بقلم عبود مزهر الكرخي
وقبل أن نلج الى الموضوع نأتي بالدليل الثاني الذي يشهد على احراق بيت الزهراء واسقاط جنينها ومرضها ونسرده كما هو وبدون أي تعليق او زيادة
رسالة عمر الى معاوية يصف ما فعل بالزهراء (ع)
في كتاب عهد عمر إلى معاوية: فأتيت داره مستشيرا لإخراجه منها، فقالت الأمة فضة، وقد قلت لها قولي لعلي يخرج إلى بيعة أبي بكر، فقد اجتمع عليه المسلمون، فقالت: “إن أمير المؤمنين عليا مشغول” فقلت: خلي عنك هذا وقولي له يخرج وإلا دخلنا عليه وأخرجناه كرها فخرجت فاطمة فوقفت من وراء الباب فقالت: “أيها الضالون المكذبون ماذا تقولون وأي شيء تريدون” فقلت: “يا فاطمة” فقالت: “ما تشاء يا عمر” فقلت: “ما بال ابن عمك قد أوردك للجواب وجلس من وراء الحجاب” فقالت لي: “طغيانك يا شقى أخرجني وألزمك الحجة وكل ضال غوي” فقلت: “دعي عنك الأباطيل وأساطير النساء وقولي لعلي: يخرج” فقالت: ” لا حب ولا كرامة، أبحزب الشيطان تخوفني يا عمر وكان حزب الشيطان ضعيفا ” فقلت: “إن لم يخرج جئت بالحطب الجزل وأضرمتها نارا على أهل هذا البيت، وأحرق من فيه، أو يقاد علي إلى البيعة” واخذت سوط قنفذ فضربتها وقلت لخالد بن الوليد: “أنت ورجالنا هلموا في جمع الحطب” فقلت: “إني مضرمها” فقالت: ” يا عدو الله وعدو رسوله وعدو أمير المؤمنين ” فضربت فاطمة يديها من الباب تمنعني من فتحه، فرمته، فتصعب علي، فضربت كفيها بالسوط فآلمها، فسمعت لها زفيرا وبكاء فكدت أن ألين وانقلب عن الباب. فذكرت أحقاد علي، وولوعه في دماء صناديد العرب، وكيد محمد وسحره، فركلت الباب، وقد ألصقت أحشائها بالباب تترسه وسمعتها، وقد صرخت صرخة حسبتها قد جعلت أعلى المدينة أسفلها وقالت: ” يا أبتاه يا رسول الله هكذا كان يفعل بحبيبتك وابنتك، آه يا فضة إليك فخذيني، فقد والله قتل ما في أحشائي من حمل ” وسمعتها تمخض وهي مستندة الى الجدار، فدفعت الباب ودخلت، فأقبلت إلي بوجه أغشى بصري، فصفقت صفقة على خديها من ظاهر الخمار فانقطع قرطها وتناثرت إلى الأرض(1).
ومما يثبت قولنا هذا أنه : كتاب يزيد بن معاوية إلى عبد الله بن عمر
جاء عن البلاذري، أنّ عبد الله بن عمر اعترض على يزيد بن معاوية لقتله الإمام الحسين عليه السلام، فما كان من يزيد إلا أن اتّهمه بالغباء مذكّراً إيّاه بما اقترفه والده عمر بن الخطاب في حقّ فاطمة الزهراء عليها السلام(2).
إخراج أمير المؤمنين (عليه السلام) ثانياً
فاستخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) من منزله(3) مكرهاً مسحوباً(4)، وانطلقوا به(5)، يسوقه عمر(6) سوقاً عنيفاً(7)، ويقوده آخرون كما قال (عليه السلام): “.. كما يقاد الجمل المخشوش(8).. ” وهي عبارة كتبها معاوية في احدى رسائل معاوية الى الامام علي(ع) راجع المصدر في الأسفل إلى بيعتهم، مصلتة سيوفها، مقذعة أسنتها.. وهو ساخط القلب، هائج الغضب، شديد الصبر، كاظم الغيظ(9)، فجيء به تعباً(10)، وفي رواية: يمضي به ركضاً(11).. واجتمع الناس ينظرون، وامتلأت شوارع المدينة من الرجال(12)، فما مرّ بمجلس من المجالس إلاّ يقال له: انطلق فبايع(13).. واتّبعه سلمان وأبو ذر والمقداد وعمّار وبريدة، وهم يقولون: ما أسرع ما خنتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)وأخرجتم الضغائن التي في صدوركم.
وقال بريدة بن الخصيب الأسلمي: يا عمر! أتيت على أخي رسول الله ووصيّه وعلى ابنته فتضربها، وأنت الذي تعرفك قريش بما تعرفك به(14)!!
{وهنا نلاحظ ماذا قال الصحابي بريده الأسلمي لعمر في أنه معروف من قبل قريش بالفظاظة وكل أموره الأخرى وهذا يؤكد ماذهبنا في وصف الخليفة عمر}.
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يتألّم ويتظلّم ويستنجد ويستصرخ(15)، وهو يقول: ” أما والله لو وقع سيفي في يدي، لعلمتم أنكم لم [لن] تصلوا إلى هذا أبداً، أما والله ما ألوم نفسي في جهادكم ولو كنت استمسك من أربعين رجلاً لفرّقت جماعتكم، ولكن لعن الله أقواماً بايعوني ثم خذلوني.. “.(16)
ويقول أيضاً: ” واجعفراه..! ولا جعفر لي اليوم، واحمزتاه..! ولا حمزة لي اليوم.. “.(17)
{ اليس هذا هو وهنا قلة الناصر وكما قال أبنه الحسين(ع) في واقعة الطف “إلا من ناصر إلا من ذاب يذب عن حرم رسول الله ..”ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه في قلة الناصر والعدد وتكار ظلامة أهل البيت والتي اخبرها الحبيب محمد(ص) لأخيه أمير المؤمنين(ع)}
فمرّوا به على قبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، فوقف عند القبر وقال: ” يـ ( ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي )(18) ” فخرجت يد من قبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)يعرفون أنها يده، وصوت يعرفون أنه صوته نحو أبي بكر: ” يا هذا ( أَ كَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُراب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ سَوّاكَ رَجُلا )(19)..؟! ” قال عدي بن حاتم: ما رحمت أحداً رحمتي علياً حين أُتي به ملببا(20)..
وقال سلمان حينما رأى ذلك: أيصنع هذا بهذا؟ والله لو أقسم على الله لانطبقت ذه على ذه [أي السماء على الأرض](21)!!
وقال أبوذر: ليت السيوف عادت بأيدينا ثانية.(22)
فخرجت فاطمة (عليها السلام) واضعة قميص رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) على رأسها آخذة بيدي ابنيها ـ وهي تبكي وتصيح فنهنهت من الناس ـ فما بقيت هاشمية إلاّ خرجت معها فصرخت وولولت ونادت: ” يا أبا بكر! ما أسرع ما أغرتم على أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم).. والله لا أكلم عمر حتى ألقى الله(23).. خلّوا عن ابن عمّي..، مالي ولك يا أبا بكر؟! أتريد أن تؤتم ابنيّ وترملني من زوجي؟! والله لئن لم تكف عنه لأنشرنّ شعري، ولا شقنّ جيبي، ولآتينّ قبر أبي، ولأصيحنّ إلى ربّي.. فما صالح باكرم على الله من ابن عمّي، ولا ناقة صالح بأكرم على الله منّي، ولا الفصيل بأكرم على الله من ولدي.. ” فقال علي (عليه السلام) لسلمان: ” أدرك ابنة محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فإني أرى جنبتي المدينة تكفئان، والله إن نشرت شعرها، وشقّت جيبها، وأتت قبر أبيها وصاحت إلى ربّها، لا يناظر بالمدينة أن يخسف بها وبمن فيها.. ” فأدركها سلمان (رضي الله عنه) فقال: يا بنت محمّد! إن الله بعث أباك رحمةً.. فارجعي.
فقالت: ” يا سلمان! يريدون قتل علي، ما عَلَيّ صبر “.
فقال سلمان: إنّي أخاف أن يخسف بالمدينة، وعلي (عليه السلام) بعثني إليك يأمرك أن ترجعني إلى بيتك.
فقالت:” إذاً أرجع وأصبر وأسمع له وأُطيع “.(24)
والى هنا نقف لتبدأ بعدها مراحل مرض الزهراء ولتكون اول الملتحقين بابيها الرسول محمد(ص) كما أخبرها أبيها قبل وفاته والتي أمة محمد لم تحافظ على وديعة وبضعة نبي الرحمة محمد(ص) وتنكروا لكل ما أوصى به نبيهم واخذ المواثيق ولكن حب الدنيا ومغانم السلطة هي التي حركت أهواء حزب السلطة والحكم لتبدأ مرحلة النكوص والتراجع القهقري لكل تعاليم ديننا الحنيف وما أوصى به الله سبحانه وتعالى ورسوله الأكرم محمد(ص) ولتبدأ صفحات القتل واصطباغ كل صفحات تاريخنا بالدم ولحد وقتنا وبصورة أشد واوطأ.
وفي النهاية عسى هذا البحث المتواضع ان يكون لي خير لي عند سيدتي ومولاتي فاطمة الزهراء(عليها السلام) وفي كشف ولو قدر ضئيل من الحقيقة التي يحاول المبطلون ومن وعاظ السلاطين تزويرها وتحريفها.
والسلام عليك يا سيدتي ومولاتي فاطمة يوم ولدت.
ويوم تزوجت بأمير المؤمنين ويوم ولدت ابناك الحسنان وأم المصائب زينب.
والسلام عليك يوم استشهدت بغصب حقك واسقط محسنك وكسر ضلعك.
والسلام عليك يوم تبعثين حية لتغض رؤوس الخلق كلها عندما تمرين وينادي صوت من بطنان العرش انه غضوا رؤوسكم لتمر حبيبتي وسيدة نساء العالمين الزهراء. وهنالك يخسر المبطلون الذين استشهدت وانتِ عليهم غاضبة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر :
1 ـ بحار الأنوار ج 30 ص 293, بيت الأحزان ص 120, العوالم ج 11 ص 605.
2 ـ العلامة الحلي، نهج الحق وكشف الصدق، ص 256.
3 ـ المسترشد: 381 ; الاحتجاج: 86.
4 ـ الهداية الكبرى: 138 ـ 139.
5 ـ شرح نهج البلاغة: 6 / 11.
6 ـ المسترشد: 378 ; شرح نهج البلاغة: 2/50 و 6/47.
7 ـ شرح نهج البلاغة: 6/49.
8 ـ هذه العبارة موجودة في كتاب معاوية وجواب أمير المؤمنين (عليه السلام) له، راجع وقعة صفّين: 87 ; الفتوح، للأعثم الكوفي: 2/578 ; العقد الفريد: 4/308 ـ 309 (دار الكتاب العربي) ; نهج البلاغة: 122 ـ 123 ; الفصول المختارة: 287 ; تقريب المعارف: 237 ; المناقب للخوارزمي: 175 ; الاحتجاج: 171 ; شرح نهج البلاغة: 15/74 و 183 ; صبح الأعشى: 1/228 ـ 230 ; جواهر المطالب: 1/357، 374 ; الصراط المستقيم: 3/11.
9 ـ مصباح الزائر: 463 ـ 464.
10ـ تاريخ الطبري: 2/203.
11ـ شرح نهج البلاغة: 6/45.
12ـ شرح نهج البلاغة: 6/49.
13 ـ شرح نهج البلاغة: 6/45.
14 ـ كتاب سليم: 251.
15 ـ شرح نهج البلاغة: 11/111، عن كثير من المحدّثين.
16 ـ كتاب سليم: 85 ; بحار الأنوار: 28/270.
17 ـ شرح نهج البلاغة: 11/111.
18 ـ [ الأعراف : 150 ].
19 ـ بصائر الدرجات: 275 ; الاختصاص: 275 ; المناقب: 2/248 ; الكشكول للآملي: 83 ـ 84 والآية الشريفة في [ سورة الكهف: 37 ].
20 ـ الشافي: 3/244 ; تلخيص الشافي: 3/79.
21 ـ الاختصاص: 11.
22 ـ رجال الكشي: 1/37.
23 ـ شرح نهج البلاغة: 2/56 ـ 57 و 6/49.
24 ـ راجع تفسير العياشي: 2/67 ; الاختصاص: 186 ; الكافي: 8/237 ; المسترشد: 381 ; المناقب: 3/339 ـ 340 ; الاحتجاج: 86 ـ 87. حلية الاولياء ج1 ص 65، أسنى المطالب ص 14، وللحديث مصادر أُخرى كثيرة مذكورة في إحقاق الحق ج 5 ص 516 – 521 و ج 16 ص 310 – 314.