رواء الجصاني :
عن مركز الجواهــري

    عادة ما يكتب المعنيون، والموثقون، سيرهم وذكرياتهم، منطلقين من البدايات، وها أنت تقلب الآية – ايها الرجل- فتكتب من الآواخر، وتبتدئ  بها، فهي أعز عندك، وعليك، حصاد عمر زاهٍ .. وتعني بذلك تأسيسك لمركز الجواهري الثقافي في براغ، منبراً متفرداً، للعناية بتراث وأرث الشاعر العظيم .

   ولتتباهَ من جديد،  بأنك كنت بمفردك وراء الفكرة والانطلاقة، والمتابعة، ومنذ عام 2000 وما برحتَ، والى اليوم. ولا تنسَ قضية التمويل، ولتصرحْ بان كل ما عندك من مال (وهل لديك منه اصلاً!!) قد وُهب لمشروع العمر، وكم شمخت، وتشمخ  اكثر، حين تسجل للتاريخ هنا، بأن لا احد، لا من الاقربين ولا من الابعدين، قد ساهـم بدعم مادي لهذا المنبر الذي علا ويعلو صوته وعطاؤه كل يوم ويوم، ولا حاجة لك بهم، سوى ان يكفوا عنك، حسدا، على الاقل.. ولكن فلتستدرك هنا، وتذكر بالحسنى، وعلى الاقل ايضا: نسرين وصفي طاهر وعدنان الاعسم، اللذين استمرا وحيديّن خارج السرب، مشاركيّن في الجهد  التحريري والكتابي، والتنفيذي لمركز الجواهري ذي الصيت والصوت.. وكذلك هي حال  المستعرب، والمترجم  التشيكي المتميز، الفقيد يارومير هايسكي. اما مؤسسة بابيلون للاعلام فقد كانت وما زالت من يحتضن المركز، موقعا وادارة ومتطلبات اخرى ..

   … ثم توقف ايها الرجل، وترجل، ولا تأخذ الناس بالمديح والعموميات، وسجل ولو قليلاً عن بعض ما قمت به، والمركز من نشاطات، ولتعدد وحسب ان من بينها، ودون تسلسل زمني حالياً :

–    الشروع بتوثيق نحو اربعة الاف ورقة ورسالة، وصورة، للجواهري، لا نسخ اصلية لها سوى في المركز.

–   اتمام 85 حلقة عن الشاعر الخالد تحت عنوان ” الجواهري … ايقاعات ورؤى” بُثت في اعوام 2009-2011 من اذاعة  “العراق الحــر” في براغ .

–    نشر 50 حلقة اسبوعية عن الجواهري في صحيفة “التآخــي” البغدادية عامي2007-2008 .

–    المساهمة في مسلسلات وبرامج توثيقية خاصة عن الجواهري، والمشاركة المباشرة فيها، لفضائيات عديدة من بينها: السومرية، الجزيرة، المستقلة، والشرقية.

–    انجاز كتاب تحت عنوان” الجواهري، قصائد وتاريخ ومواقف ” بالتعاون مع كفاح الجواهري، النجل الثالث للشاعر العظيم.

–   – إتمام فعالية استذكار باهرة في براغ، بشهادة الجميع، بمناسبة مرورعشرة اعوام على رحيل الجواهري الخالد، ومن ابرز الذين شاركوا فيها: المبدعان الألِقان: عبد الكريم كاصد، وعباس الكاظم، والمستعربان التشيكيان القديران: ياروسلاف اوليفريوس، وليبوش غروباتشيك.

… اما الابرز من كل هذه وتلك من انجازاتك – ايها الرجل- وبأسم المركز، فهما قضيتان حظيتا، وتحظيان، لدى المتابعين، وممن يهمهم الامر حقاً، لا ادعاء. أولاهما انقاذ البيت، المُلك، الاول والاخير، للجواهري في العراق ( بغداد – حي القادسية ) من البيع، والهدم لاقامة مشروع تجاري مكانه. وبمبادرتك التاريخية وما ترتب عليها، وبتضامن المحبين، مثقفين وشعراء وفنانين وشخصيات عامة، قررت أمانة بغداد عام 2010 استملاك البيت، واعتباره مبنى تراثياً، وسلمت بدله المالي نقدا الى الورثة، من بنات وأبناء الشاعر الخالد، اواخر العام 2011. 

    اما القضية الثانية، والمعنوية هذه المرة، فهي قيامك – ايها الرجل الموثق- باختيار وتنسيق ابيات من شعر الجواهري الخالد، لتقدمها مشروع نشيد وطني، وطني، للعراق الجديد، وقد اتفقت اللجنة المعنية في البرلمان العراقي – او كادت – على اختيار ذلك النص بعد تداولات ومشاورات طويلة، واخرها عام 2013 وما برح الامر تحت وصاية البرلمان الجديد..

   وخلاصة لهذه المحطة من ضفاف الذكريات والسيرة، فلتقل – ايها الرجل- كم ثمة تفاصيل اخرى، جميلة ومؤلمة في آن، حول مركز” الجواهري” ببراغ، ومؤكدٌ إن وقت البوح بها سيحين، ولو تأخر، فالتاريخ شاهد حق، عزوف عن الصمت !!!.

12- في اجواء الثقافة والمثقفين

      والان فلتعد الى بعض لمحات خاطفة عن شؤون ثقافية لها علاقة بك، ولك علاقة بها – ايها الرجل- طوال عقود، ابتداء من انغمارك هاوياً في الكتابة والصحافة، ولا تكرر ما تطرقت اليه في حلقات سابقة من هذه الضفاف على السيرة والذكريات. ولكن لا بأس ان تستطرد قليلاً فتشير الى مكتبتيك التى فيهما ما فيهما من اصدارات ومؤلفات ومخطوطات ومجلدات، واحدة اينعتها في بغداد وحتى الاغتراب اواخر العام 1978  الى براغ، حيث اينعت فيها ايضا مكتبة يكفي ان تقول عنها انها الاولى والاخيرة في بلاد التشيك، لما تضمه من كتب واهداءات ونوادر المحتويات.. وكم شغل بالك- ويشغله- الى من ستؤول تينك المكتبتان، بعد ان يطول بك العمر !!!!.

      وما دام الحديث سالكا في الشأن الثقافي والادبي، فأتعب الناس من جديد- ايها الرجل-  و”أضجرهم”  بالحديث عن “شقشقياتك” الشعرية، في تلكم الايام والليالي، من تلكم الاعوام، ولا تسترسل، وتذكر ما قاله الجواهري في احدى حالاته: “أني اخاف عليّ بعض شهودهنّه”…  كما تذكر عموم كتاباتك وتوثيقاتك ذات الشأن الثقافي، ومشاركاتك في العديد من الفعاليات ذات الصلة، عامة وخاصة، ومن اهمها على ما تزعم، احتفائية اربيل عام 2000 بذكرى مئوية الجواهري مع كتاب وشعراء وفنانين وسياسيين بارزين، ولعل ما يغطي بعض شؤوون تلكم الفعالية المهيبة، ما قد نشرته في صحيفة الزمان اللندنية، ثم وعلى مواقع اعلامية عديدة، تحت عنوان ” حين احتفل الكرد بمئوية شاعر العرب الاكبر” بعيد ايام من اتمام الحدث.

     كما ولتؤرخ هنا ايضا- ايها الرجل- عن مشاركاتك في العديد من فعاليات رابطة الكتاب والصحفيين والفنانين العراقيين في اوربا،  والخارج، خلال عقد الثمانينات، ومنها رئاسة فرع تلك الرابطة في  تشيكوسلوفاكيا، عام 1988 والتي ضمت هيئته الادارية:حسين العامل وقيس قاسم ورزكار محمد.. ولتشرْ ايضا الى مشاركتك مع عبد الاله النعيمي، وحميد برتو،  في ملتقى  الرابطة الاوربي في برلين عام 1989 وكذلك في عدد من اجتماعاتها التنظيمية الاخرى مع نخبة من المعنيين، صحفيين وكتاباً وفنانين .. ولا تفوتك ان تؤرخ ايضا  فتتذكر ان من بين اعضاء  فرع الرابطة ببراغ، وداعميها، الراحلون الاعزاء: اضافة الى زكي خيري ومحمود صبري: شمران الياسري وقادر ديلان وعادل مصري ومحمود البياتي، ومصطفى عبود …  والحح، وشرْ، ان من بين نشاطاتك الحيوية في  الرابطة ، ببراغ، اواخر الثمانينات الماضية، تنظيم وادارة ندوة مهيبة وسط براغ تحدث خلالها المفكر والرائد الكبير محمود صبري عن نظريته “واقعية الكم” وشارك فيها مفيد الجزائري، وبحضور جمهور غفير ندر ان تجمّع في مثل تلك الفعاليات. كما  تحدث عن اصدار نشرة “مرافئ” التي “هيمن” عليها لاحقا صادق الصايغ، ليحولها من براغية محلية، الى صوت اوربي، اضافي، للرابطة. وقد استقطبت اهتماماً لافتاً لما كانت عليه اعدادها من فحوى وشكل، تميزا بجهد حريص ..

     ولتتـــوقف هنا،  وتتباهى مجددا – أما شبعــت من التباهي ايها الرجل ؟!-  بعلاقات وثقى زاهية مع عشرات المثقفين والشعراء والفنانين، العراقيين الباهرين.. وأذا ما فات عليك استذكار لمحات ومحطات ثقافية “مهمة” اخرى، فما عليك ألا و تستدرك ذلك في حلقة قادمة، ما دمت قد أزمعت ان توثق جملة من الاضافات، تشمل مالم تسعف به الذاكرة، فتشملها حلقات هذه الضفاف على السيرة والذكريات.

————————————————————– يتبع