة والبيعة)، حتى أن الفرزدق الشاعر عندما لاقى’ الحسين(ع) في الطريق سأله باستغراب قائلاً له: ما أعجلك عن الحج؟!…فأجابه الحسين(ع): «لو لم أعجل لأخذت». دون أن يفرط بحرصه المبدئي على سلامة المدينتين (مكة والمدينة المنورة) من شرور الحرب وتداعياتها حينما قال لعبد الله بن الزبير لما دعاه إلى أن يحتمي بالحرم ” لأن اقتل بيني وبين الحرم باع أحب إلي من أن اقتل وبيني وبينه شبر، ولان اقتل بالطف أحب إلي من أن اقتل بالحرم “معللا السبب ” لا نستحلها ولا تستحل بنا “
وقبل المضي مع الحسين إلى غايته النهائية كقائد محنك، ينبغي التأكيد على نقطة محورية مفادها أن الامام الحسين لم يكن باحثا عن السلطة والمجد والمال، كما لم يطلب الحرب أو حتى يبدؤها بل جعلها آخر الخيارات، وليس أدل على هذا المقصد من إجابته على رسالة معاوية برسالة مفادها ” ما أريد لك حربا ولا عليك خلافا وايم الله إني لخائف الله في ترك ذلك وما أظن الله راضيا بترك ذلك وفي أوليائك القاسطين الملحدين حزب الظلمة وأولياء الشيطان ” لعلمه العميق بشر الحرب ومحاذيرها كما يخبرنا بذلك قائلا ” إن الحرب شرها ذريع وطعمها فضيع”.
ليتأكد في ضوء ما تقدم من معطيات أن الإمام عليه السلام قد حرص على امن الدولة الإسلامية وسلامتها كحرصه على عدالة قضيته الإصلاحية، بعدما بذل في سبيلها كل نصح واتخذ إلى مقصده كل وسيلة، حتى لو اقتضى ذلك المطلب مَدّ جسور الفهم والتفاهم مع أعدائه، وما دعوته لقادة وأركان جيش الخصوم والمفاوضات التي أجراها معهم ومقارعتهم بالحجة والبرهان والترغيب إلا تأكيدا لهذا التوجه السلمي وارتقاء سلم المناورة الإستراتيجية.
وعندما أخذت فرص الحل السِّلمي بالتضاؤل والتلاشي مع اشتداد التضييق عليه ودفعه باتجاه نقطة اللا عودة، التجأ الحسين عليه السلام مضطرا إلى الخيار العسكري مرجحا المبدأ على المنطق، والمغزى البعيد على الأمر العاجل القريب، والنصر المعنوي على النصر المادي، وحفظ بيضة الدين على حفظ الروح.
وعلى الرغم من تأني الحسين عليه السلام في اعتماد خيار الحرب واضطراره لها، فانه عليه السلام لم يسقط من حسابه موجبات الحيطة والحذر والاستعداد لها بحنكة التخطيط والتدبير المتجلي بقوله عليه السلام ” فمن أٌخذ لها (أي الحرب) أهبتها واستعد لها عدتها ولم يألم كلومها عند حلولها فذاك صاحبها، ومن عاجلها قبل أوان فرصتها واستبصار سعيه فيها فذاك قمن أن ينفع قومه وان يهلك نفسه ” ليعلم القادة وجوب الاستعداد لأصعب الاحتمالات ومثالها حرب الإبادة. ومع انتقال المواجهة مع الخصوم إلى مستوى أعلى، وارتفاع حدة الأزمة إلى مستوى الصراع المسلح والمصيري، فانه عليه السلام قد استعد لهذا الأمر الجلل بعقد لواء الحرب وارتداء بزة القتال والتفكير بعقلية المحارب عبر سلسلة من الإجراءات من أهمها:
1- جمع المعلومات عن الخصم في كل مراحل المواجهة وقبل كل موقف وقرار يقدم عليه ليكون ذلك دليله الواقعي ومقياسا للدقة والرجاحة في بناء إستراتيجيته العسكرية، فاستبقى أخاه ابن الحنفية في المدينة ليكون له عينا ” وظهيرا وسندا، ثم استنطق المسافرين مثلما فعل مع’ بشر بنغالب ومن قبله الفرزدق القادمين من العراق. وزاد من فسحة المعلومات المتاحة له بالاستطلاع الذاتي وإمضاء الدوريات أثناء المسير إلى الكوفة.
2- اختيار وتحصين موضعه الدفاعي في منطقة الحائر، مع المقاربة بين خيم أنصاره، حتى تتمكن قواته من خوض المعركة بقوة أقل، ووجهة واحدة، ثم أمر عليه السلام بحطب وقصب كان من وراء البيوت أن يترك في خندق كانوا قد حفروه هناك في ساعة من الليل وأن يحرق بالنار مخافة أن يأتوهم من ورائهم، وكان لذلك فائدة عظيمة أحرجت الخصوم، على الرغم من تفوقهم العددي.
3- عقد مؤتمر حربي لقادته وقواته في جنح الليل وتحت ستاره، حتى لا تنكشف استعداداته من قبل مراصد العدو، ليطلعهم فيه على الموقف العصيب الذي يواجهونه والخيارات المحدودة المتاحة أمامهم بين الرحيل دون تثريب وبين الصبر والجهاد حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا ؛ في امتحانٍ قيادي للمصداقية واستكشاف صبر الجنود وثباتهم على المبدأ قل نظيره في سفر التاريخ.
4- وضع خطة الحرب عبر تقسيم القوات وتوزيع المهام عليهم بجعل زهير بن القين في ميمنة أصحابه، وحبيب بن مظاهر في ميسرة أصحابه، وأعطى رايته العباس بن علي أخاه، مع اعتماد خطة للدفاع عن المدنيين والتحسب للظروف الطارئة، بإدخال الأطفال والحرم إلى الخيمة. مع الإبقاء على قوة عسكرية احتياطية لمعالجة المواقف الطارئة وتأمين ظهير الجيش وحماية المدنيين من النساء والأطفال.
5- القيام بالتعبئة المعنوية للقوات والشروع بالحرب النفسية للأعداء فيذكر الرواة: (أن الحسين (ع) بات وأصحابه ليلة عاشوراء ولهم دوي كدوي النحل، وكانوا بين راكع وساجد وقائم وقاعد، فعبر إليهم في تلك الليلة من عسكر عمر بن سعد اثنان وثلاثون رجلاً. ناهيك عن الخطب المتكررة التي كان يلقيها على أنصاره ليشد أزرهم ويشحذ هممهم، ومنها قوله لهم (صبرا بني الكرام فما الموت إلا قنطرة تعبر بكم عن البؤس والضراء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائمة)، حتى كان احدهم يقبل على الموت كإقباله على الحياة الدنيا ويستعجل لقاء ربه بإيمان يقيني وشجاعة منقطعة النظير. وبالمقابل أكثر الإمام عليه السلام من خطبه الموجهة لمعسكر الخصوم محذرا إياهم من عاقبة أمرهم ومن خساسة غايتهم ومن ذلك قوله لهم لما أحاطوا به (إنما ادعوكم إلى سبيل الرشاد فمن أطاعني كان من المرشدين ومن عصاني كان من المهلكين) حتى فرق جمعهم واكتسب الأنصار من بينهم من أمثال احد قادتهم الحر الرياحي رضي الله عنه.
6- محاولة كسر الطوق العسكري الذي فرضه الأعداء وتأمين خطوط الإمداد بالوصول إلى شاطئ نهر الفرات، المحروس بقوات محصنة تحصيناً جيداً، وبالفعل نجحت المحاولة الأولى للإمام العباس (سلام الله عليه) في اختراق صفوف القوات المكلّفة بحراسة المشرعة، وجلب الماء، ولكن في محاولته الثانية لجلب الماء تمكنت الكمائن المنصوبة في طريقه من منعه من إيصال ماء القربة إلى العيال والأطفال، بواسطة قنّاصيها المنتشرين بين النَّخيل بادروا بقتله قبل الوصول إلى معسكر الحسين عليه السلام. كما يروى في هذا السياق أن الحسين (ع) قام أيضاً باختراق تحصينات وحشود العدو المنتشرة على المشرعة، ودخل الفرات، وأراد أن يشرب الماء لولا مناداة القوم عليه بان الأعداء قد هجموا علي حريمه وخيمه. ليضرب أمثالا عدة في شجاعة القائد، ونخوته وغيرته على أنصاره فكيف يهنأ بشرب الماء وقد هتكت حُرمة حَريمه؟
7- ومن حسن التدبير والتحسب للتداعيات المستقبلية أن الحسين عليه السلام بعقلية القائد نصح العباس بالتريث عن الخروج معللا السبب كونه صاحب لواءه وقائد قوات المحور الأمامي لجيشه فإذا مضى تفرق العسكر وتأثرت معنويات الجند المقاتلين تحت رايته، وكذا منعه علي بن الحسين (زين العابدين) من الخروج خشية أن تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد “.
وحتى في اللحظات الأخيرة من معركته ضد أهل الباطل والظلم، رام الحسين بعقلية القيادة التاريخية وروحية القائد الفارس أن يثبت على وجه الزمان وسفره التاريخي ذلك الدرس القيادي الأخير الذي أوجز فيه الغاية السامية والعبرة الخالدة من خروجه المشرف من الحياة بهذا الشكل المأساوي الذي عبر عنه الشاعر ” إن كان دين جدي لا يستقيم إلا بقتلي فيا سيوف خذيني”، فكان عليه السلام بحق بمثابة القلب الكبير الذي استوعب هموم وماسي الأمة الإسلامية، وحاول إصلاح أحوالها، وعندما استحال ذلك فداها بروحه وكل ما يملك. وكان منهجه في القيادة امتدادا صميمياً لمنهج جده وأبيه وأخيه متجاوزا إلى حد بعيد كل مقولات وتوصيفات الأنماط البشرية التقليدية والمعاصرة للقيادة، إذ تجلت فيها (أي القيادة الحسينية) كل معالم العظمة واتسعت بفضائها القيمي لتكتسب طابعا من الشمولية تخطت بامتداداتها وعبرها كل حواجز الزمان مكتسبةً بذلك طابع الخلود.