بقلم: علي جابر الفتلاوي
عبارة صادقة ومعبرة وهادفة قالها الدكتور محمود المشهداني رئيس مجلس النواب السابق، وهو يتحدث عن مشروع الكونجرس الأمريكي لتقسيم العراق، وأضاف المشهداني : (( سيكون التقسيم بداية لصراع عراقي عراقي رهيب حول الحدود والمصالح، والرابح الوحيد من كل هذا هو إسرائيل .. وجميع القادة يعلمون هذا، ولكن عند أمن إسرائيل تسكب العبرات))، ونضيف على كلام المشهداني، بل تباع أوطان وكرامات وحتى الشرف للبعض من الساسة الأعراب، وتوابعهم في العراق من أجل سيدتهم إسرائيل .
موضوع مقالتنا تأثير النفوذ اليهودي الصهيوني على الرؤساء الأمريكان والأوربيين، واخترنا مقولة للدكتور المشهداني عنوانا للمقالة، المعروف أن الصهيونية حركة دولية يهودية سياسية تعد فلسطين وطنا قوميا لليهود، واللوبي اليهودي له تأثير كبير في السياسة والقرار الأمريكي والأوربي، وبعض المسؤولين المسيحيين في هذه الدول متصهينون أكثر من اليهود، وهناك وسائل خاصة باليهود يستخدمونها للتأثير والسيطرة على الساسة والمسؤولين، الحركة المنظمة لهذه الفعاليات هي الماسونية العالمية المتخفية والتي يديرها اليهود، فلا تستغرب عندما تجد حاكما عربيا مسلما مطيعا لليهود بل مطيع لخدام اليهود، أما الحاكم المسيحي فلن يكون حاكما إن لم يكن وفيا لليهود، وملبيا لطلباتهم وطموحاتهم، وهذا الكلام يشمل أمريكا وأوربا وقد يتجاوز إلى دول خارج أوربا، الحكومة الأمريكية وجميع الحكومات الغربية لن تستطيع الخروج عن طوع النفوذ اليهودي الصهيوني، ومن يخاطر من السياسيين والمسؤولين، التقاطع مع المصالح اليهودية الصهيونية، يعرّض حياته للخطر، وعلى أقل تقدير تنهي الصهيونية بريقه السياسي بوسيلة من وسائلها الكثيرة والمعدة لهذا الغرض، ومنها المال والجنس والإعلام إضافة إلى الجريمة المنظمة، وهذا ما حصل في أمريكا فقد اغتيل الرئيس جون كنيدي في ظروف غامضة، وأجبِر مسؤولون في الإدارة الامريكية على الاستقالة بسبب فضائح جنسية، وهذا هو أسلوب اليهود في التعامل مع المسؤولين إن لم يعجبهم أداء المسؤول، لهذا نجد الرؤساء في أمريكا والغرب يلبون المطالب الصهيونية، ويعملون لتحقيق أهدافها وهم صاغرون .
كتبتْ في نفس هذا المحورالباحثة العراقية المسيحية( إيزابيل بنيامين ماما آشوري ) المختصة في علم اللاهوت مقالة أجابت فيها عن بعض الأسئلة، فيما يخص تأثير اليهود في القرار السياسي الأمريكي والأوربي، وعن تجاوزات اليهود على السيد المسيح، وعدم الردّ من المسؤولين المسيحيين السياسيين والدينيين خوفا من اليهود، وكان أحد الأسئلة ما هو موقف اليهود لو طعن مسلم أو مسيحي بالتوراة؟
نقتطف أسطرا من مقالتها لعلاقة ذلك بمقالتنا، وإيزابيل باحثة منصفة ومحققة تعتمد المصادر التأريخية بعد تدقيقها وتمحيصها، لتزود القارئ بالمعلومة الصحيحة، وقد انتقدت الكثير من الأفكار غير السليمة والتي تعد مقدسة في الديانتين اليهودية والمسيحية، وحتى الإسلامية فيما يتعلق بالفكر الإسلامي المتطرف، ولعلاقة مقالتنا بما أثارته إيزابيل، وأهمية مقالتها السياسية والإجتماعية ننقل جزءا من مقالتها التي نشرتها في الموقع الإلكتروني ( كتابات في الميزان ) :
((اليهود لا يعترفون بيسوع ولا إنجيله، فهو في نظرهم كذاب وأمه زانية، وهو الآن يُعذّب (بالبراز المغلي) – الغائط – في تابوت في قعر جهنم .
أما المسيحي فلا يستطيع أن يرد على اليهودي في اتهامه ليسوع وأمه، فهو يرتجف أمامه ويخشاه وعالم المسيحية برمته لا يستطيع أن يمس رمزا يهوديا واحدا، وبابا الفاتيكان يقبّل يد الحاخام ويجلس على كرسي أدنى منه .
وإليك مثالا واحدا من بين مئات الأمثلة :
تصور أن أوربا عندما قررت توحيد عملتها، اقترحت كل دولة أن تضع صورة مشاهيرها من أدباء وفنانين وجسور وآثار تأريخية وشعراء وغيرهم، فكانت من بينها صورة ( وليم شكسبير )، حيث تم وضعها على عملة خمسة يورو وكذلك اليورو، ولكن قيامة اليهود قامت فجبُنت أوربا كلها، وتراجعت وسحبت العملة وهي تقدر بالمليارات، وتكبدت خسائر فادحة لأن اليهود اتهموا كل أوربا المسيحية وبلا استثناء بأنها معادية للسامية – (وهي التهمة الجاهزة عند اليهود) – لأنها وضعت صورة شكسبير الذي يصف اليهود بالجّزارين المرابين من خلال شخصية شايلوك في قصة تاجر البندقية – (ولا أدري لماذا لا يعد الساسة المسيحيون الذين يرتجفون خوفا من اليهود رأي شكسبير هذا ضمن حرية الرأي؟ في حين عدّوا الإساءة للرسول محمد وللقرآن ضمن حرية الرأي، لكن اليهود يفصلون وعلى الآخرين أن يلبسوا من دون اعتراض، وإلا فالمعترض معاد للسامية) – وهكذا تم إلغاء العملة برمتها واسقطوها هلعا من اليهود، ولكني أحمد الرب حيث حصلت على واحدة من فئة ( يورو ) عليها صورة شكسبير.
أوربا أكثر من خمسمائة مليون مسيحي ترتجف من يهودي واحد تكلم في سفارة معترضا على صورة شكسبير فركعت أوربا . ))
ولم تذكر الباحثة إسم السفارة التي تكلم منها هذا اليهودي الذي ارتجف من كلامه مسيحيو أوربا، طبعا تعني الباحثة أن هذا اليهودي اتهم أوربا بمعاداة السامية، وتضيف الباحثة إيزابيل التي تنتصر للحق والحقيقة:
(( مثال آخر على عجرفة اليهود :
تصور برلسكوني اليهودي الإيطالي رئيس وزراء إيطاليا لعدة دورات امتلك من ثروات إيطاليا أكثر من ستين مليار دولار. وكانت إيطاليا على وشك الانهيار وتتضور جوعا وبحاجة إلى ثلاثة عشر مليارا، فلم يقرضها برلسكوني وعندما سألوه ولكنك رئيس وزراء إيطاليا والبلد بحاجة لدعم، والناس تموت من الجوع، فقال:
(هذه أموال إسرائيل) . . فمن يجرأ على نقد التوراة .
وحتى االمسلمين فلو قاموا باتهام التوراة بالتزوير فسوف تقوم السعودية بالدفاع عن التوراة وتقوم بطبع مصحف مزور .)) وهنا إشارة مهمة من الباحثة إلى أن الحكام الوهابيين في السعودية هم لعبة يهودية، لا يترددون في تنفيذ أي مطلب يهودي صهيوني، وواقع الأحداث يثبت هذه الهوية للوهابيين .
المقطع السابق من مقالة إيزابيل إجابة عن تساؤل لو أن جهات مسيحية أو مسلمة نسبت التزوير إلى التوراة ما هو موقف اليهود من ذلك ؟ وطرح تساؤل آخر في نفس المقالة عن الحكومات الغربية وخوفها من اليهود، فأجابت الباحثة إيزابيل في باب التعليقات : (( بالنسبة للحكام في هذا العالم إلّا من أحاط به شعبه، كل الحكام يخشون اليهود، لأن هؤلاء الحكام جبناء خانعون، (و)لكل زعيم منهم أشرطة وتسجيلات تطيح به وتدفعه للانتحار، هم ( وتعني اليهود ) يصنعون من الشاذين الفسقة الفجرة المجرمين المنحطين يصنعون منهم زعماء، ويقف الإعلام والمال وراء ذلك، وعندما يوصلونه إلى ما يريد يكون مدان لهم، ينفذ لهم كل ما يطلبونه وهو صاغر راكع ساجد لهم، كل قرارات الزعماء هي قراراتهم، وأصبحت المسألة علنا، كل زعيم لابد أن يذهب إلى حائط المبكى للبيعة، وكل بابا فاتيكان لا يكون بابا مالم يوافق على الشروط ويذهب إلى حائط المبكى ويدحس ورقة هناك، ولا أقصد الزعماء العرب فهؤلاء لا يملكون أي شيء أبدا، إنما هم خدم لخدام اليهود، وحراس أمناء على ثروات بلادهم لسحبها من باطن الأرض وتقديمها بأبخس الأثمان، وإنما أقصد الزعماء الغربيين ممن تمتلك دولهم القدرة العسكرية والإقتصادية وتتحكم بمصائر الشعوب بالإنقلابات والاغتيالات والتسقيط والتشهير والتشويه، كلها من أسلحتهم الفتاكة وقت الحاجة، في هذا العالم يوجد بشر ظاهرا ولكنهم باطنا تتلبسهم أرواح الشياطين فتوحي لهم وهم ينفذون .
أما برلسكوني فإن اليهودي وما يملك ملكا لإسرائيل .))
من خلال هذه المؤشرات في تقديري يخطأ من يظن أن الإدارة الأمريكية هي من توجه إسرائيل في سياستها، أرى العكس اللوبي اليهودي الصهيوني هو من يوجه السياسة الأمريكية، كما أنّ المال الذي تجنيه أمريكا من دول الخليج العربية يذهب إلى جيوب اليهود الأمريكان وإسرائيل، هؤلاء الحكام الأعراب في الخليج لم يصلوا لمرحلة خدام اليهود، بل هم خدام لخدام اليهود، وقد أصابت الباحثة إيزابيل في هذا التعبير، فهم ذيول لأمريكا خادمة الصهيونية واليهود، ومخالب لها تحركهم في الإتجاه الذي تريد، وبما أن الإرهاب والأحزاب الإسلامية المتطرفة من إنتاج فكر التكفير الذي يؤمن به حكام الخليج نراهم يدعمون هذه المنظمات الإرهابية، وكذلك الأحزاب الإسلامية المتطرفة بمختلف وسائل الدعم، لقد تحولت جميع منظمات الإرهاب مع الأحزاب والجماعات الإسلامية المتطرفة لخدمة الأهداف الأمريكية والصهيونية، وقد صدرت بالفعل فتاوى من هذه المنظمات والجماعات الإرهابية تحرّم قتال الصهاينة في فلسطين، وتدفع باتجاه قتل المسلم المختلف الآخر، وعدت قتل المسلم المختلف واجبا مقدسا، لقد رحب اليهود الصهاينة بهذا الفكر التكفيري فاحتضنوه وشجعوه ووظفوه لخدمتهم، وعوّلوا عليه كثيرا كمعول هدم من داخل الجسد العربي الإسلامي، ويدخل ضمن الأحزاب الإسلامية التي تخدم أمريكا والصهيونية، جماعة الأخوان المسلمين بكل مسمياتهم، مثل حزب العدالة والتنمية التركي برئاسة أردوغان .
ما نشهد اليوم من حروب وقتل وتدمير وتمزيق لوحدة الشعوب خاصة في العراق وسوريا والبحرين واليمن وليبيا ومصر هو من إنتاج منظمات الإرهاب المدعومة من حكومات الخليج النفطية، إضافة إلى الحكومة التركية المنتمية فكريا لجماعة الأخوان المسلمين تحت مسمى ( حزب العدالة والتنمية )، الإندفاع التركي في دعم الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، لم يكن بدوافع مصلحة الشعب التركي بل بدوافع الإنتماء للفكر الإسلامي المتطرف، وهؤلاء جميعا خدام لليهود الصهاينة، والصحيح خدام لخدام اليهود الصهاينة، ليس هذا فقط بل الإسلام التكفيري وأدعياؤه بخدمة الأهداف الأمريكية الصهيونية، وقد ثبت في الميدان أن إسلام التكفير بأي مسمى كان هو إسلام أمريكا وإسرائيل .
تتحرك الصهيونية لتفيذ مشاريعها بقناع أمريكي، وما على أمريكا إلا التنفيذ، الصهيونية تسعى لتمزيق كل البلدان العربية المحيطة بإسرائيل وتحويلها إلى دويلات صغيرة متصارعة، لجعلها في حالة اقتتال دائم كي تنعم إسرائيل بالأمن والسلام، تدخل دعوة الكونجرس الأمريكي الأخيرة لتقسيم العراق إلى دويلات طائفية وقومية، ضمن مشروع المحافظة على أمن إسرائيل، كي تكون الدولية السنية المفترضة، وكذلك الكردية مصدّا بوجه إيران التي تخشاها إسرائيل، مع إقامة قواعد ومراصد للمراقبة لصالح أمريكا وإسرائيل، ولتحقيق هذا الهدف ما على اللوبي الصهيوني في أمريكا إلا النفخ في البوق الأمريكي، حتى يخرج الصوت الأمريكي مناديا بما تريد وتتمنى إسرائيل، أما تركيا أردوغان التي تتنافس مع السعودية في تزعم حركة الإسلام التكفيري، ترحب بالفكرة على اعتبار أن الدويلتين السنية والكردية ستكونان تحت نفوذها، وعلى أقل تقدير ستكون الدولية الكردية تحت نفوذها، إذا تحولت الدولية السنية تحت النفوذ السعودي.
الملفت للإنتباه فيما يتعلق بتقسيم العراق وسوريا واليمن نرى تطابق الأمنيات الأمريكية الصهيونية مع الأمنيات التركية السعودية وبقية حكام الخليج، لكن المخجل المخزي موقف بعض السياسيين العراقيين السنة الذين اتفقوا مع الأطراف المعادية فيما يخص تقسيم البلد، ليمحوا اسم العراق من الخارطة إكراما لعيون إسرائيل، فحطموا ودمروا محافظاتهم بعد أن سلموها إلى داعش، بحجة المطالبة بالدولية السنية، وقد تطرق إلى هذه الحالة الشاذة للسياسيين السنة وبعض من يدّعون أنفسهم علماء دين، الشيخ قيس الخزعلي في كلمته الأخيرة مساء يوم( 18 / 5 / 2015 م )، بمناسبة تسليم الأنبار من قبل بعض الخونة إلى داعش، فعاثوا في الأنبار تخريبا وفسادا، فسقطت بذلك أكذوبة تسليح العشائر للدفاع عن الانبار، لقد انكشف الزيف وتوضحت الصورة .
لكن الشعب العراقي واع للمشروع الأمريكي الصهيوني، ولأدواتهم ومخالبهم من الحكام في المنطقة، وعملاؤهم داخل العراق، سيفوت الشعب الفرصة على أعداء العراق، وسيخرج منتصرا سيما بعد حراك الحشد الشعبي البطل لتحرير الأنبار، رغم أن خونة الشعب العراقي وأعداء العراق، لا يريدون لداعش أن تخرج من العراق قبل تطبيق مشروع التقسيم، لأن داعش خلقت لأجل تقسيم دول المنطقة حفاظا على أمن إسرائيل. و (( عند أمن إسرائيل تسكب العبرات )) .