إن حجم الخطر المنذر بنتائج مآساوية على الوجود المصرى وصل إلى قمته بما تفعله الجماعات الإرهابية فى المجتمع المصرى، بينما يتعامل معه الإعلام والنخبة الثقافية والدينية وكأنهم يقومون بوصف أحداث مباراة فى كرة القدم، فما يحدث من القتل والتخريب والتدمير العمدى للبنية التحتية لمؤسسات الدولة وأقتصادها ليس ذى بال، ولا يمثل خطراً على الإنسان أو الدولة ذاتها وإنما الذى يشغلهم ويسرق النوم من عيونهم، هو أن المادة الثانية من الدستور خط أحمر وكأن أكثر من ثمانون مليون مواطن مصرى سيفقدون حريتهم وحقوقهم الدينية إذا تم الأعتداء على هذا الخط الأحمر كما تقول وتهدد الجماعات الإسلامية التى يعرف الجميع تاريخها الإرهابى ضد شعب مصر، رغم أنه لا خلاف عند أى مصرى على إيمانه الإسلامى لكن نتيجة السذاجة النخبوية أمام الخطر الأصولى لتلك الجماعات المتطرفة، والتغاضى عما ينادون به أصبحت أصوات تلك الجماعات معترف بها من أصحاب الأيادى والعقول المرتعشة.
يكفى أن نسترجع بعض ما يصدر عن تلك الأحزاب والجماعات الدينية مثل” فيما أعلنت أحزاب تحالف دعم الشرعية الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين، ترحيبها بأي مبادرة سياسية لحل الأزمة الحالية، شريطة أن تحافظ المبادرة على عدم إقصاء أي فصيل إسلامي من المصالحة السياسية”، ماذا تعنى تلك الأحزاب الدينية فى عبارتها” عدم إقصاء أى فصيل إسلامى”؟ هل تم تقسيم الإسلام فى مصر إلى فصائل إسلامية مختلفة؟ والإسلام فى الدستور سيكون إسلاماً واحداً أو إسلام متعد الفصائل؟ بدلاً من تأكيد حرية العبادة يحاولون تأكيد وجود فصائل إسلامية منها الإرهابية والباقى لم يحاولوا وصفها لنا، وهل تتبعهم أم لها أيديولوجيات أخرى؟
لن يكون المسلم مسلماً بدون وجود تلك العبارة فى المادة الثانية فى الدستور؟ إذا حذفت تلك العبارة هل سيتحول مسلمى مصر إلى كفار؟ بالطبع لا لكنه التعصب والتطرف وإثبات وجودهم وأنهم الوحيدين الذين يريدون إنقاذ الهوية الإسلامية، وكأن ملايين المسلمين فى مصر ليست لديها الغيرة مثلهم، إلى هذه الدرجة أصبح الهوس والأوهام والوساوس العصابية التى يختلقها أفراد تلك الجماعات المتطرفة تصيب كل ذى عقل رشيد فى دولتنا المصرية؟ لماذا لا يعمل الجميع على تأكيد أن حرية ممارسة العبادة هى خط أحمر للجميع؟
إذا كان كل مصرى لن يشعر بكونه مسلماً إلا بكتابة تلك المادة الثانية بالدستور، إذن نحن أمام كارثة خطيرة تشكك فى عقيدة الملايين وتجعل إيمانهم الدينى الإسلامى لا قيمة له بدون هذه المادة، وهذه الكارثة أبتدعها الدكتاتوريين والأستبداديين من رجال السياسة والدين لخدمة مصالحهم والهيمنة على الشعوب بأستغلال الشعارات الإسلامية التى يجيدون توظيفها فى الوقت والزمن المناسب، بل قامت تلك الجماعات بتصوير أن خلو الدستور من تلك المادة يعنى إنتزاع وتدمير الهوية الإسلامية للدولة وللمسلمين مما يعنى أن عليهم الدفاع عن تلك المادة بالحرب والجهاد ضد من أعلنوا الحرب على الإسلام بسبب وجود أو عدم وجود المادة الثانية من الدستور، وهى أفكار أصولية تعيش على خلق المعارك والحروب بسبب بضعة كلمات قيلت هنا أو كتبت هناك، فى دستور أو فى صحيفة أو مجلة أو كتاب يعتبرونها نقداً أو إهانة لا يجب التصريح بها لذلك يقومون بإشعال مشاعر المؤمنين للخوض فى معارك يذهب ضحيتها المواطنين الأبرياء.
إن التغرير بالأبرياء من المسلمين بأن يقفوا إلى جانب تلك الجماعات الإسلامية التى تسمى نفسها جهادية، هذا التغرير تحت أسم حماية الدين من حروب الملحدين والصليبيين على الإسلام، هو الذى يعطى الحياة لأولئك الإرهابيين الذين يعيشون فى حماية المسلمين الأبرياء، ويرفضون التبليغ عن هؤلاء القتلة لأنه تم غسل عقولهم بأن حمايتهم للقتلة أو المجاهدين أو أنصار بيت المقدس هو حماية للإسلام من أعدائه، وللأسف سيستمر الأرهابيون فى أعمالهم ما دام المواطنون المسلمون يتركونهم أحراراً يختبئون بجوارهم دون التبليغ عنهم للجهات الأمنية والحكومية، نعم ستستمر العمليات الإنتحارية ضد شعبنا المصرى ويتركون أعداء الوطن إسرائيل ويسمون أنفسهم جماعة أنصار بيت المقدس، ويا له من عار على كل مصرى يرفض مساعدة القوات المسلحة والأمنية فى القضاء على هؤلاء المجرمين الذين بدلاً من توجيه سلاحهم إلى صدر الشعب الإسرائيلى فى بيت المقدس، يقومون بتوجيهه غدراً وخيانة إلى صدر المصريين المسلمين إخوانهم!!
أى منطق هذا؟؟؟
إن القضية هى قضية تلك الجماعات والفصائل التى تسمى نفسها إسلامية تريد هدم الوطن والمواطن لتطبيق ما تريد تطبيقه من شرائع وقوانين بالقوة والإرهاب وإخضاع المواطنين القسرى لثقافتهم المتخلفة الآتية من ظلام العبودية والعشائرية الصحراوية، وحين تضرب بإرهابها لا تفرق بين ملحد او مسلم فالكل فى نظرهم يستحق القتل لأنهم ليسوا من أنصارهم ولا من إخوانهم.
إن الخط الأحمر الوحيد هو أن تحيا مصر ويحيا شعبها فى ممارسة عباداتهم وأديانهم بحرية يكفلها لهم الدستور والقانون.