ادهم ابراهيم
بعد اكثر من اثني عشر عاما من الازمات والحروب في سوريا ، تبادر بعض الدول العربية لاعادتها الى محيطها العربي .
ورب سائل يسأل هل كانت الصراعات فيها عبثية وحان الوقت لتجاوزها ، ام ان هناك اسبابا جديدة تفرض نفسها على الوضع السوري . خصوصا بعد المصالحة السعودية الايرانية والحرب الاوكرانية ؟
ام الرغبة في اخراج الوجود الايراني والتركي من سوريا لاعتبارات عربية ودولية ؟
النظام السوري المدعوم من إيران وروسيا ، مازال معزولا عن محيطه العربي والاقليمي ويعاني من عقوبات امريكية واوروبية لايمكن تجاوزها . ومخلفات حرب اهلية تسببت في هجرة الملايين الى الدول المجاورة واوروبا تتطلب حلولا جذرية لاترقيعية .
وقد كانت هناك مبادرات عديدة في الخفاء والعلن لإيجاد حل سياسي للصراع الاقليمي والدولي فيها باءت كلها بالفشل .
سوريا المقسمة فعليا من الناحية الواقعية بين مناطق نفوذ امريكية وروسية وايرانية وتركية ، اصبحت الان محط انظار الدول العربية ، وخلفها المصالح الدولية والاقليمية .
ويبدو ان بعض الفرقاء المعنيين بالوضع السوري اصبح لديهم الرغبة في عودة سوريا الى الحضن العربي مجددا .
قد تكون سياسة المملكة العربية السعودية فيما يخص تصفير الازمات في المنطقة ، هي الدفعة التي يبحث عنها النظام السوري ، من الناحية الاقتصادية على الاقل . ولكن ذلك لن يأتي دون ثمن مما يتطلب بالتأكيد ان تنأى دمشق بنفسها عن طهران .
وقد كانت هناك دعوات متقطعة للمصالحة مع النظام السوري، عندما قامت البحرين بتبادل السفراء . وكذلك اعادة فتح المعبر الحدودي مع الاردن لتعزيز التبادل التجاري بين الاردن وسوريا .
كما كانت زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى دمشق في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بمثابة تغيير في العلاقات الدبلوماسية بين الطرفين .
ورغم ذلك فمازالت الولايات المتحدة ترفض التطبيع مع النظام السوري .
لا احد يعلم مآل التحركات الجارية لعودة سوريا الى الجامعة العربية . وقد اختصر وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان هذا الموضوع بقوله “لا يوجد بعد مسار واضح لتحقيق كل أهدافنا ، ومن هنا ضرورة تحقيق هذا الهدف من خلال الحوار مع سوريا”.
ويأتي التقارب السوري مع الدول العربية في أعقاب المصالحة السعودية الإيرانية ، خصوصا بعد رغبة النظام السوري للتقرب مع الإمارات ودول الخليج الأخرى .
ولكن كيف سيلتزم النظام السوري بالشروط المطلوبة كحد ادنى .
فهل سيتخلى عن الوجود الايراني اوالعلاقات الاقتصادية الوثيقة معها ؟
وهل لديه الرغبة الحقيقية لإبعاد حزب الله اللبناني والميليشيات الموالية لإيران عن الساحة السورية ؟
وهل هو قادر فعلا على ضبط الحدود وايقاف او منع تهريب الكبتاغون الى الدول المجاورة ؟
اواجراء مصالحة حقيقية ، والسماح للاجئين بالعودة إلى مدنهم وقراهم؟
كل هذه الاسئلة مازالت بحاجة الى ايجاد اجوبة عليها !
وفي المقابل تأتي زيارة الرئيس الايراني لسوريا مؤخرا لتأكيد الوجود الايراني في سوريا ، واشارة واضحة للدول العربية بعدم تجاوز او اهمال العلاقات السورية الايرانية الوثيقة . خصوصا وأن الدول العربية ليس لها نفوذ فاعل داخل الاراضي السورية ، على عكس روسيا وإيران وتركيا والولايات المتحدة ، التي اوجدت لها قواعد وقوات في مختلف مناطق الدولة .
من كل ذلك يتضح صعوبة احراز تقدم كبير في عودة سوريا بالكامل الى محيطها العربي في الوقت الحاضر . وان الامر يتطلب جهدا” كبيرا” على المستوى العربي والإقليمي ، خصوصا وان بعض الدول العربية مازالت رافضة للتطبيع معها .
رغم ان الحاجة لضمان الامن العربي ومواجهة التحديات الكبيرة التي تواجهها المنطقة العربية تتطلب اعادة اللحمة العربية .
ولكن تجري الرياح بما لاتشتهي السفن
ادهم ابراهيم